مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 23-11-2006, 09:28 PM   #8
عباس محمود العقاد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
درس في محو الأمية عن الحضارة الإسلامية..!
د. حسن بن فهد الهويمل


قضيت نصف قرن ونيف في التعلم والتعليم على مقاعد الدراسة، وانخرطت في سلك التعليم، بعد حصولي على (الشهادة الابتدائية)، وكان من حولي يسمونني ب(الأستاذ الصغيِّر) وسط نخبة من كبار السن والعلم، أفدت منهم ما قيدت به نفسي، (ومن وجد الإحسان قيداً تقيدا).
والحاجة المادية إذ ذاك الجأتني إلى الجمع بين التعليم ليلاً ونهاراً، وإلى التعلم انْتساباً وانتظاماً، فكان أن مارست التدريس المسائي في (المدارس الليلية) لمحو الأمية بمكافأة زهيدة، وكان الدارسون يكبرون أبي سناً، ولما كان كرسي الطلب سحرياً - كما يقال - فلقد بُليت بمدرسة كمدرسة المشاغبين، يمارس أشقياؤها الهمز واللمز، كلما غفلت أو استدرت صوب (السبورة)، وكان المهذبون منهم يمتعضون، وقد يتفوهون بالاعتذار، كلما احمر وجهي، وأحرجني الموقف، ومنذ ذلك الحين أدركت أن الدور للعقل الرزين والعلم الغزير، وليس للسِّن واللَّسن، وأن التاريخ يعيد نفسه، ف(الرجل السبعيني) كما يحلو للساخرين إطلاقه عليَّ، لن يعدم المتخلقين بأخلاق المشاغبين من الأميين في همزهم ولمزهم، كما عرفت أن الأمية ماضية إلى يوم القيامة، وأنها ليست وقفاً على الذين لا يقرؤون ولا يكتبون، فكل من (سَفِهَ نَفْسَهُ) البقرة 130: 2 وتقحم سوح ما يجهل أميّ يثير الشفقة والسخرية.
و(أمية التخصص) ظاهرة مستفيضة، تؤكد ذلك، والعصر الذي فرض أدق التخصصات، وسَّع دائرة الأمية، وكم من حامل للأسفار.




(كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
والماء فوق ظهورها محمول)


والحياة المفتحة الأبواب على صنوف المعارف بحاجة إلى المثقف بمفهومه الأوسع، وهو: (من يعرف كل شيءٍ عن شيءٍ وشيئاً عن كل شيء)، إضافة إلى اتقان مهارة الوصول إلى المعلومة في أسرع وقت وأقل جهد مع دقة الملاحظة وقوة الحافظة، فثورة المعلومات والاتصالات والإعلام والمواقع والأقراص المدمجة والموسوعات والمعجمات وسهولة البحث والدخول على المواقع، قربت المعارف، وكشفت الأدعياء، وعرَّت الزيف، وفرقت بين المشِئين والمتضلعين، وبين النص الإنشائي المتسطح والنص المعرفي العميق.
و(الثقافة) و(المثقف) مفهومان مشرَّعان على كل الاحتمالات، وإشكالية الأميين الذين لا يعرفون أميتهم أنهم يمارسون الجدل في القضايا الفكرية والسياسية والأدبية، وقد يتخطون ذلك، فيجرؤون على الفتياء الجازمة الصارمة في الدين والسياسة والفكر وسائر القضايا المصيرية، و(أجرؤ الناس على الفتيا أجرؤهم على النار)، وإذا أرشدت ضالهم، وسدَّدت مخطئهم، لم يكتفوا بالإصرار والاستكبار واستغشاء الثياب، وإنما يبيحون لأنفسهم الرتوع في عرضك المصون، مستدبرين القضايا مناط البحث، ومثل هذه الممارسات مؤشر جهل وإفلاس، فالقضايا هي مجال الاختلاف، ومن حق كل مقتدر أن يتعامل معها وفق رؤيته ومفهومه المحكومين بما لا تتحقق الحضارة إلا به، فحرية القول مقيدة بالرد إلى النص التشريعي القطعي الدلالة والثبوت، والثقافة المأخوذة على وجهها تسهم في فك اختناقات الأمية المجهولة، ولكنّ المترفين من القراء والكتَّاب لا يغالبون القراءة وفق نظرية (الاستقراء البيكوني) ولا يتمثلون القضايا على وجهها، والتسطح على الأشياء دأب المتسرعين والذوَّاقين، وتلك مصيبة المشاهد الثقافية.
ومهما اختلفت الآراء حول القضايا الكبرى في الإسلام، كمفهوم الحضارة وعمقها وشمولها واحترام حملتها وحتمية الرد إلى نصها فإن هناك قاسماً مشتركاً يلتقي حوله الخصوم، وأدبيات الحوار والمناظرة لا يلقاها إلا ذو علم عميق، وعقل راجح، وتجربة واعية، والذين لا يفقهون ما أوتوا، ولا يتحلون بأدبيات الحوار يفرون من تلك القواسم المشتركة في محاولة مستميتة لحفظ ماء الوجه وتغطية الهزيمة النكراء، والعقلاء العالمون يستدرجون خصومهم المهتاجين العزل للتوغل في دوائر الضوء، كي يستجلوا اعترافاً لا إرادياً، يعريهم أمام الملأ، ويؤكد أنهم أميون فيما يخوضون فيه من معارف، ولا سيما أن قصة الحضارات السماوية والإنسانية مستوفاة وفي متناول اليد.
وقول المقوين في (الحضارة الإسلامية) قول مكرور، يستعيره الضغث من الإبالة، والإشكالية ليست في مبتسرات المقوين على غير فهم ولا نظام، ولكنها في غياب الاستيعاب والفهم والتمثل، كما هي عند (ابن مسعود) رضي الله عنه، وفي عدم الخلوص من سلطة النص المبتسر إلى سلطة القراءة، حسب الرؤية (التفكيكية) عند (جاك دريدا)، وفي الافتقار إلى دقة الملاحظة، وذكاء الرصد، ونباهة التحري، كما هي عند (الجاحظ)، وضرورة الوصول بعد التقويض إلى ضرب الآراء بعضها ببعض، والخروج برؤى وتصورات مدعومة بالحجج والبراهين الأقوى، وآراء العلماء والمفكرين المتناقضة ثاوية في الموسوعات والدراسات المؤلفة والمترجمة، ودور المستدعي الحاذق سرعة الوصول، ودقة الانتقاء، وإتاحة التفاعل بين القول والقول المضاد، ورباطة الجأش عند اكتشاف الرأي ونقيضه، وتفادي الوقوع تحت هيمنة المتداول الغربي، كالقول ب(الكهنوتية) و(التنوير) فأمر (الدين) قائم على التجديد، وسؤال أهل الذكر لمن لم يعلم، والرد عند الاختلاف إلى الله والرسول، ولو عرف المتهمُون لعلماء الإسلام حقيقة (الكهنوتية) لكرموا علماءهم، ولو قرؤوا كتب الخلاف بين المذاهب وفي المذهب الواحد والفقه المقارن وحتمية الاجتهاد وندرة الإجماع لأكبروا الإسلام وعلماءه، وتداول القول الغربي دون وعي بمدلوله مؤشر أمية وادعاء.
والفارغون المتنفذون في المشاهد والمواقع يجترون ببلاهة معتقة مهترئ القول الاستشراقي، ويعوِّلون على من يمرُّ بهم على مفتريات من سلف ومن خلف منهم، وإذا انتهبوا تهمة من أكاذيبهم، ادعوا أنها من عند أنفسهم، ليظفروا بردود الفعل التي تعرَّض لها المستشرقون، وحسبهم أن يبنوا لأنفسهم قلاعاً ورقية في بؤرة الضوء الزائف، وما دروا أن هذه البؤر تكشف عن ثقافة التسول والخنوع والتملق، والغرب يستميت في نفي (الغزو) و(التآمر)، ويدعي أن تشكيكه في اليقينيات الكبرى لإنقاذ المسلمين من خرافة الدين، وأن اختراقاته لأجواء الفكر والسيادة من أجل توفير (الحرية) و(الديموقراطية) و(المدنية) و(التحضر)، وإذا كان بالأمس يجند رجالاته من رحّالة ومبشرين ومستشرقين لتسريب هذه المفتريات التي لا تخدع إلا الأمي أو المبهور المواطئ فإنه اليوم يجد من المغلوبين من ينهض بإشاعة حسن المقاصد، ويستبعد ظاهرة (الغزو) و(التآمر) ويرى أن إشاعتها للتبرير والتعذير والإسقاط وتزكية النفس، ويصف أهل الذكر ب(الكهنوت) ويستعير آلية (التنوير) لمواجهة الحاكمية والهيمنة الإسلامية، والغرب فتح شهية (الغزو) و(التآمر) في العصر الحديث باتفاقية (سايكس بيكو) تلك المعاهدة السرية الماكرة بين دولتين دائلتين (بريطانيا) و(فرنسا) بشأن تقسيم الولايات (العثمانية)، وهو اسم مركب من ممثلي الدولتين (مارك سايكس) البريطاني و(جورج بيكو) الفرنسي، تم ذلك عام 1916م، ولم يفتضح أمر المؤامرة إلا عام 1917م على يد القوات الألمانية، وقد تسربت الاتفاقية وبنودها الاثني عشر من روسيا القيصرية بعد الثورة.
ومضامين الاتفاقية وبنودها تجعل الأمة العربية قطيعاً مطيعاً، تتوفر له أجواء الحظائر لا ميادين اللزز والتنافس الشريف، وهو إذ فتح شهية الغزو والتآمر بما سلف، فقد أشبعها بمنظماته وصناديقه وهيئاته وعملائه ولعبه الكونية وحصاره ومقاطعته، ومن هذه الأجواء نسل اتباع الحضارة الغربية والذابون عن عواجيزها، وتنفسوا في أجواء القبضة المحكمة والضغط المرهق المدعوم بالغزو والاحتلال والاستيطان والقواعد، ظناً أن جحافل التغريب ستمضي قدماً من دول لأخرى، لتمنحهم الحرية المزعومة (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا)، وما علموا أن الله يدافع عن الذين آمنوا، إن تجربة الغزو العسكري الماثل للعيان والضربات الاستباقية المهلكة للحرث والنسل، يحرض عليها اليمين المتطرف، ليبقي على التفوق (الإسرائيلي) وها هو (كولن باول) يكشف بعض الحقيقة في قضية غزو (العراق)، ومقولته تمثل صحوة الضمير المتأخرة، وهل ينفع العراق كلمة اعتراف، ودون الذي يؤمّله فراغ دستوري، وقتل همجي، وطمس للتاريخ، وتمزيق للوحدة.
وإذا لم يكن هناك (غزو) ولا (تآمر) فمن الذي بارك الدعوة إلى (الفينيقية) و(الفرعونية) و(البربرية) وأزهق أرواح مليون شهيد في (الجزائر)؟ ومن الذي ركل قبر (صلاح الدين) قائلا: - ها نحن عدنا يا صلاح؟ ومَن الذي أرهص للدعوة إلى (العامية) واستبدال (الحروف اللاتينية) ب(الحروف العربية)؟ ومَن الذي أقبل بجيوشه المدججة بالسلاح ليحتل أقوى دولة عربية؟ ومَن الذي ضرب المفاعلات أو منعها؟ ومَن الذي أجهض التجارب (الديموقراطية) في بعض الدول الإسلامية؟ ومَن الذي شوه الحضارة الإسلامية عبر (أفلام هوليود) و(مواقع الإنترنت)؟ ومَن الذي طارد العلماء العرب؟ وأين منكرو الغزو من (الحروب الصليبية) وحملة (نابليون)، وأمواج المبشرين، وحملات المستشرقين على القرآن والحديث والفقه والتاريخ الإسلامي وسائر المنجزات الحضارية للإسلام، مما تفيض به كتب المستشرقين؟ وأين هم ممن يتبنى المذاهب الهدامة، وينفق عليها، ويعلي من شأنها؟ وأين هم ممن يعزز الطائفية و(الإثنية) و(القومية)؟ وأين هم مما استفاض عن (الطابور الخامس) وسائر المنتديات التي يتبناها المناديب وكبار موظفي السفارات؟ سيقول المخذِّلون: يدُ الأمة أوكت وفوها نفخ، ونقول ما قال (مالك بن نبى): تلك القابلية للاستعمار، والمخذِّلون مثل السوء لهذه القابلية.
والذين جندوا أنفسهم لتسويق الآراء الاستشراقية ما عرفوا أن ما يسوقونه بضاعة ليست من عند أنفسهم، إذ هي بضاعة الاستشراق التي استهلكت نفسها، ولم تعد مجدية يوم أن كانت تدار بأيدٍ قوية مدعومة في أوج جدتها وحدتها، فكيف يكون أثرها اليوم بعدما افتضح أمرها، وتلقاها بالشمال المشكولة جهلة مجندون، وصدق الله (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).
والذين يسخرون من تداول مصطلح (الغزو) و(التآمر) يعمقون السخرية بطلب ممارسته من (الشرق) المستضعف في (الغرب) المتغطرس. وكيف يتأتى (الغزو) و(التآمر) من أمة يخذلها أبناؤها العققة الذين غرسهم الغزاة ليجسدوا (الطابور الخامس)؟.
والآخذون بعصم الاستشراق تدركهم أزماته، ويقعد بهم اجتراره، فالأولون الهالكون منهم لم يغادروا من متردم، فقد استوعبوا كل المتشابه في كل مفردات الثقافة الإسلامية، ونفذوا من كل الثنيات، وشككوا في عالم الغيب والشهادة، وطالت أذيتهم كل المعارف، ولم يتلقهم علماء الأمة وحماة الحضارة الإسلامية بثقافة الانبطاح، وإنما نفذوا إليهم بالحجج الدامغة والحقائق الملجمة، ومن جاء بعدهم من المتذيلين، لم يجدوا ما يقولونه لمن خلفهم من الأشياع والأتباع إلا اجترار مقولات مهترئة من الترديد.
وأزمة الاستشراق الحديث ظاهرة للعيان، وهي حقائق لا مجال لإنكارها، وقد استوفاها المهتمون بالشأن الاستشراقي، والذين يستفزون قومهم بساقط الرأي، لا يعلمون بهذه الإخفاقات الاستشراقية، وهم فيما بين أيديهم كما أهل الكهفَ ووَرقِهم، وكنت أود من عقلائهم الأخذ على أيديهم واقتيادهم طوعاً أوكرهاً إلى مقاعد محو الأمية للحصول على مبادئ الجدل المعرفي، ومثلما أن الاستشراق بوصفه ظاهرة جدلية متذيل للاستعمار، ومشتغل في شأنه، فإن المتهافتين على مقولاته متذيلون للاستشراق المتذيل، وهذه المذلة تذكرنا بمقولة الشاعر:



(ولو أن عبد الله مولى هجوته
ولكن عبد الله مولى مواليا)


ونحن هنا لا نمارس التنابز بالألقاب، ومعاذ الله أن نتهم شخصاً بعينه وإن قال كلمة الاتهام، ولكننا نقتدي بالبر الرحيم في تنبيهه: (مالي أرى قوماً يفعلون كذا)، ونحاول باللمحة وضع المتذيلين أمام أنفسهم عسى أن يرعووا، ويستعملوا ما وهبهم الله في طاعته، والذب عن بيضة الإسلام، والمستشرقون المعاصرون الذين يتخذهم المتذيلون مناطاً لتشبعهم مصابون بداء الضعف المعرفي واللغوي والفكري في مقابل الصحوة والتطور المعرفي وسقوط (الايديولوجيات) الخادعة، ك(الماركسية) و(الداروينية) و(الوجودية).
والحضارة الإسلامية التي توصف بالتخلف والمحدودية، وتؤخذ بضعف المسلمين وتفككهم، ويعاد ترميم آلية الضربات الاستشراقية للإجهاز عليها، هذه الحضارة المحاصرة قابلة للمنازلة الشريفة والتحدي الواثق، والصمود المفحم، ومصدر بقائها تعهد الله بحفظها، واتساعها لكل ما يتطلبه إنسان العصر من صناعات واكتشافات وإعداد للقوة، والإسلام لا يشكل عقبة في طريق أي حقل معرفي، ويكفي قول الرسول: (أنتم أدرى بأمور دنياكم)، وما نشاهده من تخلف مادي مرده إلى سنة التداول والتدافع، ومع ذلك كله فإن (الحضارة الإسلامية) تمثل البنية التحتية للحضارة المهيمنة، وهي المستوعب الأقوى لما سلف من حضارات (يونانية) و(رومانية) و(آرية)، والشاهد الذي رأى كل حاجة، وألم بقصة الحضارة الإنسانية (ول ديورانت) يقول: (فإذا درسنا الشرق الأدنى وعظمنا شأنه فإنّا بذلك نعترف بما علينا من دين لما شادوا بحق صرح الحضارة الأوروبية والأمريكية وهو دين كان يجب أن يُؤدى من زمن بعيد).
وقوله هذا يحيل إلى حضارات الشرق الأدنى التي سبقت الإسلام، ونفذت إلى حضارة الغرب عبر مشاهد الحضارة الإسلامية، فهي الناقل المتفاعل، وليس الوسيط المؤدي فقط كما يحلو لبعض المستشرقين.
والحضارة الإسلامية استثمرت كافة المناهج والمبادئ وسائر المعارف التي نقلت بالترجمة أو بدخول الناس في دين الله أفواجاً يوم أن جاء نصر الله والفتح، واستوعبت الحضارة (السومرية) و(الفرعونية) و(البابلية) و(الآشورية) و(الفارسية) وتمثّل طائفةٌ من علماء الإسلام ما أبقته عوادي الزمن من مناهج وآليات، وما قامت النحل والملل، وما تفاوتت الفرق حول المنقول والمعقول إلا بسبب اتساع الإسلام لكل فيوض الحضارات، والعالم الإسلامي اليوم يشاطر الغرب في بناء الحضارة الإنسانية، فالعلماء والمفكرون الإسلاميون تتخطفهم حواضر العالم الغربي، والدول الإسلامية لم تتأب عن قبول منجزات الحضارة العلمية، وكيف يتحقق التمنع وهي المستهلك الأقوى لمنجز الحضارة الغربية؟ والغرب يعرف المارد، ولهذا يثقل عليه القيود، ولا يصدر إلا المنجز للاستهلاك، أما الشفرات والأنظمة والطرائق فحرام عليه، والإسلام حين يرفض السلوكيات الموبوءة يحال هذا الرفض المشروع إلى رفض منجز الحضارة المادي، وهذا محض افتراء، وإذا اختلف علماء الكلام والفقه مع نظرائهم في المنطق والفلسفة فإن هذا الحراك مؤشر استيعاب وشمول وتفاعل، يحسب للحضارة الناقلة، وإن كان ثمة مزيدٌ من الارتكاس فإنه سيكون على يد من وصفهم (عبدالوهاب المسيري) بقوله: (نعيش حالة تخلف ثقافي شامل، ومثقفونا يعيشون على نفايات الثقافة الغربية) اليمامة 6-8-1426هـ ولمكافحة الأمية أوجه بقراءة كتابين (قالوا عن الإسلام) لعماد الدين خليل، و(الإسلام في عيون غربية) لمحمد عمارة كبداية لفتح الشهية وتجاوز الأمية.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج
وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج
عباس محمود العقاد غير متصل