موضوع مهم وتعليق أخي المتزن في محله..
وأضف لهذه سبباً رابعاً مهماً وهو أن الالتزام (التزام الصحوة) في نظر بعض الشباب صار عيباً!!
قد تسألني : لماذا صار عيباً ونقصاً؟ أقول لك إنه صار عيباً عندهم لأحد سببين:
1- أنهم لم يكونوا ملتزمين في الحقيقة ((أو بعبارة أدق: لم يكونوا ملتزمين برغبتهم)) ولذا فرحوا بفتوى أو مستمسك أو فرحوا حتى بتقبُّل المجتمع لمثل هذا التصرف (ولو على مضض).
2- أنهم لا يستطيعون فرز الغث من السمين من الأقوال والأطروحات في الساحة؛ ولا أخفيك أن كتابين لأحد طلبة العلم سريا في الشباب الملتزم سريان النار في الهشيم أحدهما حول الغناء والآخر حول اللحية؛ وسبب انجراف كثير من الشباب الملتزم (المثقف) ورائها هو أنهم كانوا يظنون كثيراً من قضايا الدين والشرع قطعية حتمية لا تقبل الجدل فلما تبين لهم أنها محل أخذ ورد صاروا يقبلون الأخذ والرد في كل قضايا الشرع (التي تشبه أن تكون حتمية) أذكر لكم مثالاً لذلك:
كنا نظن إبَّان الصحوة المباركة أن أخذ شعرة واحدة من اللحية جرم عظيم لا يقبله عرف ولا شرع وليس فيه أدنى رخصة وأنه في التحريم والحتمية مساوٍ لحلق اللحية كلها فلا فرق بين من أخذ شعرات من لحيته (الخليجية) وبين من حلقها بالكلية..
فلما تبين أن مسألة الأخذ من اللحية ما شذَّ منها وطار وما زاد عن القبضة هو الأصل في الحقيقة بل وهو المروي عن الصحابة ولم يرو عنهم أي نص يدل على أنهم لا يلمسونها وأن من أخذ شعرة واحدة أو قصَّها فعليه كذا وكذا : صار كثير من الشباب يتقبل الآراء التي تقول إن اللحية هي أقرب بالعادات لا علاقة لها بالشرع ((أي باختصار شديد أنهم شكُّوا بمصداقية كل الثوابت التي جائت بها الصحوة))
وهذا أمر ليس بمستغرب: إذ إن إعطاء بعض مسائل الشرع أكبر من حجمها في زمن سيؤدي في النهاية إلى التفريط فيها إذا عرف الناس عدم مصداقيتها..
قل مثل ذلك في التفريق بين السماع والاستماع في الموسيقى والغناء لما لم نفرق بينهما في الحكم (مع أني أرى في مسألة اللحية في الأخذ منها أو حلقها أنهما محرَّمين لكن تحريم هذا أخف من هذا؛ وكذا في الغناء الاستماع والسماع محرمين لكن تحريم الاستماع أشد ).
فهي خلل منهجي لا خطأ عابر..
كما أن من غير العدل أن نصف كل هؤلاء بأنهم ضُلال زائغون ((ونقول عنهم: الله لا يغوينا)) بل إنهم مشوا على فتاوى مبنية على أدلة وإن كان قولهم في نظرنا مرجوحاً..
إذن: فجذور الخلل هي منا لما أعطينا قضايا في الشرع أكبر من حجمها ولو أُعطيت حجمها الطبيعي لما ظهر الخلل..
يعجبني طرح مثل هذه الموضوعات التي تدل على دهاء وحكمة؛ كيف وقد توجها المتزن بتعليق جميل ومهرها بإشارات جميلة..
تقبل مني أجمل وأرقَّ وأعذب تحية..
أخوك ومحبك/ صالح أبو
__________________
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً***بالطوب يرمى فيرمي طيب الثمر
|