28-10-2006, 10:15 PM
|
#13
|
عـضـو
تاريخ التسجيل: Oct 2006
المشاركات: 59
|
عالم بنات = 2 =
مع خيوط الشمس الأولى كنت أغذ السير في طرقات المدينة منطلقا من حي المنتزة شمالا باتجاه المستشفى المركزي جنوبا ، كانت الشوارع خالية في مثل هذا اليوم إلا من بعض الباعة والمتجولين وعمال اليومية الأجانب يتلفتون بعيون نهمة بحثا عن عمل غالبهم من الأفغان والباكستان بثيابهم الفضفاضة وبعض الأخوة من اليمن بأجسامهم النحيلة وتقاسيم وجوههم الحادة .
كنت كمن يحمل معه روحا تنتزع ، التفت إلى مريم مداعبا
ـ ما بالك كأنك تلدين لأول مرة
ـ لا أدري أحس بثقل شديد هذه المرة !
همهمت في سري ربما لأنه ولد ، قلت وأنا استرجع زمان مضى
ـ هل تريدين الرجوع لتلدي على يد جارتنا أم أحمد
ـ ما عاد فيها حيل .. الله يكون بالعون ، آآآه
كانت تعض شفتها السفلى وتضغط على كل كلمة تخرج من فمها
عبرت البوابة الرئيسية للمستشفى بعد أن تأكد حارس الأمن بجدية الأمر ، ورقيت بسيارتى إلى أن وصلت باب قسم الولادة ، وجلبت كرسيا متحركا لأحملها ، جذبت يديه مني ممرضة بخفة بعد ركوب مريم ، انتهيت من إجراء الروتين الاعتيادي في مثل هذه الحالة ، وجلست في الانتظار داخل غرفة صغيرة انحشر فيها مجموعة من الرجال وعدد من الأطفال ، لا يمر ثلاث دقائق إلا وأخرج إلى الممر مستفسرا ثم أعود أدراجي إلى تلك الغرفة ، ما أقسى لحظات الانتظار ، إن الزمن لا يقاس بالثواني والدقائق وإنما بارتخاء الأعصاب واشتدادها بانفراج المواقف واحتدامها بسعادة الأنفس وشقاءها
للمرة الخامسة أسأل حتى استحييت
ـ الأمور على ما يرام ، لكن قد تحتاج إلى ساعتين من الوقت أو أكثر ، هل هذا أول مولود ؟
ـ لا .. المولودة السادسة ، أو المولود السادس بمشيئة الله .
ـ وضعت رقم هاتفك في الاستقبال ؟
ـ نعم
ـ اذهب إذن ... وسيتصلون عليك عندما تلد أو إذا استدعى الأمر ذلك .
تمدد على سريره ووضع جهاز الهاتف قرب رأسه لاستقبال خبر طال انتظاره ، ولم يشعر بمزنة وهي تنسحب من الغرفة حاملة وسادتها بعد أن أحست بوجوده ، لقد كان في عالم آخر .
يالطمع الإنسان ، لو لم يتزوج لتمنى ذلك ، ولو كان عقيما لتمنى الولد أيا كان جنسه ، فما باله اليوم يبكي من أجل الولد ، آه لو يصرخ في وجه العالم ، أنا أسعد رجل في هذا الكون رغم كل الأنفاس الأنثوية التي تملأ البيت . لكنني أريد الولد لا كرها بالبنت ولكن حبا في الولد ، اللهم لا رآد لقضائك . أستغفر الله
سمع صراخ والدته في الأسفل ، لم يعد في البيت تلك الوجوه التي ألفتها بعد وفاة والده ، واستقلال فهد آخر إخوته في مملكة خاصة تضم زوجته وابنه الوحيد ، كان إخلاء المكان له في البيت مبررا لاستقلال أخيه .
نزل لوالدته ليتبين سبب صراخها ، فإذا هي تتذمر من عدم إعداد القهوة الصباحية لها ، اعتادت في السنوات الأخيرة أن تحشم وتخدم وتلبى طلباتها بعد سنوات طوال من خدمتها لزوجها وإلا فإنها ليست عاجزة بشكل كبير ، خفت حدتها بعد علمها بأن مريم في المستشفى .
ـ كان الله في عونها .
ملت عليها وقلت ممازحا
ـ عرضت عليها تولدها أم أحمد ، لكن تعرفين دلع البنات
ـ الله يلطف بحال أم أحمد ، والله الحرمة ما قصرت ولدتكم كلكم نورة وهيلة وزينب وأنت وحمد وصالح وفهد وشريفة وهند والجوهرة .
هكذا هم كبار السن يحبون الغوص في التفاصيل الدقيقة ألا يكفي قولها ولدتكم كلكم .
ـ وبناتي أيضا ...
ـ مزنة وأروى والباقيات لا ....... الله يحسن لنا ولها الختام.
لم تكمل جملتها الأخيرة إلا وهاتف البيت يرن ، لم يكمل الوقت الساعتين ، هرع مسرعا إلى الطابق العلوي ، ولم يلتفت لابنته ميسون التي قابلته في الدرج وهي تبكي ، رفع سماعة الهاتف على عجل ..
البقية تأتي .........
|
|
|