عـضـو
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 6
|
حـكـا يـة الأدب الإ سلا مـي . . .
توطئة : أعلم أن الموضوع طويل , ولكن لعل فيه فائدة ترجى من طوله ...........
حين أطلَّت الحداثة كتيار وافد في التسعينيات المنصرمة ؛ لم يلبث هذا التيار كثيرًا حتى أوجد عصبة
مضادة له من المهتمين في الحركة الثقافية , كانت هذه العصبة في بدايتها آخذة بموقف الاستفادة من هذا التيار ما
أمكنتهم الاستفادة منه , كان الدكتور السوري عبد القدوس أبو صالح من الذين توجسوا خيفة منه , فكان أن جمع
حوله من بعض المهتمين بهذه الحركة الثقافية , فبدأ بتكوين هذه العصبة من أمثال الدكتور محمد الهاشمي
والهويمل , وغيرهم , ولم يمانع الأخير من الانصياع إلى إلحاح الدكتور عبد القدوس , وإن سبق أن ألقى محاضرة في
نادي أبها مدافعًا عن أدونيس والسياب والبياتي , واقفًا ضد التيار الصحوي آنذاك , كان دفاعه من منطلق قوله تعالى :
( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ) .
كان للدكتور عبد القدوس ما أراد , فقد استطاع أن يضم إليه ما سبق ذكرهم , فعملت هذه العصبة
على محاربة الحداثة محاربة لا هوادة فيها , فقد أوغلوا في رفضها محاولين أن يفهموا المجتمع بأنها تيار ينادي بنبذ
القديم بما يحمله من تراث إسلامي , وإحلال الجديد محله بلا هوية يرجع إليها , لم يتطرقوا إلى أن الحداثة أنواع
وأقسام , وبما أن المجال هنا هو الأدب ؛ فإنهم قالوا عنها إنها تيار فكري فاسد لا يتسق مع ديننا الإسلامي .
كانت هناك مساجلات كتابية بينهم وبين المنادين بالحداثة المعتدلة من أمثال الدكتور عبد الله الغذامي
والدكتور منصور الحازمي وغيرهم , كان الأخيران يناديان بأهمية الاستفادة من هذا التيار الوافد لتواكب حركتنا الثقافية
التجديد المبني على توجهنا الإسلامي , عبثًا حاولا أن يقنعوهم بما يناديان به , كانت هذه العصبة ترى أن الحداثة : (
تمثل الانحراف الفكري الذي يحارب الله ويحارب الدين ويحارب القيم والأخلاق ) , فانطلقوا من هذا الفهم المغلوط
الذي يبعث على الضحك .
لم يكن وقوف هذه العصبة ضد الحداثة يتبع اتجاه الضدية وحسب , وإنما أخذوا يعملون في الخفاء لكي
يؤطروا لمنهج جديد يدَّعون أنه السبيل الأمثل للوقوف بوساطته ضد الحداثة الوافدة , كان هذا المنهج هو الأدب
الإسلامي الذي نعده مذهبًا خطرًا لما يشيع فيه من الفرقة بين الأدباء , فكلنا نحمل الدين ونتحلى بخلق القرآن , قد
يشذ من بين أدبائنا من يجنح إلى ما لا يقبل ولكنه نادر لا يعتد به .
كان لهذه العصبة ما أرادوه , لكنهم لم يقدموا لنا شيئًا , ففي المجال الروائي لم نجد لهم تأثيرًا في
الساحة الأدبية , لم نجد روايات يعتد بها من حيث السرد الفني , إذ إنه ينهزم سريعًا إذا عقدنا موازنة بينه وبين السرد
الفني في روايات أصحاب الحداثة , قدم أحمد بدوي رواية ( أختاه أيتها الأمل ) وقد الدكتور عبد الله العريني ( دفء
الليالي الشاتية ) و ( مهما غلا الثمن ) كذلك الأمر في الشعر , فقد غاب عنه ذاك الخيال المحلق الذي كنا نجده في
الشعراء القدامى الأكثر إسلامية من شعرائنا اليوم , فكان أن جاءوا بشعر باهت لا يصل إلى رتبة الشعر المعتد به
بحق .
على أنهم شعروا بعد حين وخوفًا منهم على أن يتهموا بالتخلف وعدم مواكبة التجديد , فكان أن بدؤوا
باستخدام مصطلحات الحداثة الآن , وذلك من مثل ( شرعنة , الظلاميات , الحداثوية , التبئير , التشعير . . . إلخ ) .
وإنك وإن سألتهم عن تعريف جامع لمفهوم الأدب الإسلامي لوجدتهم يختلفون حوله , إلا أنهم يتفقون
على أنه منهج يشيع الكلمة الطيبة , ومع ذلك تجد بعضهم أكثر سلاطة من غيرهم , إذ كانوا يشبهون خصومهم
بذيل الحمار , وبأوصاف ليست من الكلمة الطيبة في شيء , من مثل ( الغبي , الفارغ , النكرة , المتحرش ,
المستعدي , المثرثر , الجاهل , العنصري , المتجشئ بالفراغ , المدخول , المعزول , الشيطان , المتشبع بالزيف ) ,
أي أنهم على غير بينة من أمرهم تجاه هذا المصطلح , فكأنهم كانوا أكثر تقمصًا لتيار الحداثة من الحداثيين أنفسهم .
على أنك لتعجب من جعلهم نجيب الكيلاني _ رحمه الله _ رائدًا للأدب الإسلامي بالرغم مما يشيع في
رواياته من الجنس والجريمة , من مثل ( الربيع العاصف , أميرة الجبل , دم لفطيرة صهيون ) .
محبكم / أحمد المهوس
|