***ياقوم .. رفقاً بالرياحين ..***
ألم تكن شريعةُ الرحمنِ آمرةً بالرفقِ والسماحةِ والتَّعقُّلِ ، فيتعلمها أولئك الذين لم تَهِمَّ قلوبهم يوماً أن تأخذَ قبساً من هديه صلى الله عليه وسلم في ذلك ، أولئك الذين نسوا أو تناسوا ، وأولئك الحمقُ ديدنُهم ، و(أولئك هم الغافلون) .
لنفتح صفحة من صفحات كتاب قدوتنا العظيم ، ولتكن من جزء معاملته مع الناس ، فصلٌ : في ملاطفته للصغار ، تسمعه صلى الله عليه وسلم ينادي (أبا عمير مافعل النغير) ، ونراه يحمل أمامة في الصلاة ، ويرتحله الحسن في سجوده ، ويلاعب هذا ويلاطف ذاك ، فنخلص من هذا كله أن :
**رفقاً بالرياحين**
الذي دعاني إلى هذا الموضوع أن أخاً لي في مراحله الابتدائية الأولى أتاني والهم يملأ قلبه ، والحزن يبعثر حروفه هنا وهناك ، غير أنه يحاول أن يخفي ذلك بابتسامة متصنعة وأنى له ذلك إذ انحدر دمعه حاملاً شعبة من ثقل حزنه ، يقول ما مضمونه :
أن مدرساً عندهم -وأظنه من الحمقى- أمر أحد الطلاب بالوقوف أمام زملائه وأي طالب لا يحملق في سبورته المهترئة فمآله العقاب المقتبس من العصر الحجري :
وبعضُ الدَّاءِ ملتمَسٌ شِفَاهُ ** وداءُ الحُمقِ ليسَ لهُ دواءُ
يقول أخي : أشار إليّ الطالب ، وضربني المدرس!!
هكذا ، بكل بساطة ، وبلا مقدمات ، وبكل سذاجة وحمق .
يتابع : (والله إني أغمضت عيني غصب علي)
لله أنت ، لم تعقل نداء أبي العتاهية :
احذر الأحمق لا تصحبه ** إنما الأحمق كالثوب الخلق
كلما رقعته من جانب ** زعزعته الريح يوماً فانخرق
أو كصدع في زجاج فاحش ** هل ترى صدع زجاج يلتصق
إني أتساءل :
إلى متى هذا (الطغيان الأساتذي) المتمثل في (رجال الحمق) المغفلين ،؟!
متى ينتهي عصر (طغيان رجل المدرسة) ويبدأ (عصر التربية التنويري)؟!
وأهمس في أذن هذا المسمى ظلماً (أستاذ) :
لتعلم أن الصغار يعلمون كل شيء ، ولا يُغفِلون شيئاً من تصرفاتك وحركاتك، وإن ظنناهم عكس ذلك .
إنهم رياحين لهم قلوب يعقلون بها ، ولهم آذان يسمعون بها ، ولهم أعين يبصرون بها ، فلا تكن علاقتنا معهم قائمة على التغابي والتسلط واللامبالاة .
بل الرفق والتقدير والاحترام سائرٌ منّا لهم لنملأ الكون رياحيناً عابقة ، وزهوراً ناضرة ، وثماراً يانعة ،ولنصدح في الآفاق :
[blink]**رفقاً بالرياحين**[/blink]
..........................
..................
...........
....
.