.
.
.
.
بسم الله الرحمن الرحيم
. . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
.
.
.
.
.
.
.
مكان هادئ . .
ورفقة صالحة . .
وأجواء باردة تلفح وجهكـ وصدركـ . .
ثم . .
آ آ آ آ آ آ تشو . . آتشو . .
ربما لثمان مرات متتالية على أقل تقدير . . ! !
تلك ملامح سريعة من رحلتنا الخلوية إلى ( جوّ ) . .
إحدى ضواحي مدينة الرياض . . والتي تبعد عنها قرابة الستين كيلاً . .
هي يومان . .
لكنها كانت رائعة . . فأنت تبتعد فيها عن ضوضاء المدينة وتلوثها . .
تبتعد عن تلك الحياة المادية الملوثة بطبائع عجيبة جداً . .
بعضها مما طبع عليه بعض بني جلدتكـ . .
وبعض كثير مما جلبه لنا هذا الانفتاح المثير . . ! !
تبتعد . . فتستمع بالهواء النقي ، وتطرب أذنيك صيحات ذلكم الديك مع أول خيوط الفجر . .
يا الله . .
لكـ الحمد ربي أن رزقتني الأنس بمثل هذه اللحظات . .
إنها لحظات التفكر في هذا الفلك العجيب . .
تستيقظ قبل الفجر . .
تصلي الوتر . .
يؤذن المؤذن لصلاة الفجر معلناً بداية يوم جديد . . ونهاية آخر قد تقضى من أعمارنا . .
تؤدي الصلاة . .
ثم تتأمل ذلك القرص الأصفر المستدير وهو يحيي الناس . .
إنها لآيات عظيمة لمن تأمل . . ! !
إي والله عظيمة . .
يومنا ذلك كان يضج أنساً وروعة . .
فمن الملعب . . إلى المسبح . . إلى مجالسة القلم والكاغد . .
بعد صلاة العصر أبلغنا أحد الشباب أن
الشيخ عبد الله بن جبرين
سيلقي محاضرة في إحدى مساجد ( جوّ ) هذا اليوم ..
ابن جبرين . . ؟ ؟ ! !
خرجت مني تلك الكلمة بغير قصد . . لوهلة صدمت . .
الاسم معروف . . لكن مجيئه هنا غير مألوف . . ! !
لله دره . . تمتمت بها وأنا أستمع إلى صاحبنا وهو يواصل حديثه :
اليوم بعد المغرب . . اجهزوا يا شباب . . ودنا نمشي قبل الاذان . .
بعد دقائق لا تتعدى أصابع اليد الواحدة من أذان المغرب كانت سيارتنا
واقفة في الساحة الصغيرة المقابلة للمسجد المقصود . .
نزلت مسرعاً أحث الخطا نحو باب المسجد . .
لا بد لنا اليوم من مكان قريب جداً من الشيخ . .
نعلتين سبقت إحداهما الأخرى أو كادت . . متجهتان إلى طرف الباب . .
يليهما أنا . .
لكنني دخلت المسجد . . ولم أقف كما وقفا . .
و . .
ما هذا . . ؟ ؟
أتأمل . .
شيخ وقور . . ذو لحية بيضاء طويلة . .
ووجه نير مشرب بحمرة . .
ومشلح أبيض وضع بغير عناية على كتفيه . .
هذا كل شيء تقريباً . .
كان الشيخ الوقور قائماً يصلي خلف مصلى الإمام مباشرة في الصف الأول . .
انتبهت . .
هناك كرسي بأربع قوائم موجود على يسار الشيخ . .
لكنه كان خاوياً ..
عدت أتمتم . .
لله دره . .
يبدو لي أنه أول الداخلين إلى المسجد . .
أو هو من أوائلهم . .
ولا أدل على ذلك من أنه سبق صاحب الكرسي . .
والمعروف في مجتمعنا أن أصحاب الكراسي في المساجد هم السباقون . . ! !
المسجد خاوٍ إلا من نصف صف بدأ من المنتصف . .
ثم امتد من يمينه وشماله . .
عجباً . . أين الناس ؟ ؟ ! !
وقفت في الصف الثاني خلفه مباشرة . .
بدأت بأداء تحية المسجد . . كبرت . . قرأت الفاتحة . . ركعت . . رفعت . . سجدت . . قمت للركعة الثانية . .
والشيخ الوقور لم يتجاوز ركعته الأولى بعد . .
أتممت الصلاة . .
للتو قام الشيخ للركعة الثانية . .
حضر صاحب الكرسي . .
دقائق . .
وانتهى الشيخ من صلاته . .
سلم عليه صاحبنا المسن . .
كان يجاهد الشيخ محاولاً تقبيل رأسه . .
لكن الشيخ في هذه المسألة بالذات يدفعك بيده دفع الشاب القوي . .
فلا تتمكن منه إلا على حين غرة في الغالب . . ! !
لله دره . .
أين التواضع . .
ليأتِ هنا فليستفد من هذا البحر الخضم . .
إنه بحر . . لكنه عذب فرات . . أتصدقون ؟ ؟
بعد الصلاة . . ألمح الصفوف ، لا تزيد على الأربعة . . بل أقل . . ! !
بعد السنة الراتبة . . قام الشيخ إلى طاولة متواضعة . . وكرسي قديم قد وضع له . .
بدأ الشيخ بالحديث عن الخوف من عذاب الله عز وجل . .
وبدأ الدر يخرج بانتظام عجيب من فم الشيخ . .
بعد النصف تقريباً من بدأه . .
تتلفت يمنة ويسرة . .
فترى بعض الرؤوس وقد انحنت للأسفل . .
وبعضها متجه نحو السماء . . ! ! وقد ركزت الأيدي على الأرض من الخلف . .
روحانية عجيبة . . وجو إيماني رائع . . أليس كذلكـ . . ؟ ؟
هو أسلوب الشيخ . . لا يساعدكـ كثيراً على متابعته . . لكن هذا ما عنده . .
وهل اختار ذلكـ لنفسه . . ؟ ؟
أخذتني موجة من أفكار اليقظة . . جلست أتفكر في هذه الآية العظيمة . . كم يعاني ليخرج الجملة الواحدة . .
كم يتحمل ؟ ؟
كيف فكر في المجيء إلى هنا ؟ ؟
فكرت في أنه يخرج كل نهاية أسبوع للدعوة . . ولم لا . . ؟
أعرف بعض العلماء هذا دأبهم . . ! !
لكن . . هل مثله يقوى على ذلكـ . .؟
لله دره . .
بدأت الأسئلة . .
يجيب الشيخ عليها بكل أناة وتؤدة . .
بعض الأسئلة سهلة جداً لدرجة أنها لا تقبل التفكير فيها . .
لكن شيخنا يدركـ جيداً حجم الثقافة في هذه القرية الصغيرة . .
فتجده يأتي بالحكم فالدليل . . فالعقل . .
ويمضي مسترسلاً . .
كأنه نهر يتفجر ماؤه . .
يتدفق فلا يقف ..
بعد الصلاة . .
وقفت مع أحد الشباب في طابور طويل للسلام على الشيخ . .
صاحبي كان على ما يبدو على معرفة سابقة بالشيخ . . أعني المعرفة الشخصية . .
وذلكـ بحكم عائلته المعروفة بالعلم . .
كان أمامي . .
عرفه الشيخ . . هلا . . كيف حالكم ؟؟ وش جابك هنا ؟!
وشلونكـ ؟ وشلون أبوكـ ؟ وشلون عمانكـ ؟ وشلون عمان أبوكـ ؟ ؟
سلمت عليه . .
وظفرت بتقبيل رأسه . . < = = هلا هنأتموني . .
خرجت . . والشيخ لا يزال واقفاً أمام ذلك الطابور الطويل . .
عند الباب . .
استوقفت صاحبي . .
وطفقت أحدثه . .
كل عبارات التعجب قلتها . .
كنت أسمع كثيراً . .
عن التواضع . .
عن الأخلاق . . عن العلم . .
لكنني لم أقابله بعد أول مرة عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي وحتى ذلكـ اليوم . .
لذا . . فالشعور طبعا مختلف . .
همس في أذني صاحبي ونحن نتجه إلى السيارة . .
- أتود أن ترى شيئاً جميلا . . ؟ ؟
- ما هو ؟
- انظر . .
لن أقول شيئاً .. قولوا أنتم . .
فضيلة الشيخ العلامة: د.عبد الله بن جبرين في زيارة للشيخ سفر الحوالي شفاه الله
سأظل أتمتم . .
لله دره . .
. .
. .
أخوكمـ / أبـو خـبـيـب ، ،
..