مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 05-10-2006, 07:56 AM   #9
مدرعم
Guest
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
المشاركات: 97
وهاذي الثالثه ياشيخ عمر أحسن الله عملك .

الهيئة ومثقفو السعودية وجهاً لوجه


ولأشهر خلت كان الحديث عن تجاوزات الهيئة في أوجه داخل تجمعات المثقفين السعوديين حتى وصلت المعركة إلى صفحات الجرائد بين الهيئة والكتاب السعوديين الذين تحدثوا عن تجاوزات الهيئة بالاعتداء المباشر على الأشخاص المقبوض عليهم دون التثبت من جرمهم عبر الطرق القانونية المتبعة في المملكة العربية السعودية، وخصوصاً ذلك الجدل الهادئ الذي دار بين الهيئة والكاتب السعودي رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية سابقاً قينان الغامدي حول قضية الاعتداء على شخص برفقة زوجته من قبل أفراد الهيئة.

وكانت صحيفتا الوطن وعكاظ السعوديتان في مرمى النيران الأصولية التي أيدت الهيئة في معركتها ضدهما على خلفية نشر أخبار صحافية عن تجاوزات أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقامت الهيئة في الرد عليها واعتبارها أخباراً غير صحيحة.

كما أن المفارقة هنا أن كاتباً سعودياً آخر لم ينجُ من هجمة الهيئة ومناصريها رغم أنه ينتمي إلى السلالة الوهابية للشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي يفاخر أغلب أفرد الهيئة في الالتزام برؤيته الدينية للإسلام، ألا وهو الكاتب السعودي محمد آل الشيخ الذي كتب غير مرة منتقداً الممارسات السلبية التي يقوم بها أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحق أفراد المجتمع السعودي.

وكتب آل الشيخ في ركنه النحيل داخل صحيفة الجزيرة السعودية:"
في العمل المؤسساتي، يجب أن تطالَ المسؤولية والمحاسبة كل المستويات الإدارية، خصوصاً وأن ظاهرة (تعديات) أفراد الهيئة على المواطنين أصبحت على كل لسان، يتحدث عنها ويتذمرُ منها الجميع، ولولا أن أولئك الذين يتربّصون بالناس، ويراقبونهم، ويتصيّدون زلاتهم، ويتلذذون بكشف (عوراتهم)، مدعومون من كبار مسؤوليهم المباشرين لما وصلَ الأمر اليوم إلى ما وصل إليه. أما إذا كان مسؤولو الهيئة آخر من يعلم عن مثل هذه التجاوزات، وقد بلغت هذا الحد الذي يندى له الجبين، فهذه بحدِّ ذاتها (مصيبة) تدينهم قبلَ أن تبرئهم!

والشأن الأهم من كل هذا الذي ربما أنه يخفى على البعض، أن مثل هذه التصرفات (البوليسية) و(التنفيرية) التي أصبح يُمارسها بعض أعضاء الهيئة لا تمت (لولاية الحسبة) في الإسلام بصلة. بل هي (إساءة) لهذا الشأن العظيم في الدين، بكل ما تعنيه كلمة (إساءة) من معنى.فالأصل في الدعوة، كما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، (الترغيب) وليس (التنفير)، و(التستر) على المسلمين، وإشاعة الفضيلة، وليس إرهاب الناس وترويعهم وتخويفهم وتتبع عوراتهم والتشهير بهم، بذريعة البحث عن المخالفات الشرعية.
ولولاية الحسبة في الإسلام ضوابط وأخلاقيات، ولم تترك لمزاج هذا أو ذاك، أو للتشفي من خصومهم، ولو طبق أعضاء الهيئة ومسؤولوها بأمانة مثل هذه الضوابط والأخلاقيات، لما وصل الأمر إلى هذا المستوى المخجل، ولما انقلب هذا الشأن العظيم في الإسلام إلى هذه الدرجة المشوهة من الممارسات والتعدّيات التي لم تعرف بهذا المستوى من (التشويه) في تاريخ الإسلام".

وكذلك يقول الكاتب السعودي عبدالله بن بخيت في مقال آخر نشرتها الصحيفة ذاتها:" لا يوجد هذه الأيام سوى موضوعين يتحدث عنهما المواطن السعودي. موضوع الأسهم وتقلباتها وموضوع رهاب هيئة الأمر بالمعروف. ما أن ينتهي أو يفتر موضوع الأسهم حتى يبدأ الناس بسرد قصص رجال الهيئة التي لاتنتهي.قرأ الناس قبل عدة أيام القضية التي انفجرت على صفحات الجرائد والمنتديات والمجالس الخاصة والعامة التي راح ضحيتها مواطن آمن وزوجته المصونة بهجوم وحشي من رجال الهيئة والمتعاونين معها. كم كنت أتمنى لو أن الصحف السعودية تتوقف عن نشر أخبار مثل تلك الحادثة أو الحوادث الأخرى التي تتعلق بتصرفات رجال الهيئة.

فمثل هذه الحوادث هي التي تنتظرها الصحف الأجنبية التي تتربص ببلادنا لتؤكد بها مواقفها المسبقة من أننا في هذا البلد شعب لا نقيم وزناً للإنسان وكرامته وحقوقه فضلاً عن حقوق المرأة وكرامتها. أن يهجم رجل (أياً كانت وظيفة هذا الرجل) على امرأة ويحاول قمعها ثم سحبها من أمام باب بيتها حتى حز رقبتها بعباءتها وكاد يقتلها وهي تستنجد تبحث عن رجل شهم يخلصها بينما زوجها في الجهة الأخرى مغمى عليه بعد أن تلقى ضرباً لا يعرف إلا الله آلامه. هذه القضية لا تعد تعدياً على حقوق الإنسان".

وبالرغم من تزايد السخط الشعبي تجاه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن الحكومة السعودية ليست في محل التفكير في إلغاء هذا الجهاز الديني الفاعل نتيجة الخشية من تفسير ذلك على أنه تغيير للصبغة الدينية التي تلون وجه المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها متوائمة مع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وفق آراء مراقبين مطلعين على الشؤون السعودية، وهو الأمر الذي أكده وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز في تصريح صحفي له قال فيه أن الهيئة باقية ما بقيت الدولة.

وبعد أيام من أول حادث إرهابي طال السعودية في الثاني عشر من أيار مايو 2003 عبر استهداف مجمعات سكنية يقطنها غربيون، لوحظ تراجع لدور الهيئة في سائر المدن السعودية وأصبح من النادر مشاهدة سيارات الهيئة، المألوفة لدى أعين الشباب السعوديين في شوارعهم كما كان معتاداً، وهي أشهر ما لبثت بعدها وأن عادت سيارات الهيئة تجوب الشوارع لممارسة مهامها المعتادة في التربص بالمداخل الخلفية الخاصة بالعوائل لمحال بيع القهوة الأميركية ومشتقاتها في مساءات أيام الخميس.
مدرعم غير متصل