السلام عليكم أحبتي الأكارم ،
كنت قد وعدتكم أن أكتب عن دور الشباب في مواجهة المد التغريبي و أسأل الله الإعانة و السداد ، و الأمر لا يعدو أن يكون جهداً بشرياً يفتقر إلى التكامل و الإضافات و هذا ما أنتظره منكم لنقوم سوياً بما يسمى العصف الذهني ..
و سيكون الموضوع بإذن الله على محاور أحاول جاهداً أن أختصرها اختصاراً غير مُخل ..
فأقول :
أولا :
يجب أن يكون الشاب المسلم واثقاً بالمبادئ التي يحملها بين جوانحه ، راسخاً في أفكاره رسوخ الجبال ، يستشعر دائماً معنى العبودية لله و الانقياد له ، و يعرض كل ما يستجد له على دينه فما خالف الدين نبذه ولو كان من أقرب الأقربين قال تعالى : (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيتَ و يسلموا تسليماً )) لا يكفى مجرد الاتباع بل أن الغاية هي الاطمئنان إلى العقيدة و السعي الحثيث للتأثير لا التأثر . و بهذا تكون القوة .
ثانياً :
العلم العلم و أخص به علوم الشرعية و من أهمها علم التوحيد الذي من أجله بعث الله الرسل إلى الناس قال تعالى : (( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون )) إنك لو تأملت حال الغزو الذي يحاك بالليل و النهار من الأعداء في الداخل و الخارج لوجدته مداره على أمر واحد و كله يدور في فلك الإطاحة بالثوابت ، التي هي سر البقاء ، و كما ورد عن عمر رضي الله عنه ( لا عزة لنا إلا بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) ، هذا هو السر ، و كل ما كان الناس إلى الله أقرب كانوا على أعدائهم أظهر و أغلب ، تأمل في حال السهام الموجهة إلى صدورنا ، فسهم إلى حلقات التحفيظ أي ( القرآن ) الذي رفعنا الله به و سهمٌ إلى عقيدة و سهم إلى ذروة سنام الإسلام وهي الجهاد و سهمٌ إلى الولاء و البراء التي ضرب فيها الأنبياء أروع الأمثلة و خلدها القرآن لنسير على خطاهم – صلوات ربي و سلامه عليهم أجمعين – و سهم إلى المرأة التي بصلاحها صلاح المجتمع ، فهي كالقلب للجسد ، كما أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ، فإن في الأمة مرأة إذا صلحت صلح المجتمع كله و إذا فسدت فسد المجتمع كله ، ألا وهي الأم ..
إن الحوارات المؤتمرات و التقريرات التي نرى العدو يسعى حثيثا لإقامتها هنا و هناك باسم الثقافة و الفكر و التواصل بين الحضارات ليست إلا فكرية الاسم عقدية المحتوى في غالبها ...
و من هنا تأتي أهمية دراسة كتب العقيدة على منهج السلف الصالح – رحمهم الله – هاهم اليوم يحذرون العالم من الفرقة المارقة في نظرهم و هي الوهابية كما يسمونها ، و ألصقوا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التهم و الأباطيل و الافتراءات و الأقاويل ، لأنهم يعلمون أن العقيدة الصافية الناصعة تشكل خطراً عليهم ، فالعلم الشرعي هو السلاح فتسلح به لكي لا تنخدع بمقوله فاجر مارق ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان » .
رواه أحمد في مسنده و ابن حبان في صحيحه
ثالثا :
الدعوة إلى الإسلام
والله ما كانت أمريكا لتثور على العراق و أفغانستان و غيرها من البلدان لولا انتشار الدعوة السلفية في العالم و حينما أصبح الإسلام يشكل خطراً عليهم ، تعالت صيحات الحاقدين منهم على الإسلام ، تنادي بوقف المد الإسلامي الذي بدأ ينتزع منهم هيبتهم ، فكانوا يُهاجمون دفاعاً عن أنفسهم ، (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و يأبى الله إلا أن يُتم نوره ولو كره الكافرون )) و الحديث عند الدعوة يطول ..
ربعاً :
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - : " لا يأتي صاحب باطل بحجة إلا وفي القرآن ما ينفضها و يبين بطلانها كما قال تعالى : (( ولا يأتونك بمثل إلا جئنــاك بالحقِ و أحسنَ تفسيراً )) قال بعض المفسرين : هذه الآية عامة في كل حجة يأتي بها أهل الباطل إلى يوم القيامة " أ.هـ
فلا يضق صدرك بما ترى و تسمع ولا تأبه كثيراً بما يقوله المرجفون المنافقون لأن الله تعالى يقول : (( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق و لكم الويل مما تصفون ))
خامساً :
التلقي من المصادر الموثوقة ، إن على المسلم أن يتلقى من الدستور الذي رسمه له دينه وهو أكمل دستور و أصفى منبع و أعذب منهل قال تعالى (( فاستمسك بالذي أوحي إليك أنك على صراط مستقيم ) و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كما في خطبة الوداع ( لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، كتاب الله و سنتي )) و هذا هو الثبات الحقيق و هو الانتصار الذي هو مطلب كل إنسان ، فحقيقة الانتصار أن تموت و أنت على مبادئك دون مساومة أن تنازل أن تراجع جاء عند البخاري عن عبدِ الله بن سَلامٍ
قال: «رأيتُ كأني في روضةٍ، ووسَط الروضةِ عمودٌ، في أعلى العمود عروةٌ، فقيل لي: ارقهْ، قلت لا أستطيع، فأَتاني وصيفٌ فرفعَ ثيابي فرقيتُ، فاستمسكتُ بالعروة، فانتبهتُ وأنا مستمسكٌ بها. فقَصَصْتها على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: تلك الروضة روضة الإسلام، وذلك العمودُ عمودُ الإسلام، وتلك العروةُ العروةُ الوُثْقى لا تزال مستمسكاً بالإسلام حتى تموت». فاللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاكـ و أنت راضٍ عنا .
سادسا :
الالتفاف حول العلماء الربانيين لأنهم أفقه الأمة ، و أبرهم قلوباً و أعمقهم علماً و أصلحهم تصوراً ، فلا نجاة للأمة إلا بهم إذا أنهم ورثة الأنبياء ، و العلماء لم يورثوا دينارا ولا درهما و إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر .
قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسولَ و أولي الأمر منكم )) قال بعض المفسرين : أولو الأمر هم العلماء قال ابن سعدي – رحمه الله – في قوله تعالى : ((ولو ردوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم لعلمه الذي يستنبطونه منهم )) أي يستخرجونه بفكرهم و آرائهم السديدة .
و لأن العلماء فهوا مراد الله و مراد رسوله كما فهمه السلف الصالح ، و للأسف ينادي بعض المنافقين التغريبيين اليوم بدعوة جديدة وهي أن نبقي النصوص كماهي و نرجع إليها لكن بفهمنا لا بفهم أسلافنا ..
سابعاً :
لا أنصح الشباب بالخوض في النقاشات الفكرية في سنٍ مبكرة ، و هذا قد انتشر في الآونة الأخيرة ، فيدخل الشاب الضعيف المسكين بلا رصيدٍ من علم ، وعلى ضعفٍ في إيمان ، فيستمع لهذه الشبه التي تُلقى ثم تتراكم في قلبه شيئاً فشيئاً حتى تأتي ساعة ، لا يجد إلا أن يخضع لمثل هذه الأفكار و الآراء ، بل إن الحصانة مطلوبة ، و كم من رجل فاق الناس علماً و تقوى ، فإذا به في طرفة عين ينكص على عقبيه ، و يتخذ إله هواه ، والله المستعان ..
أصبحت المجالس اليوم كأنها منتديات يُطرح فيها الغث و السمين ، فيتفرق الناس ، وقد اكتسبوا ما يضرهم في دينهم و دنياهم . و يحبط عملهم في أخراهم ..
أخيراً
أنتظر منكم إضافات تثري هذا الموضوع ..
كم أسعد بذلك ..
***************************
أخوكم
الصمصامـ ،،،
آخر من قام بالتعديل الـصـمـصـام; بتاريخ 15-11-2006 الساعة 01:07 AM.
|