الأسلوب الحسيني والحسني واحد:
ولذلك فإن من الخطأ الحديث عن أسلوب حسني وأسلوب حسيني. لأن الحسن(ع) كان الإنسان المحارب العنيف، ولكنه واجه الظروف التي لم تجعل امتداد الحرب واقعياً من خلال مصلحة الإسلام العليا في ذلك، كما كان المسالم عندما رأى مصلحة الإسلام تقتضي ذلك.
وهكذا كان الإمامان الحسن والحسين(ع) شريكين في السلم والحرب معاً. وقد تعلّما من أبيهما أمير المؤمنين(ع) الكثير من الأمور في الفترة التي كانت بين وفاة رسول الله(ص) وبين خلافته، فحين كان يسالم ويسلِّم، بالرغم من كل الصعوبات التي كانت تفرضها عليه مسالمته وتسليمه، كان يقول: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليّ خاصة"، وكان يقول وهو يشير إلى دوره في النصح والمشورة والمساعدة للخلفاء الذين تقدموه: "فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم، التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان، كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدّين وتنهنه".
كان علي(ع) الإنسان الذي يتحرك في السلم والحرب من موقع حاجة الإسلام إلى نوعية حركته، لا من خلال مزاج عسكري يفرض عليه أن يهاجم. كان علي(ع) أكثر الناس هدوءاً في إحساسه وهو يدخل الحرب، كما قد يكون أكثر الناس ثورة وهو يمارس السلم.
وهكذا، كانت مسألة الإمام الحسين(ع)، كمسألة أخيه، تنطلق من خلال عنوان واحد. ما مصلحة الإسلام في هذا، وما مصلحته في ذاك؟
أما السلم في حياة الإمامين الحسين والحسن(ع)، وأما الحرب والعنف في حياة الإمام الحسين(ع)، فالمرحلة هي التي تحدد ذلك. كانت المرحلة والتحديات وطبيعة الحصار الذي فُرض على الإمام الحسين(ع)، ولم يُفرض مثله على الإمام الحسن(ع)، هي التي حدّدت وجعلت أسلوب العنف يتحرك باعتباره الوحيد. ليست المسألة رفضاً للخيارات التي تنسجم مع مصلحة الإسلام، وإنما ركزت المسألة بين هذا الخيار وذاك، فكان الخيار الكربلائي هو الخيار الوحيد.
عندما نقرأ سيرة الحسين(ع) في انطلاقته، فإننا نجد أن العنوان الذي كان يحكم مسيرته هو عنوان الإصلاح في أمة جده؛ الإصلاح الفكري في مواجهة الانحراف الفكري، والإصلاح السياسي في مواجهة الانحراف السياسي، والإصلاح الاجتماعي في مواجهة الانحراف الاجتماعي.. وهذا ما لخّصه في كلمتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللتين تمتدان إلى كل معروف أو منكر في خط الإسلام.
|