مواجهة الإرهاب بين الحملة.. والمؤتمر
د. حسن بن فهد الهويمل
مما يعرف عن البلاد وأهلها أنهم كانوا الأسبق في معرفة الإرهاب، والأنجح في مواجهته، والأكثر تضرراً منه. ويوم أن كانوا في مقدمة المتأذين من التطرف، كان العالم يحتمي بتعدد المفاهيم وتنوع المواقف، وكان يحيل تذمر المملكة إلى امتعاضها من حرية التعبير ونبرة المعارضة، فيما لم تكن ضدَّ المعارضة المشروعة، ولا ضدَّ الحرية التعبيرية المنضبطة، وإنما كانت ضد الغلو والتطرف والعنف المسلح، وضد الخروج على الشرعية، ومفارقة الجماعة، وتخويف الآمنين، وقتل الأبرياء والمستأمنين، ومصادرة الحرية التي كفلها الدين.
ويوم أن مسَّ العالمَ طائفٌ من لظى التفجيرات، وتجرع مرارات الخوف والرعب، اهتاج كما الأسد الجريح، متخبطاً في المواجهة والمطاردة، طائش السهام، محتدمَ المشاعر، واليوم يتقاطر مفكرو العالم وساستُه على بلد أبان لهم نصحه، وصدع بتحذيره، وحث على تجفيف منابع الإرهاب، وقَطْع دابره، وذلك بتفادي أسبابه، وتجنب مثيراته. ومفكرو العالم وساسته يلتقون، ليقولوا كلمتهم التي قالتها المملكة منذ زمن بعيد، ولم يستبنها زعماء العالم إلا بعد أن استيقظوا على صليل السلاح.
وحرصاً من المؤسسة الأمنية على التوعية والمكافحة عضدت المؤتمر بحملة وطنية تضامنية، تنهض بها شرائح المجتمع، وتعززها كافة المؤسسات. وجدير بالمملكة أن تتقدم العالم في إطلاق لسانها بالتوعية، وبسط يدها بالمواجهة، فهي بلد السلام والتسامح والوسطية والتعايش وتبادل المصالح والجنوح للسلم، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والدفع بالتي هي أحسن.. منها انطلقت قوافل الجهاد والدعوة، وعلى ترابها تنزلت الرحمات من السماء، وفوق أديمها شمخ البلد الأمين، ورقد الجسد الطاهر، ومن خيراتها ملئت البطونُ الجائعةُ، وكسيت الأجسامُ العاريةُ، وجبرت الكسورُ المعوقة، وحقنت الدماءُ النازفةُ. وفي أبهاء قصورها التقى الفرقاء، ووقعت اتفاقات المصالحة، وعن طريق الرحلات (المكوكية) لمسؤوليها أطفئت الفتن، وفك الاشتباك، وكف البغي، وهُيئت موائد المفاوضات. ولما تزل إطفائية إسعافية، وكدنا بهذا التداعي لآلام الشعوب نتشبع ب(الأممية) وننسى (الوطنية). ويوم أن تعرض أمنُ الأمة للخوف، وتلاحُمها للتصدع، واستقرارُها للاضطراب، اضطلعت بمسؤوليتها، معتمدة على بارئها، مؤملة بوعده وعهده، متفائلة بنصره، لأنها أعلت كلمته، وأحيت سنته، وسعت بحاجة المسلمين في آفاق المعمورة، دعوة ومناصرة. ولمّا أن عم الإرهاب واستشرى، أصبح الحديث عنه بتعاريفه التي نيفت على المئة، وبمفاهيمه التي تعددت بتعدد الأسباب والمصالح والمواقف حديثا ذا شجون، والناس فيه بين قاطعٍ أمرَه أو مترددٍ فيه. والمواطنُ السليمُ الطوية، المتحسسُ عن الحق، المتثبتُ من أنباء الفاسقين، لا تُؤتى الأمةُ من قبله. ومن ذا الذي يود (لنفسه ودينه وعرضه وعقله وماله) أن تكون ريشة في مهب الريح؟ وتلك الضرورات الخمس مثمناتُ يستهدفها الإرهابيون. فهل أحد ممن بدت صفحة فعله المُشين فرَّق بين محق ومبطل؟ وهل خليةٌ نائمةٌ أو مكشرةٌ عن وجهها تفادت الحرمات والمحرمات؟ وهل أحد من الذين مسهم الضرُّ يعرف لماذا أوذي في ماله وأهله ونفسه؟. أحسب أن الأمر من الوضوح، بحيث لا يحتاج إلى مزيد من القول. ولولا أن السكوت عن الحق شيطنةٌ خرساء، لما كنا بحاجة إلى القول المعاد. وحديثي في هذه الظروف العصيبة، ينطلق من مجموعة محاور، أجملها قادة الأمة: -
المحور الأول: ينطلق من مقولة خادم الحرمين الشريفين: -
(لن نسمحَ للإرهاب بالمساس بأمن الوطن).
والمحور الثاني: يستبطن مقولة ولي العهد: -
(لا حيادية في معارك الخير والشر).
والمحور الثالث: يستلهم مقولة النائب الثاني:
(الأعمال الإرهابية دخيلة على بلادنا المباركة).
والمحور الرابع: يتمثل مقولة وزير الداخلية: -
(كلنا يدٌ واحدةٌ ضدَّ الإرهاب وتهديد الأمن).
والمحور الخامس: يستشعر مقولة أمير القصيم:
(لا نقبلُ ولا يقبلُ هؤلاء الإخوة الذين عهدتهم أيَّ تبرير لمثل هذه الأعمال).
والمحور السادس: يستهدي بمقولة هيئة كبار العلماء: -
(الإرهابُ انحرافٌ فكريُّ وفسادٌ عقدي).
ولكل أمير أو عالم أو مفكر مقولةٌ تستنكر، أو حديث يستنهض، أو فتوى تحرِّم. وهي مقولات تعد جماعَ المواجهة الفكرية، وزاد النخبة في المجالدة والمجاهدة.
ومع كل نازلة أو في أعقابها، كانت لي إلمامات متأنية متأملة، عبرالمقالات والندوات والمؤتمرات والكتب، تستثيرها أقوال شاذة، وتذكيها ممارسات مستنكرة، أجملت بعض ذلك في الفصل الثاني من كتابي (أبجديات سياسية على سور الوطن) تحت عنوان (الإرهاب على السفود) تناولت فيه الظاهرة الشاذة، من حيثُ تضاربُ المفاهيم، وتعددُ الأسباب، وتدافعُ الانتماءات، وطرائقُ المواجهة، وقراءة الأحداث، وترتيبُ الحلول، وصناعة الإرهاب بين المناهج الدراسية واللعب السياسية، وفداحة الحدث، ومتاهاتُ التأويل، ومسؤولية رجل الأمن ورجل الفكر في الظروف العصيبة. وفي كل شوط دلالي أحيل إلى آي الذكر الحكيم، وإلى صحيح السنة المطهرة، وإلى منطق الفطر السليمة، وأحتكم إلى عقلاء الأمة، وأستفتي القلوب التي تطئمن إلى البر، وتتردد في قبول الإثم، فكانت كلمة الفصل: {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}و {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ} و(سباب المسلم فسوق وقتله كفر).
و (الخطاب) الحضاري ينطلق من كليات الدين، ويستلهم تاريخ الأمة، ويركن إلى الرؤية الإسلامية الآمرة بالعدل والإحسان، والناهية عن الفحشاء والمنكر. ولما لم تكن مؤسسات الوطن مصدر إيذاء للبشرية، فإن قالة السوء تبعث من كل جانب، محمَّلة تلك المؤسسات شطرا من المسؤولية. وحين تحدونا تلك الظروف إلى مراجعة النفس، وتقويم الأداء، فإن ذلك لا يعني الاستجابة لمفتري الكذب، ولا الإذعان للمرجفين، ولا الخنوع للاتهامات الجائرة. ولكن لئلا يقال بأننا نزكي أنفسنا، ونؤله هوانا، ونصر على رؤيتنا، ومما لا مراء فيه أن الاختراقات الفكرية المنحرفة، وجدت طريقها إلى أدمغة الفارغين من أبنائنا، ممن لم نكن نتوقعُ اختراقهم بهذه السهولة وبهذا الحجم. وحين نكون أمام أحداث موجعة، اقترفها الضالون من أبناء البلاد ضد أهلهم، فإن العبارات المتمارضة الهروبية لا مكان لها، فالواقع يحتم الصدعَ بالحق، وإن كان مراًّ، ومصارحة النفس، وإن كانت مؤلمة، وتسمية الأشياء بأسمائها، وإن كانت قبيحةً. إن لدينا إرهاباً، ولدينا إرهابيين، وطائفةٌ من أبنائنا يتخطفهم اللاعبون بالنار. والميتون بغيظهم يهمزون، ويلمزون عبر القنوات المأجورة والصحف الفضائحية، والعمليات الإرهابية على أديمنا الطاهر أوضح شاهد على أن اللعبة القذرة كشَّرت عن أنيابها، ومن ثم لم نعد بحاجة إلى الدليل. وكلمة ولي العهد تؤكد أن الموقف لا يحتمل (الحياد).
إن علينا لكي نكون واعين مسددين أن نفصل بين الظاهرة الإرهابية بصفتها العالمية والممارسة التخريبية داخل البلاد. والحديثُ المتجانس عن ظاهرة الإرهاب، يعني تماثل الأسباب والأهدافِ، وهذا غير صحيح. وإذا كان الواقع العالمي يستدعي المقاومة، فإن الواقع المحلي لا يتسع لأكثر من المشاطرة والشفافية والباب المفتوح والمناصحة، امتثالاً لحديث (الدين النصيحة).
وإذا كان الجذر اللغوي لكلمة (الإرهاب) ذا أصل واحد، فإن تعاريفه ومفاهيمه ومجازاته وانزياحاته، تتغير في الزمان والمكان والأحداث. ونحن لكي نُفعِّل موقفنا، ونرشِّد مواجهتنا، يجب أن يكون خطابنا عن الإرهاب الداخلي متسماً بالصدق والصراحة والصرامة والحدية وعدم المساومة أو المزايدة. وكل من عدت عينه إلى مواقع أخرى في (الغرب) أو في (الشرق) في (العراق) و في (أفغانستان) في (فلسطين) أو في (الشيشان) فإنه سيجد نفسه بين إرهابٍ متوحش، أو مقاومة مشروعة، أو دفع اضطراري. وحينئذ تضطرب المواقف، وتختلف الرؤى، وتكثر الثغرات، وتضيع قضيتنا البيضاء كما الشمس في رابعة النهار. وكيف ننساقُ وراء الآخر، ولكل من (البنتاجون) و(البيت الأبيض) تعريفهُ المغايرُ لصاحبه؟
إننا حين نتضامن مع العالم في مكافحة الإرهاب، وحين نعلن استنكارنا لأي ممارسة إرهابية، أو قتل عشوائي، وحين نستضيف قادة الفكر وأساطين السياسة في العالم، ليشهدوا مواقفنا الصريحة المتوازنة، فإن هذا لا يعني خلط الأوراق، ولا يعني القبول بالقول في عمليات الإرهاب المحلية على سنن القول عن العمليات الإرهابية العالمية. لقد حُمِّل الإسلامُ شطراً من التبعاتِ، وحملنا بعض الأوزار، واتهمت مؤسساتنا التعليمية والدعويةُ والخيريةُ، وحيل بيننا وبين ممارسة حقنا المشروع في الدعوة والدعم بسبب الممارسات الرعناء. والإسلام الحق وحملته المتمثلون لمقاصده ومقتضياته فوق الشبهات. وقضيتنا الأولى في المؤتمر والحملة تطهير البلاد من فلول الإرهاب، وحمايةُ الإسلام من حملات التشويه، ومشاطرةُ العالم مواجهته المشروعة، وحثهُ على حسم أسباب الإرهاب برفع الظلم ودعم الشرعية.
وإذا كان في الإرهاب العالمي أكثر من قول، فليس له ها هنا إلا قولٌ واحد: إنه إفسادٌ وحرابةٌ وبغي وتعد ونقضٌ للبيعة، وخروجٌ على جماعة المسلمين. وهو كما النص القطعي الدلالة والثبوت لا اجتهاد معه، ولا تفاوت في الموقف منه.
أما أشكاله وأنواعه وطرائقه ودوافعه ودركاته في آفاق المعمورة فإنه ظاهرةٌ عالمية تختلف فيه الآراء، لتعدد أسبابه وتنوع انتماءاته. ورفضنا له من منظور إنساني إسلامي، لا يدخل في التفاصيل، لأننا لا نتصور الأحداث كما نتصورها في بلادنا، ولا نعرف الملابسات كما نعرفها في بلادنا. ولهذا فإننا نشاطر العالم رفضه، ونحرص على تبادل الخبرات، ونود التقريب بين وجهات النظر، ولا نجد مانعاً من التعاون في مواجهته. وحقنا أن نثمن مواقفنا، وأن تلجم أفواهُ السفهاء والمأجورين عن الافتراء علينا. وفي سياق تضامننا الإيجابي مع العالم فإننا لا نسمح لأحد من أبنائنا أن يشق عصا الطاعة بقول لا تراه المؤسسة الدينية، أو بفعل لا تراه المؤسسة السياسية، أو انضمام إلى أي تجمعٍ يضرُّ بالمصالح المشروعة، كما لا نريد أن يكون خطابُنا في الداخل كما هو في الخارج. إن علينا أن نجعل من خطابنا الداخلي: خطاب موقف يقطع بالتجريم والتحريم، وخطاب فعل يسهم في قطع دابر الشر. وذلك بالتأييد المعلن، والمساندة القوية.
وكلمة ولي العهد (لا حيادية في معارك الخير والشر) تذكرنا بخطابات تمريضية، قد تفوت علينا فرص الانتصار بأقل الخسائر. إن هناك من يمكن تسميتهم ب(اللاكنيين) وهم الذين يقولون: نحنُ ضدُّ الإرهاب ولكن.. ولكل مُسْتَثْنٍ (لاكنياتٌ)، لو جمعت، وجُعلت كلُّ واحدة منها جزءًا من المبررات، لكان ذلك مؤذناً بتبرير الإرهاب. وقطعاً لدابر (اللاكنيين) نقول: - إن الإرهاب بمفهومه العالمي غيرُه في مفهومه المحلي. ومن تردد في القول الفصل عن الإرهاب العالمي فإن حجته ضعفُ التصور، وتفاقم الأوضاع غير السوية. أما المتردد في القول الفصلِ عن الإرهاب المحلي فإن حجته داحضةٌ، ونواياه مريبةٌ.
الإرهاب المحلي مواجهة معلنة لثلاث ركائز، هي كل شيء في حياتنا: -
- الأمن.
- والعقيدة.
- والوطن.
ومتى استطاع الإرهابُ النفاذَ تحت أيَّ غطاءٍ فإن الضحية الحقيقيةَ هي ذلك الثالوث الأهمُّ في الحياة السوية. وإن كان ثمة (لاكنيات) فإنه يجب أن تكون بمعزلٍ عن مواجهةِ الإرهاب المحلي والموقف منه.
لقد جاءت كلمات القادة والمسؤولين والعلماء قاطعة لقول كلِّ خطيب، فالمؤسسة الأمنيةُ وُكِلَ إليها شأنُ المواجهة والمطاردةِ وتضييق الخناق.
والمؤسسات الدعوية والتوعويةُ والتربويةُ والثقافيةُ والإعلاميةُ مسؤولةٌ عن حفظ الأجواء، وتحصينِ الأدمغة البريئة من الإفساد، والحيولة دون الاختراقات الفكرية، والسعي الدؤوب لتنشئة الأجيال على الوسطيةِ والمواطنةِ، والأخذ بتحذير الرسول الرحمة-صلى الله عليه وسلم- (إن هذا الدين متينٌ فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى).
فحين لا يسمحُ وليُّ الأمر لأيِّ ممارسةٍ إرهابيةٍ بأن تمسَّ أمن الوطن فإن ذلك مسؤولية رجل الأمن. وكلُّ مواطن في النهاية رجلُ أمن.
وإذ يقول ولي العهد (لا حيادية في معارك الخير والشر) فإن هذا يعني ان الكلمة كالبندقية، لابدَّ أن تخوضَ معترك المقاومة، عبر المحرابِ والمنبرِ والمنصةِ والقاعةِ والصحيفةِ، والشريط، والكتاب، والمواقع والقنوات.
ويوم يقول النائب الثاني: (الأعمال الإرهابية دخيلة على بلادنا) فإن هذا يعني أن البنية الفكرية والدينيةَ لأبناء المملكة بنيةٌ سليمة، وأن سائر مؤسساتنا تتوخى مقاصد الإسلام، وأن إسلامنا دين الرأفة والرحمة، وأن الاختراقات الفكرية هبت رياحها من الخارج في غفلة من الرقيب.
وعندما يقول وزير الداخلية (كلنا يدٌ واحدةٌ ضدَّ الإرهابِ وتهديدِِ الأمن) فإن هذا تجسيدٌ فعليٌّ لمقولة ولي العهد، فالكل مسؤول عن الأمن النفسي والفكري. ولا يُعذر أحدٌ على السكوت. فالقضية ليست مهمةً رسميةً ولا مسؤولية وظيفية. إنها قضية الوطن، قضية كلِّ من يعتز بانتمائه لهذه الأرض الطاهرة، قضيةُ العلماء والأدباء والمفكرين، ورجال الأمن والتربية والإعلام والأعمال والمقيمين، وقضيةُ المرأة في بيتها، والرجل في سوقه، والحِرَفي في معمله والعالم في مسجده، والأستاذ في قاعته، والأعرابي في باديته، والمزارع في حقله، قضيةُ كل مكلف يشعر أن الأمن له ولأهله كالماء والهواءِ.
وإذ لا يقبل أمير المنطقة تبْريراًَ لمثل هذه الأعمال، فإنما يعني (اللاكنيات) الهروبية التي شغلتنا عن قضايانا. وعندما تجتمع كلمة كبار العلماء على أن الإرهاب انحرافٌ فكريٌ وفسادٌ عقدي فإن ذلك الحكمَ ملْزمٌ للخاصة والعامة، حتى يأتي حكم آخر من ذات المؤسسة. وحين لا يطاعُ أمرٌ، ولا يسمعُ لكلام، تقع البلاد تحت طائلة العصيان المدني الذي يتمخض عن عصيان مسلح. وساعتها تفقد البلاد أثمن ما قدَّمه آباؤنا وأجدادنا بقيادة الملك الموحد عبدالعزيز بن سعود- رحمه الله-.
والإرهاب شئنا أم أبينا، رضينا أم سخطنا أصبح حقيقةً ماثلةً للعيان ووباءً مستوطناً، ولم يعد وقوعات عارضة. ومواجهته الحاسمةُ لا تتم بمعزل عن المسجد والمدرسة والجامعة والشارع والبيت وسائر المؤسسات الدينيةِ والأمنيةِ والثقافيةِ والتربويةِ والإعلاميةِ.
والإرهاب اليوم طاعون العصر، نزل بساحة العالم، وهمنا يجب أن يكونَ منصباً على أرضنا المقدسة بالدرجة الأولى، ولابد من نهضة جماعية، لتنقية الأجواء، والعودة بالبلاد إلى سالف عهدها أمناً واعتصاماً وتلاحماً، لنضطلع جميعاً بمسؤولياتنا قبل أن يتسع الخرق على الراقع.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج
وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج
|