مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 07-12-2006, 04:47 AM   #49
هند الودعاني
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 24

إخوتي الفضلاء لعلي أرد في نقاط موجزة حتى يكون الكلام أكثر تركيزا ونستطيع جمعه في جزئيات محددة دون التشعب به.

- هل يوجد في الشريعة نص صريح صحيح في اعتبار الكفاءة في النسب؟.

هذه القضية هي أصل الكلام كله ومنزعه فإن ثبت الدليل وجب المصير إليه وإن لم يثبت كان الحكم به عصبية تخل بمروءة المرء ودينه بعد أن يبين له الحكم الشرعي وتتضح له الحجج والبراهين والعصبية القبلية مثل العصبية المذهبية كلها مذمومة ومرفوضة.

لا يوجد في الشريعة الإسلامية نص لا من كتاب ولا من سنة صحيحة تدل على اعتبار الكفاءة في النسب في أمر الزواج وهذه كتب الإسلام بين يديك فإن وجدت فيها نصا صحيحا صريحا في اعتبار الكفاءة في النسب فسوف أعلن تراجعي التام عن هذا الموضوع الذي كتبته.

بل يوجد في السنة أحاديث كثيرة تدل على خلاف ذلك بل وتدعو إلى تزويج الكفء باعتبار دينه وخلقه لا باعتبار حسبه ونسبه وكيف لا يكون ذلك والشريعة دعت أول ما دعت إلى التآخي والوحدة والمساواة في كل شيء ابتداء من الحقوق والواجبات وانتهاء إلى المباحات فلم تفرق الشريعة مطلقا بين ذوي الحسب والنسب وبين غيرهم وجعلتهم شيئا واحدا اللهم إلا ما ثبت لآل بيت النبوة من الشرف في النسب وهذا الشرف في نسبهم لم يمنعهم أن يزوجوا من هم أقل منهم في هذا الأمر كما زوج علي بن أبي طالب ابنته لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما مع كونه من آل البيت وعمر ليس كذلك فلو كان الأمر مختصا بالتفضيل المطلق والتفريق لما زوج علي ابنته إلا لمن يساويها في شرف كونه من آل بيت النبوة.

وهذا الكلام ليس كلامي بل هو كلام المحققين من أهل العلم الذين ذكروا بأن عامة ما يروى في اعتبار النسب في الزواج إنما هو أحاديث لا تقوم بها الحجة مطلقا وغالبها منكر أو موضوع والباقي شديد الضعف جدا.

قال الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري ما نصه: ولم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب حديث.

وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى:وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم نصٌ صحيح صريح في هذه الأمور أي: في أن الكفاءة النَّسَبية معتبرة.

وقال ابن القيّم في كتابه زاد المعاد:

( فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم: اعتبار الدين في الكفاءة أصلاً وكمالاً فلا تُزَوَّج مسلمة بكافر ولا عفيفة بفاجر ولا يَعتبر القرآنُ والسنة في الكفاءة أمرًا وراء ذلك فإنه حرّم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث، ولم يعتبر نسبًا ولا صناعة ولا غنى ولا حرية؛ فجوز للعبد القن نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفا مسلما وجوّز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات ) .

انتهى كلامه رحمه الله.


قال الإمام الشوكاني في كتابه السيل الجرار:

( وأما ما أخرجه الترمذي عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا تؤخر الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفئا فليس في هذا الحديث ما يدل على اعتبار الكفاءة في النسب بل يحمل على أن المراد إذا وجدت لها كفئا ترضى خلقه ودينه كما في الحديثين السابقين وما حديث خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام فليس فيه دلالة على المطلوب لأن إثبات كون البعض خيرا من بعض لا يسلتزم أن الأدنى غير كفء للأعلى وهكذا حديث أن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم فإن هذا الاصطفاء لا يدل على أن الأدنى غير كفء للأعلى وقد ثبت انه صلى الله عليه وسلم زوج مولاه زيد بن حارثة بزينب بنت جحش القرشية وزوج أسامة بن زيد بفاطمة بنت قيس القرشية وزوج عبدالرحمن بن عوف بلالا بأخته واخرج أبو داود أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا بني بياضة انكحوا أبا هند وانكحوا إليه وأخرجه أيضا الحاكم وحسنه ابن حجر في التلخيص واخرج البخاري وغيره عن عائشة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى امرأة من الأنصار وإذا تقرر لك هذا عرفت أن المعتبر هو الكفاءة في الدين والخلق لا في النسب لكن لما اخبر صلى الله عليه وسلم بان حسب أهل الدنيا المال وأخبر صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح عنه أن في أمته ثلاثا من أمر الجاهلية الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة كان تزويج غير كفء في النسب والمال من أصعب ما ينزل بمن لا يؤمن بالله واليوم الآخر ومن هذا القبيل استثناء الفاطمية من قوله ويغتفر برضا الأعلى والولي وجعل بنات فاطمة رضي الله عنها أعظم شرفا وأرفع قدرا من بنات النبي صلى الله عليه وسلم لصلبه فيا عجبا كل العجب من هذه التعصبات الغريبة والتصلبات على أمر الجاهلية وأعجب من هذا كله ما وقع للجلال من نقل الأكاذيب المفتراة في شرحه لهذا الموضع وهو مصداق ما اخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن تلك الخصال المذكورة في الحديث السابق كائنة في أمته وأنها لا تدعها أمته في جاهلية ولا إسلام كما وقع في الصحيح وإذا لم يتركها من عرف أنها من أمور الجاهلية من أهل العلم فكيف يتركها من لم يعرف ذلك والخير كل الخير في الإنصاف والانقياد لما جاء به الشرع ولهذا اخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال اعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس ).

انتهى كلامه.


وأما الأحاديث المتظاهرة فهي تدل على عدم اعتبار الكفاءة في النسب مطلقا بل وجهت الناس إلى اعتبار أمور الدين والخلق وهو الذي دل عليه عمل الصحابة رضي الله عنهم ولهذا قال الحارث بن مسكين لقد أحببت الشافعي وقرب من قلبي لما بلغني أنه كان يقول الكفاءة في الدين لا في النسب لو كانت الكفاءة في النسب لم يكن أحد من الخلق كفؤا لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد زوج ابنتيه من عثمان وزوج أبا العاص بن الربيع.

فعن عائشة رضي الله عنها أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى امرأة من الأنصار رواه البخاري والنسائي وأبو داود.

وهذا نص صحيح صريح يدل على عدم اشتراط الكفاءة في النسب فإن أبا حذيفة قرشي معروف وسالم مولاه كان عبدا لدى امرأة من الأنصار ومع ذلك أنكحه ابنة أخيه.

وأخرج البخاري رحمه الله في صحيحه: تحت باب: «الأَكْفَاء في الدين» ، - ومسلم أيضًا - من حديث عائشة رضي الله عنها؛ أن ضباعةَ بنت الزبير: «كانت تحت المقداد بن الأسود».
قال ابن حجر - في قصة زواج المقداد بضباعة بنت الزبير -: «فإن المقداد - وهو ابن عمرو الكندي -؛ نسب إلى الأسود بن عبد يغوث الزُّهري لكونه تبنّاه، فكان من حلفاء قريش، وتزوج ضباعة وهي هاشمية، فلولا أن الكفاءة لا تعتبر بالنسب، لما جاز له أن يتزوجها؛ لأنها فوقه في النسب».

انتهى كلام الحافظ ابن حجر.


وعن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن أمه قالت رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال رواه الدارقطني.

وعن أبي هريرة أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه قال وإن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة أخرجه أبو داوود وغيره وقال عنه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير إسناده حسن وأبو هند المذكور كان من موالي بني بياضة ولم يكن من أنفسهم فلو كانت الكفاءة في النسب معتبرة لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بني بياضة بأن ينكحوه ولراعى اختلاف الطبقتين بينهم هذا فضلا عن كون أبي هند حجاما والحجامة كانت صنعة معيبة في ذلك الوقت.

ولعلكم تقولون إن هناك جمعا من أهل العلم قالوا باعتبار الكفاءة في النسب في أمر الزواج فالجواب من أربعة أوجه:

الوجه الأول:

أن هذا لا يستقيم في الدلالة على مقصودك فإن حديثنا عن الدليل الشرعي فحسب وليس عن كلام الأئمة والمنقول عنهم فإذا كان القياس وهو دليل شرعي رابع تثبت به الأحكام يخالف نصا صريحا صحيحا وجب رده ويسميه علماء أصول الفقه بالقياس الفاسد الاعتبار لأنه يخالف نصا صحيحا فكيف يكون الحال بكلام العلماء إذا خالف الدليل الصحيح؟.

الوجه الثاني:

أن هؤلاء الذين قالوا باعتبار الكفاءة في النسب قابلهم آخرون قالوا بعدم اشتراطه واعتباره وليس قول الذين نقلت أنت عنهم بأولى من قول الآخرين وإذا تعارضت أقوال هؤلاء العلماء من كل وجه تساقطت ولم يبق إلا المرجح الخارجي وهو الدليل الشرعي فليس قول بعض أهل العلم حجة دون البعض إلا ما عضده الدليل وأسنده.

الوجه الثالث:

أن العلماء الذين قالوا باعتبار الكفاءة في النسب جعلوا للمرأة حرية اختيار من تريد وجعلوا لأهلها كذلك حرية الاختيار وبحسب تتبعي لكلام العلماء في هذه المسألة لم أجد عالما واحدا أبطل زواجا لاختلاف النسب بين الزوجين أو دعا إلى إبطاله أو حرض المجتمع عليه وهذا خلاف ما يجري الآن من أولئك الذين يتشدقون في استدلالهم على عصبيتهم بقضية الكفاءة في النسب فإن هذه دعوى لا تستقيم لهم لأنهم يزعمون أنهم يحكمون بقول العلماء في اعتبار الكفاءة في النسب بينهم هم في الحقيقة يتعصبون تعصبا جاهليا بدليل حربهم الشعواء على من يقرر الخروج على نظام العائلة أو القبيلة ويختار الزواج من غير قبيلية مثلا.

الحاصل أن الذي يجري الآن في بلاد نجد هو من كل الأوجه لا يتفق مع كلام العلماء في اعتبار الكفاءة في النسب فيما لو قلنا تنزلا أن النسب والكفاءة فيه معتبرة بل هو تعصب واضح للعرف والعادات والتحاكم إليها بدلا من التحاكم إلى شريعة الله تعالى الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.

ومن هنا فإن الحديث عن قضية الكفاءة في النسب عند الحديث عن قضية التفريق بين قبيلي وخضيري إنما هو إخلال واضح بالقضية وتبسيط في غاية الإخلال وبينهما فرق كبير جدا فمسألة الكفاءة في النسب عند من يقول بها يجعلها مختصة بأهل الزوج أو الزوجة بينما الذي يجري في نجد هو تعصب من العائلة والقبيلة كلها وكأن هذه الزيجة لو تمت سوف تكون نهاية العالم والمطاف.

أعتقد أن القضية خارج عن إطار الكفاءة في النسب من جميع الأوجه وداخلة في تقسيم طبقي للمجتمع.

من أجل هذا فلا يستقيم لك إيراد كلام من اعتبر الكفاءة في النسب وجعله حقا لولي المرأة لأنه إنما يقصره على محله وأما تعميمه على الحاصل في نجد الآن فلا يسلم لك به لأن دليلك أخص من دعواك فدعواك عامة تشمل الكثير من الصور وما تنقلينه عن أهل العلم الذين يقولون باعتبار الكفاءة في النسب إنما هو في جزئية بسيطة جدا وهي حق الرجل في اختيار الحسيب والنسيب لزوج ابنته.

وجميع هؤلاء العلماء لم يقل أحد منهم أنه يجب السعي الحثيث لإلغاء هذه الزيجة أو الاجتهاد لئلا تقع محافظة على النسب حتى لو أدى ذلك إلى تقطيع الرحم كما هو الحاصل الآن.

الوجه الرابع:

لو كان الأصل الذي يمشي عليه من يفرق بين القبيلي والخضيري في أمر الزواج هو مسألة الكفاءة في النسب لبادر إلى تطبيقه حين الزواج من خارج هذه البلاد بل الذي نشاهده ونراه أن الذي يرغب في الزواج من خارج البلاد لا يسأل عن حسب البنت ونسبها وإنما يهمها جمالها ومظهرها فقط فأين ذهبت قضية الكفاءة في النسب عند الزواج من الخارج؟ ولماذا لا نرى الإنكار على من يرغب الزواج من الخارج؟ إنما هو التعصب ضد إخواننا من الخضيريين في هذه الجزئية بالخصوص.

وأما قول إن فتح الباب لمثل هذه الزيجات يؤدي إلى الفساد والفتنة فإنني أقول نعم هذا الأمر معقد غاية التعقيد ولكنه أيضا له علاج وحل بإذن الله.

لقد جاء الإسلام وأرض مكة تعج بالعديد من العادات الجاهلية المستحكمة فأخذ يهذب النفوس رويدا رويدا حتى انتزع منها الرواسب الجاهلية مع مرور الوقت وجعلهم نفوسا سليمة صافية تخلو في معظم حالها من بقايا الجاهلية الضارة.

إننا نقول الآن أن هذه التفرقة الحاصلة بين القبيليين وغيرهم في أمور الزواج هي من البدع المحدثة والعادات الضارة والتي يجب التخلص منها ولكننا لا نقول أنه يجب التخلص منها في يوم وليلة أو بإراقة الدماء أو بدعوة النساء بالتمرد على أوليائهم حاشى والله وكلا ولكننا نطلب منهم ومن المجتمع جميعا أن يتدرج في التخلص من هذه العادة بتسهيل أمور الزواج وغض الطرف كما يحصل الآن لو أراد الرجل القبيلي أن يتزوج من خارج البلاد فإنهم لا يحركون ساكنا ولا تقوم قائمتهم لكن قائمتهم لا تقوم إلا إذا تزوج خضيرية فلماذا لا يتم التعامل مع الخضيرية كما يتم التعامل مع الزوجة الوافدة؟.

إخوتي الكرام إن قطيعة الرحم وإراقة الدماء شر وفتنة بلا شك ولكن التعصب المذموم وإغلاق الطرق على الناس في أن يتزوجوا كيف شاءوا ومتى شاءوا ومن أي عائلة شاءوا هو فتنة وشر أيضا ولهذا يجب التخلص من كلا الأمرين وعدم التهاون فيهما ولا يقال مثلا إن القول بفتح باب الزواج سوف يؤدي للفتنة والواجب إغلاقه فإن هذا ليس بحل بل هذا مثل صنيع النعام في إخفاء الرأس في التراب والفرار من الحل.

الحل يكمن في تدريج المجتمع على قبول مثل هذه الزواجات كما قبل المجتمع زواج القبيلي من الوافدة وكما قبل المجتمع قبل أربعين سنة تحرير العبيد والإماء من قبل الملك فيصل رحمه الله وقبل ذلك كان الرجل يستنكف ويستكبر أن يجلس بجواره العبد أو يؤاكله ويشاربه ولكن لما جاء أمر التحرير من الملك فيصل تغيرت الأمور وصار المولى والجارية مواطنين بكامل الحقوق المستحقة والواجبة وكذلك موضوع التزواج بين القبيليين والخضيريين لو كان فيه مبادرة وجرأة من علية القوم لتغيرت الأوضاع عما هي عليه الآن ولأصبح المجتمع منفتحا أكثر من الآن ويعيش في حدود من الحرية المشروعة دون وجود الضغوط والشحن.

نعم الموضوع شائك ومعقد وطويل ويحتاج إلى صبر ولكنه ليس بمستحيل والإذعان للشرع والانقياد له الذي حول جيل الصحابة من جيل كان يفتخر بأمور الجاهلية ويشرب الخمر ويعاقر الفواحش والمنكرات إلى جيل فريد فذ في بضعة سنوات لكفيل أيضا بتحويل مجتمعنا إلى مجتمع مترابط متوحد يجعل التقوى والخلق هو أساس التفاضل والكفاءة في الزواج وغيره.

يقول علي العيسى مؤلف كتاب قبيلة آدم:

( ولكن ما الحلّ؟. الحلّ عند الحلال جلّ جلاله، الحلّ في القرآن الحكيم والسنة القويمة وما دعيا إليه اتباعًا لهما لا ابتداع فيه.

وتطبيق الحل والأسلوب والنهج والخطة تستوحي من أسلوبهما في مثل تحريم الخمر التدريجي، والتخلص من الرِّق والاستعباد بتصعيب الشروط والتشجيع على الخلاص منه والحث على الإعتاق، وتعديد محاسنه وحسناته.

إذ لا يتوقع ما بين غمضة عين وانتباهتها أو في يوم وليلة أن يقول الناس جميعهم أو أكثرهم: لا قبيلي وغير قبيلي، كلنا مسلمون إخوة في الإسلام، عدنا إلى كتاب الله وسنة نبيه، عدنا إلى أنظمة دستورنا الرائع لنتقيد بها ونسير في هداها.

ولكن يمكن مبدئيًا – لمن لن يفعل الأفضل – يمكن الإبقاء على القبلية كنسب يتبع الوالد (الأب) فقط، فإن كان الأب غير قبيلي والأم قبيلية، فالأم حسب سير الأمور، وسنة الحياة لا يحفظ عن طريقها النسب، ولكن سيحدث التقارب والتراحم فأولاد غير القبيلي أعمامهم غير قبيلية، وخؤولتهم قبيلية.

والمرأة على أي حال مزرعة لنطفة الرجل، يقول الشاعر:

لا تزرين فتى من أن يكون له = أم من الروم أو سوداء عجماء

فإنما أمهات الناس أوعية = مستودعات وللأولاد آباء

وإذا كان الأب قبيليًا والأم ليست كذلك، فلا دخل للأم في ذلك، ويبقى الابن قبيليًا يتبع والده، وعمومته قبيلية وخؤولته غير قبيلية، وإذا كثرت الحالات صارت عادية. وجرّت إلى المرحلة الأفضل.

وبهذا التداخل المرحلي تتقارب الأسر وتتصاهر، وتمحّى الفوارق شيئًا فشيئًا، وتلتئم العظام، ويبرأ الجرح، ولا يبقى من النسب إلا المشروع منه وهو ما يوصل به الرحم. ولكن الطبقية الاجتماعية، والمشاعر اللاإسلامية تأخذان سبيلهما في الانصراف والزوال قليلاً قليلاً حتى يغرب المحظور ويتحقق المأمول ).

انتهى كلامه.

لقد ذكرت أن حديث الافتخار بالنسب هو مجرد خبر ولا يفيد حكما وأن من الأخبار ما يكون أوامر ونواهي ولو تعمقتم في دراسة علم أصول الفقه لمر بكم قول الأصوليين هذا خبر بمعنى الأمر وهذا خبر بمعنى النهي فإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن أمته بأنها لن تترك الفخر بالنسب يراد منه النهي عن هذا الأمر ويكفي في التنفير عنه وتحريمه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعله من خصال الجاهلية.

ومن الأدلة على وقوع الخبر بمعنى النهي قوله تعالى: ( فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) أي فلا ترفثوا ولا تفسقوا وهو خبر بمعنى النهي ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا وتران في ليلة وهو خبر بمعنى النهي وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحرق بالنار إلا رب النار وهذا أيضا خبر بمعنى النهي.

ويستفاد من مجموع ما سبق أن الحديث وإن كان في ظاهره بصيغة الخبر إلا أنه متضمن للنهي المستكن في الخبر الظاهر وهذا أمر معروف ومتقرر في كتب أصول الفقه

ومما يؤكد حرمة الافتخار بالنسب وأنه من بقايا خصال الجاهلية المذمومة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قرنه في نسق واحد بالاستسقاء بالنجوم وبالنياحة ومن المعلوم للجميع أن النياحة والاستسقاء بالنجوم من كبائر الذنوب ولا يقرن معها إلا ما هو مثلها.

إخوتي الكرام:

من حق الرجل تزويج ابنته لمن يشاء وله أن يشترط ما يريد فهذا حق فردي مكفول للجميع إنما الذي كتبت المقالة من أجله والذي دفعي لمناقشة القضية والحديث عن خطرها هو ما يفعله الناس اليوم من تحميل هذه القضية أكبر مما تحتمل وقطيعة الرحم بسببها ونشر العداوات والأضغان فكم من رجل معروف النسب والحسب تم نبذه من قبيلته وإنكار نسبه بهم لأنه خرج عنهم وتزوج خضيرية وكم هم أولئك الأبناء الذين تضرروا بقسوة العادات والتقاليد لأن أحد أبويهم من طبقة اجتماعية أقل.
قمت بكتابة هذا الرد في منتدى آخر

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
__________________
تموت المبادئ في مهدهـا ويبقى لنـا المبدأ الخـالد

مراكب أهل الهوى أتخمت نزولا، ومركبنا صاعدُ

إذا عدّد النّاس أربابهم فنحن لنا ربنا الواحد
هند الودعاني غير متصل