مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 11-10-2006, 04:48 AM   #10
أبو عمر القصيمي
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بريدة ، دومة الجندل
المشاركات: 1,457
الحديث الثالث
عن عائشة له عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ) متفق عليه .
قال البخاري رحمه الله حدثنا محمد بن سلام قال حدثنا محمد بن فُضيل بن غزوان عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبدالرحمن عن عائشة به .
وقال مسلم حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة به.
وظاهر الحديث يدل على أن المعتكف يدخل معتكفه حين يصلي الفجر من اليوم الحادي والعشرين، وبهذا قالت طائفة قليلة من الفقهاء، وقد ذهب الأئمة الأربعة وجماهير العلماء سلفاً وخلفاً إلى أن المعتكف يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من الليلة التي يريد أن يعتكف فيها فعليه يدخل بغروب شمس يوم عشرين وهذا القول أرجح من القول الأول وذلك لوجوه .
الوجه الأول : أن ليلة إحدى وعشرين من ليالي القدر ومن الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر فشرع إعتكافها بينما إذا قلنا أنه يدخل بعد صلاة الفجر من يوم إحدى وعشرين يكون قد فوت ليلةً من ليالي القدر .
الوجه الثاني : أنه إذا دخل ليلة إحدى وعشرين يصدق عليه أنه اعتكف العشر بينما إذا دخل فجر إحدى وعشرين ونقص الشهر يكون حينئذ قد اعتكف ثمانية أيام والاعتكاف عشرة أيام وإن نقص الشهر فتسعة .
الوجه الثالث : إن معنى قول عائشة في حديث الباب ( دخل معتكفه ) . أي المكان الذي أعد لجلوس المعتكف فيه، وقد كان يوضع للنبي صلى الله عليه وسلم خيمة في ذلك يوضح هذا أن عائشة قالت إذا صلى الفجر فلو كانت تقصد بالمعتكف المسجد فلماذا تقول إذا صلى الفجر لماذا لاتقول إذا أراد أن يصلي الفجر لأنه دخل المسجد ونوى الاعتكاف فعلم حينئذٍ أن عائشة حين قالت دخل معتكفه أي المكان الذي أعد للاعتكاف وليس المعنى أنه منذ هذه اللحظة نوى الاعتكاف فهذا القول ضعيف وجماهير العلماء على خلافه ومن زعم أن هذا الحديث صريح بهذا فقد غلط إذ لو أرادت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل المسجد وينو الاعتكاف إلا بعد صلاة الفجر لما قالت : (معتكفه) وأيضاً لماذا النبي صلى الله عليه وسلم يدخل معتكفه وينوي الاعتكاف بعد صلاة الفجر لماذا لم ينو حين دخل المسجد كل هذا يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتكف من قبل ولكنه يحيي معظم الليل أوكله بالصلاة والعبادة والتهجد فإذا صلى الفجر دخل المكان المعد للاعتكاف ليخلو بربه جل وعلا .
والحديث دليل أيضاً على مشروعية الاعتكاف، وفيه دليل أيضاً على أن المعتكف يتخذ لنفسه مكاناً خاصاً وذلك ليخلو بربه ولكي لا يتعوره أحد حين استبدال الثياب أو استقبال من يريد زيارته من أهله .
الحديث الرابع
وعنها قالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليدخل عليّ رأسه وهو في المسجد ـ فأرجله ، وكان لايدخل البيت إلا لحاجة، إذا كان معتكفاً ) متفق عليه .
قال الإمام البخاري رحمه الله حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث بن سعد عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة رضي الله عنها .
وقال الإمام مسلم رحمه الله حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن الزهري به .
وفي الحديث فوائد منها .
الفائدة الأولى : جواز إخراج المعتكف بعض بدنه وأن هذا لايؤثر على الاعتكاف لقولها (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه) .
وقد أخذ من هذا بعض الفقهاء أن من حلف ألا يدخل بيت فلان من الناس وأدخل بعض جسده فإنه لا يحنث .
الفائدة الثانية : جواز اشتغال المعتكف بترجيل الرأس وأن هذا الفعل لاينافي هيئة الاعتكاف فإن النظافة مطلوبة وإن كان المرء معتكفاً .
الفائدة الثالثة : جواز محادثة المعتكف لأهله وذلك ليقضوا حوائجه ويفعلوا مصالحه أو غير ذلك من المصالح العامة والخاصة.
الفائدة الرابعة : جواز تخصيص بعض الزوجات بمثل هذا الفعل فإن عائشة رضي الله عنها قد اختصت بالترجيل علماً أن القسم بالاعتكاف قد انقطع فلذلك من له أكثر من زوجة واعتكف واحتاج شيئاً فله أن يخص إحدى الزوجات بما يشاء .
الفائدة الخامسة : أن المعتكف لايخرج إلا لما لابد منه وجاء في رواية ( لايخرج إلا لحاجة الإنسان يعني البول والغائط ، ويلحق بهما مايحتاج إليه المرء،
وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله هل يعود مريضاً ويشهد جنازة .
القول الأول : فقالت طائفة لايعود مريضاً ولايشهد جنازة مطلقاً وإن كانت الجنازة لأحد الأبوين أوكليهما فإن خرج بطل اعتكافه .
القول الثاني : وقالت طائفة يخرج للحاجة وهو قول للإمام أحمد وهو مروي عن جماعة من الصحابة اختاره جمعٌ من المحققين لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج للحاجة فقد جاء في الصحيحين عن صفية وذلك في قصة مجيئها للنبي صلى الله عليه وسلم ( وهو معتكف فلما انقلبت لتذهب إلى بيتها خرج معها ) .
والحديث صريح بجواز الخروج من المعتكف للحاجة علماً بأنه لايجرأ أحد على محرم النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك خرج النبي صلى الله عليه وسلم معها ليوصلها، فعيادة المريض القريب أولى من هذا وتشييع جنازة من له حق عليك أولى من هذا .
القول الثالث : إن اشترط أن يخرج للحاجة خرج وإلا فلا يخرج وهذا المشهور من مذهب الحنابلة وهذا ضعيف لأن قضية الاشتراط لا أصل لها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة فقد قال الإمام مالك رحمه الله في الموطأ لم أسمع من أحد من أهل العلم بالاشتراط ثم ذكر رحمه الله بأنّ الاشتراط بدعة وهذا الحق فلو كان الاشتراط مشروعاً لنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يخرج لحاجته ولم يذكر عنه أنه علم أمته الاشتراط، والحق من هذه الأقوال أن المعتكف يخرج للحاجة التي يشق على نفسه بتركها ولو لم يشترط على الراجح وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم .

سيأتي إن شاء الله الجزء الأخير
__________________
قال صلى الله عليه و سلم:(( مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ العلى العظيم ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ )) رواه البخاري .تعارَّ من الليل : أي هبَّ من نومه واستيقظ . النهاية .

آخر من قام بالتعديل أبو عمر القصيمي; بتاريخ 11-10-2006 الساعة 05:20 AM.
أبو عمر القصيمي غير متصل