25-10-2006, 09:19 PM
|
#19
|
عـضـو
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 434
|
** عيدٌ عند الغيوم **
سلكتُ ذلك الطريق الجديد في حي الإسكان ، كان متسعًا ، وذا مسارين ، ولم أر أحدًا غيري يسلكه .
في اتجاه الشمال ، كان الفضاءُ أمامي مفتوحًا ، والسماءُ صافيةً نقيةً ، بحجم الصفاء الذي عمَّ قلوب أكثر الناس ذلك اليوم .
حانت من عيني لمحة إلى السماء ، هناك على ارتفاع الغيوم - ولا غيوم - ، فكان أن شاهدتُ ذلك العيد .
سربٌ منظَّمٌ من الطيور ، كان يطير متمايلاً ، يأخذ أقصى اليمين ، ثم يعود بفرحةٍ - فيما يبدو - إلى أقصى اليسار .
أحسست أن تلك الطيور تقيم احتفالها الخاص بالعيد ، فالجميع موجود ، و ( العرض الجوي ) قد بدأ فعلاً !
لَحَظتُ واحدًا من الطيور متأخرًا عن السرب ..
تساءلت : ما باله يعيش عيدَهُ لوحده ؟!
تُرى ، هل ألمَّ به خطب ؟!
أم أصابته مصيبة ؟!
أم تراه عاشقًا ولهانًا ، تذكر ليلاه فذهل عن سربه ؟!
أم أذابه شوقٌ إلى حبيب ، وحنينٌ إلى وطن ، وحزنٌ على فراق ؟!
في الحقيقة .. لم أجد تفسيرًا محدّدًا .
لكنه لو سمع خطابي لقلتُ له : طلّق أحزانك يا صاحبي واحدةً أو اثنتين ، وأضمن لك حق الرجعة ، وإن طلقتها بالثلاث كان أحسن !!
أيها الحزينون ، أيها الباكون ، أيها المهمومون ..
العيد ليس لحزنكم ، وبكائكم ، وهمومكم . العيد جاء ليجلوَ السعادة الكامنة في نفوسكم ؛ التي قتلتموها بأحزانكم ، وليمسحَ بيده الحانية دموعكم ، وليفتحَ آفاقًا من التفاؤل والبشارات أمام نفوسكم ، فلا تهتمُّوا ، ولا تغتمُّوا ، ولا تيأسوا .
ستقولون : الحزن يعشّش أمامَ أعيننا الدامعة ، والهمُّ ناءَ بكَلكَلِهِ على قلوبنا الملتاعة !
وسأقول : أرجوكم ، انسوا هذا ولو يومًا ، وإن لم تستطيعوا ذلك ، فأرجوكم .. انسوه طرفي النهار وزلفًا من الليل !
* * *
__________________
كثرت ذنوبي ، فلذا أنا نادم .
أسأل الله أن يتوبَ عليَّ ، ويهديَني سبيل الرشاد .
وما أملي إلا ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ﴾ .
أبو عبد الله
|
|
|