العشماوي في قصيدة يقول أن صدام ظالم ..... ونحن ننسى
يقول الدكتور العشماوي حفظه الله :
عدلُ الإله يُقوِّمُ الميزانا ------------ وعلى اليقين يُثبتُ الأركانا
ويُنبه الإنسانَ من غفلاته ----------- ويُريه عُقبى ماجناه عِيانا
عدل الإله يريكَ أبعدَ ماترى ---------- أدنى وأشجعَ من رأيتَ جبانا
ويُريكَ غطرسةَ الطغاةِ تذلُلاً ---------- ورجالَهم من حولهم قُطعانا
عدلُ الإله ومن يُحاربُ قادراً ---------- خلقَ الوجود وسيِّر الأكوانا؟
يا من جَلبت إلى العراقِ دمارَهُ ---------- وظننتَ أنكَ ترفع البنيانا
أشعلتَ أعواماً بنيران الأسى ---------- حتى غدا استِحسانُها استهجانا
ما أنتَ أولَ ظالمٍ في أرضنا ---------- لقي النهايةَ ذِلةً وهوانا
سبقتكَ آلاف الرؤوس تساقطت ---------- وكأنها ما قارفت عدوانا
أوْدى بها ظلمُ العبادِ وقهرَهم ---------- والظلمُ نارٌ تَحرقُ الإنسانا
اسأل بها النمرودَ حين استوثقت ---------- منه البعوضُ ودوِّختهُ زمانا
واسأل بها فرعونَ ضلَّ مُكابراً ---------- واسأل بها قارونَ أو هاماناَ
ما كنتَ إلا عبرةً مشهودةً ---------- للعالمينَ تُنبه الأذهانا
وثناً جثَمْتَ على العراقِ وهكذا ---------- عدلُ الإله يُحطمُ الأوثانا
مهلاً أبا الجُرحَ العراقيَ الذي ---------- مازال ينزفُ،قد خسرت رهانا
عَلقتَ مِشنقةً لنفسك منذ أن ---------- صيرت أرضكَ للهوى مَيدانا
وقتلتَ نفسك منذ أن صيَّرتَها ---------- فوقَ الجميع مكانةً ومكانا
وحَفرتَ قبرَك منذُ أن أطلقتَها ---------- حرباً تُصيبُ الأهلَ والجيرانا
أنتَ الذي مَزّقتَ شملك حينما ---------- نَحَّيت عن أَحكامك القُرآنا
منذ ابتدأتَ رسمتَ دربَ نهايةٍ ---------- سوداءَ لو فكرتَ فيهِ لَبانا
مَكَّنت جيشَ الاحتلال وذيلهُ ---------- في الرافدينِ فحركَ الطوفانا
أسلمتَ جَوْقَتهُ الزمامَ وإنما ---------- هو ظالمٌ بكَ قربَ القُربانا
وغداً ستُدرِكهُ العدالةُ إنها ---------- كالشمس يَفضَحُ نورها الفئرانا
إني أقولُ وأنتَ موعِظةٌ لنا ---------- ليتَ الطغاةَ يُفكرونَ الآنا
ليت الذين يُحطمونِ عراقَنا ---------- ويُؤججونَ لأهله النيرانا
ويُوطِّئون لمن يُُمزقُ أرضه ---------- كََنفاً ويُعطونَ العدوَ أمانا
ياليتَ من قطعوا حبالَ أخوّةٍ ---------- في الرافدينِ وأعلنوا النُكرانا
يالتيهم يستيقظون وقد رأوا ---------- بكَ عبرةً كُبرى تَفيضُ بَيانا
ياليتَ من نظروا إليكَ مُسوَّداً ---------- ورأوكَ في سجنِ الطُغاة مُهانا
ربطوا البدايةَ بالنهايةِ فاتقوا ---------- ربَّ العبادِ وجددوا الإيمانا
يا موقد النارِ التي ما خَلفت ---------- إلا رَمادا كالحا ودخانا
لما سمِعتُك بالشهادةِ ناطقاً ---------- أحسستُ أنَّ الصخرَ عندكَ لانا
وفرِحتُ فرحةَ من يُحِب لغيرهِ ---------- خيراً ومَنْ يرجو له اطمئنانا
أوكلتُ أمركَ للمهيمنِ إنه ---------- من يِعلمُ الإسرارَ والإعلانا
قد نلتَ في الدنيا جزائَكَ قاتلاًً ---------- والحكمُ في الأخرى إلى مولانا
مهلاً أبا الجُرحَ العراقيَ الذي ---------- جرفَ الطريقَ وغيّرَ العُنوانا
من ظَن أن الأرضَ مُلكُ يمينِه ---------- فقد استطالَ وطاوعَ الشيطانا
ما قيمةُ الوطنِ الكبيرِ إذا غدا ---------- سجناً ًوصارَ رئيسُهُ السَّجانا
يا من تزكونَ المقارفَ ذنبَهُ ---------- أنّى يُزكِي التائهُ الحيرانا
هو فارسٌ بطلٌ وكم من فارسٍ ---------- بطلٍ يُقبحُ ظُلمُه الإحسانا
إني أرى في الشَّنقِ أسوأَ صورةٍ ---------- تُدمي القلوبَ تُؤرقُ الأجفانا
هي صورةٌ نكراءُ تُوحِي بالذي ---------- تُخفي القلوبَ وتُشعلُ الأضغانا
ما أَحسنَ القتلَ الذين تضوروا ---------- جوعاً إليك وأحرقوا الأغصانا
قتلوكَ في العيد الكبيرِ فشوَّهوا ---------- وجهَ الإخاءِ وهيَّجوا الطوفانا
لكنَّ ذلك لا يُقرِبُ ظالماً منا ---------- ولا يَستَحسِنُ الطغيانا
أسفي لأمتِنا العزيزةِ أصبحت ---------- تَنسى ويَنسى ذهنُها النُسيانا
نَسيت حلبجةَ والكويتَ وما طوت ---------- عنا السجونُ ولو بدا لكَفانا
ياقومُ،آثارُ الجريمةِ لم تزل ---------- في الأرضِ يكشِفُ سمُها الثعبانا
توقيتُ آجالِ العبادِ مؤقَّتٌ ---------- ممّن يُصرفُ حُكمهُ الأزمانا
(كُن) ما جرى حكمُ القضاءِ بأمرها ---------- في الكونِ إلاّ في الحقيقة كانا
بُشرى لأهل الظلمِ بُشراهم فهم ---------- سيواجهون من الأسى ألوانا
ما ظالمٌ إلا سيلقى ظالماً أقوى ---------- ويَلقى الظالمُ الخسرانا
__________________
لا ينظرون وراءهم ليودعوا منفى
فأمامهم منفى
لقد ألفوا الطريق ...
( محمود درويش )
|