مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 26-10-2006, 08:44 PM   #17
وحيد المعنى
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2003
البلد: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
المشاركات: 7,209
مما يدل على أن تارك الأمر بالمعروف غير مهتد أن الله تعالى أقسم أنه في خسر في قوله تعالى ) والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ( فالحق وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبعد أداء الواجب لا يضر الآمر ضلال من ضل وقد دلت الآيات كقوله تعالى ) واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة ( والأحاديث على أن الناس إن لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر عمهم الله بعذاب من عنده

فمن ذلك ما خرجه الشيخان في صحيحهما عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا مرعوبا يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا أخرجه البخاري والترمذي وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية ) ياأيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ( وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن رأى الناس الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشربيه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال ) لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذالك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أوليآء ولاكن كثيرا منهم فاسقون ( ثم قال كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم ليلعننكم كما لعنهم
رواه أبو داود والترمذي وقال حسن وهذا لفظ أبي داود ولفظ الترمذي قال رسول الله صلى الله عيله وسلم لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم وواكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون فجلس رسول الله صلى الله عيله وسلم وكان متكئا فقال لا والذي نفسي بيده حتى يأطروهم على الحق أطرا
ومعنى تأطروهم أي تعطفوهم ومعنى تقصرونه تحبسونه والأحاديث في الباب كثيرة جدا وفيها الدلالة الواضحة على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل في قوله ) إذا اهتديتم ( ويؤيده كثرة الآيات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كقوله تعالى ) ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ( وقوله ) كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ( وقوله ) لعن الذين كفروا من بنى إسراءيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذالك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ( وقوله ) وقل الحق من ربكم فمن شآء فليؤمن ومن شآء فليكفر ( وقوله ) فاصدع بما تؤمر ( وقوله ) أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ( وقوله ) واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة (
والتحقيق في معناها أن المراد بتلك الفتنة التي تعم الظالم وغيره هي أن الناس
إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بالعذاب صالحهم وطالحهم وبه فسرها جماعة من أهل العلم والأحاديث الصحيحة شاهدة لذلك كما قدمنا طرفا منها
مسائل تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
المسألة الأولى اعلم أن كلا من الآمر والمأمور يجب عليه اتباع الحق المأمور به وقد دلت السنة الصحيحة على أن من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهي عن المنكر ويفعله أنه حمار من حمر جهنم يجر أمعاءه فيها
وقد دل القرآن العظيم على أن المأمور المعرض عن التذكرة حمار أيضا أما السنة المذكورة فقوله صلى الله عيله وسلم يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون أي فلان ما أصابك ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما
ومعنى تندلق أقتابه تتدلى أمعاؤه أعاذنا الله والمسلمين من كل سوء وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عيله وسلم رأيت ليلة أسرى بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت رجعت فقلت لجبريل من هؤلاء قال هؤلاء خطباء من أمتك كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون أخرجه الإمام أحمد وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه جاءه رجل فقال له يا ابن عباس إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فقال ابن عباس أو بلغت ذلك فقال أرجو قال فإن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف في كتاب الله فافعل قال وما هي قال قوله تعالى ) أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ( وقوله تعالى ) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ( وقوله تعالى عن العبد الصالح شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ) ومآ أريد أن أخالفكم إلى مآ أنهاكم عنه (
أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وابن مردويه وابن عساكر كما نقله عنهم أيضا الشوكاني وغيره
واعلم أن التحقيق أن هذا الوعيد الشديد الذي ذكرنا من اندلاق الأمعاء في النار وقرض الشفاه بمقاريض النار ليس على الأمر بالمعروف وإنما هو على ارتكابه المنكر عالما بذلك ينصح الناس عنه فالحق أن الأمر بالمعروف غير ساقط عن صالح ولا طالح والوعيد على المعصية لا على الأمر بالمعروف لأنه في حد ذاته ليس فيه إلا الخير ولقد أجاد من قال الكامل

لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم

وقال الآخر الطويل

وغير تقي يأمر الناس بالتقى
طبيب يداوي الناس وهو مريضا

وقال الآخر وقال الآخر

فإنك إذ ما تأت ما أنت آمر
به تلف من إياه تأمر آتيا

وأما الآية الدالة على أن المعرض عن التذكير كالحمار أيضا فهي قوله تعالى ) فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ( والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب فيجب على المذكر بالكسر والمذكر بالفتح أن يعملا بمقتضى التذكرة وأن يتحفظا عن عدم المبالاة بها لئلا يكونا حمارين من حمر جهنم
المسألة الثانية يشترط في الآمر بالمعروف أن يكون له علم يعلم به أن ما يأمر به معروف وأن ما ينهى عنه منكر لأنه إن كان جاهلا بذلك فقد يأمر بما ليس بمعروف وينهي عما ليس بمنكر ولا سيما في هذا الزمن الذي عم فيه الجهل وصار فيه الحق منكرا والمنكر معروفا
__________________

يــــارب يــــارب يــــارب
اشـفـي والـدتـي عـاجـلاً غـيـر آجـل

وحيد المعنى غير متصل