القصة المؤثرة للأسير المفرج عنه إبراهيم مع ابنته بارعة :
تبدأ قصة هذا اللقاء ببداية الفراق بعد أن ودع أخونا إبراهيم ابنته وهي لم تكمل الثلاثة أشهر ، ذهب صاحب الهمة العالية حيث أراد الله له أن يذهب وترك خلفه الزوجة والولد لتدور الأحداث سريعا وينتهي فصل من فصول حياة أخينا إبراهيم على أسوار مدرسة يوسف عليه السلام { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ } حيث الحياة في سبيل الله ، الأكل والنوم وقضاء الوقت في سبيل الله ، حيث مفارقة الخلان ، وترك الأهل والزوجة والأبوان ، ما أصعبها من حياة .. ولكن ما أجملها من عيشة في سبيل الله .. ونيل أجر عظيم وخلوة مع رب العالمين نسأل الله أن يرزقهم الإخلاص .
(( ولا تسل كيف كان خذلان المسلمين لإخواننا في تلك السنوات ))
أما صغيرتنا بارعة فقد درات بها الأيام سريعا .. وأكملت السنة وأصبحت تنطق بكلمات الطفولة والبراءة الأولى ( ماما .. ماما ) غير أنها ليست معتادة على قول ( بابا ) وكلنا يعلم فراق أبيها لها { انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ } غير أنها لا تعلم سبب الفراق ، وما يضيرها ذلك ، غير أن خذلان المسلمين لأبيها سيشعرها بالحنق والغضب عندما تكبر .
أكملت السنة والسنتين والثلاث .. والأربع والخمس وهي ببرائتها بين أحضان أمها وألعابها لا تلوي على شئ سوى لقيا أبيها التي لم تراه إلا قبل خمس سنوات بل تزيد .
إلى أن يسر الله وقرب الفرج وازدانت بلاد الحرمين بقدوم أبطالها وأشرافها
وفرح المسلمون كثيرا واستبشروا بقدوم البقية قريبا بإذن الله ، والتقى الأسرى بأهليهم لحظة وصولهم وسالت دموع الفرح والشوق ونار الفراق ، حيث كل أسير يلتقي بأهله في قسم خاص .. ومن بين تلك الأقسام حيث التقى إبراهيم بإبيه وإخوانه وعانقهم بشوق وبكاء ، وعانق أهله وسلم عليهم وجلس كل ينظر إلى إبراهيم بعد طول فراق .
وفي لحظة سكت فيها الجميع .. حيث رفع أخونا إبراهيم رأسه لتلتقي عينيه بعيني طفلة بريئة صغيرة جميلة ترمقه من بعيد ، واقفة أمام الجميع حائرة لا تدري ما يدور في الغرفة ولا في أذهان الحاضرين !!
بعد أن كانت صغيرتنا تلتفت يمنة ويسرة لتتفرس بوجوه الحاضرين والدهشة يعلوها ومن ثم تستقر عينيها بعيني إبراهيم !
لا تعلم سبب الاجتماع و ما يدور فيه .
" من هذه الفتاة ؟ "
هذا ما قاله وسام شرفنا إبراهيم لمن بجانابه ، لتأتيه الإجابة كالصاعقة :
" إنها إبنتك .. إبنتك بارعة يا إبراهيم "
دُهش من الإجابة ووقف حائرا لا يدري ما يفعل بعد أن قتلت براءة بارعة أخونا إبراهيم .. لينطلق كالسهم ويعانق ابنته وهو يبكي بكاءً مرا ويقبلها على جبينها ودموعه تغطي لحيته لتشاركه بالبكاء لا بكاء الفراق ولكن صغيرتنا فُجعت من الموقف .
الجميع تجمع متأثرا وهو يشاهد الموقف .. حتى بعض الضباط أتوا ليشاهدوا ما حصل
ليمتليء المجلس بكاءا ودموعا .. ولو شاهد الحادثة صاحب أقسى قلب لما استطاع أن يخفي دموعه
كل هذا وأخونا إبراهيم معانق لابنته وهو يبكي وقلبه يعتصر فرحا وألما ، وما كان منه إلا أن رأف بحالها وتركها تذهب لوالدتها وهو ينظر إليها .
ياالله .. ما أمر طعم الفراق...
- منقوول -
__________________
::
::
|