مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 20-02-2007, 06:52 PM   #6
النادم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 434
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن
ناقشتُ ما أوردتـَه أخي الفاضل , ولا أدري ما هي المناقشة " العلمية " التي تريد ؟؟!!

وجه كونها ليست مناقشة علمية : أني أوضحتُ لك أن الأصل في الدف التحريم وليس الإباحة ، وأثبتّ ذلك بذكر الدليل ووجه الاستدلال ، وكان جوابك : [ أولاً : يجب أن نقرر أن الأصل في ضرب الدف هو الإباحة ما لم يأتِ دليل على تحريمه أو ذمه . ] فهل هذه مناقشة علمية ؟!

وأثبتُّ لك بطريقة علمية أن النذر الذي نذرته الجارية كان نذرًا في حالة إباحة الدف للجارية ، فكان ردك : [ ثانياً : حديث الجارية التي نذرت أن تضرب بالدف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وموافقته لها , يؤكد أن ضرب الدف ليس حراماً .. إذ لو كان حراماً لما سمح به النبي عليه الصلاة والسلام . ] فهل تعميم الإباحة مقابل إثبات أنها مخصوصة بحالٍ معينة = مناقشة علمية ؟!

... إلخ .

فتفنيد الإثباتات بطريقة علمية لا يُرَدُّ بإثباتات أخرى ، فضلاً عن أن يكون بإعادة الإثباتات المُفَنَّدة نفسها !

قولك :
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن

كنتُ أتمنى لو أنك قرأتَ كامل عبارتي , وخصوصاً قولي : ( مالم يأتِ دليل على تحريمه أو ذمه ) .

نعم .. الدف لاحق بباب العادات لا بباب العبادات , ولذا فالأصل فيه الإباحة كما تقرر ذلك في الأصول بأن ( الأصل في العادات الإباحة , ما لم يرد ناقل ينقلها إلى حكم آخر )

لم تخفَ عليّ هذه القاعدة ، وهي من أشهر القواعد في الشريعة ، ودليلٌ على سماحة هذا الشرع ويسره .

بل كل كلامي كان مبنيًّا عليها !

الدف من الأشياء والعادات التي الأصل فيها الحل ،

وقد جاء ما يصرف الدف عن هذا الأصل :

1. أنه نوع من المعازف ، ونتفق على تحريم المعازف .

2. أنه من عمل الشيطان ، ومما يحبه الشيطان ، وقد قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) .

3. أن بعض كبار فقهاء التابعين أتلفوا الدفوف ، ولا يمكن أن يتلف هؤلاء - مع فقههم وورعهم ووقوعهم في خير القرون بعد قرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذهم عن كبار فقهاء الصحابة - لا يمكن أن يتلفوا مال الناس مع أنه مباح ولا شيء فيه ! والإتلاف نوع من إنكار المنكر ، وهذا يعني أنهم كانوا يعتبرون الدف منكرًا .

طيب ،

- ثبت أن حكم المعازف التحريم ، والمعازف أنواع عديدة ، وعليه ؛ فالأصل في المعازف : التحريم ( يعني : كل ما كان من المعازف فهو حرام بنص الحديث ) ، والأصل في كل نوع من أنواع المعازف : التحريم ، لأن الفرع له حكم الأصل ، ما لم يأتِ دليل يغيّر الحكم من هذا الأصل في المعازف وأنوعها ،

- وثبت أن الدف من عمل الشيطان ، والأصل في أعمال الشيطان التحريم بنص الآية ، ما لم يأتِ دليل يغيّر الحكم من هذا الأصل ،

- وثبت أن التابعين لم يكونوا يرون حرمة الدف فحسب ، بل أنكروه وأتلفوه !

إذن ، خرج الدف من الأصل الأول ( وهو إباحة العادات ) ، إلى الأصل الثاني ( وهو التحريم ) بالأدلة الشرعية .

وليس هذا الحكم الوحيد الذي يكون كذلك ، فله نظائر ، أذكر اثنين منها اختصارًا باختصار :

1- الطلاق ، وهو من العادات ، وليس من العبادات ، ولا وجه لها فيه ، فالناظر فيه للوهلة الأولى سيقول : إن الأصل فيه الإباحة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( في الفتاوى الكبرى : 3/247 ) : ( الأصل في الطلاق الحظر ، وإنما أبيح منه قدر الحاجة ، كما ثبت في الصحيح عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن إبليس ينصب عرشه على البحر ويبعث سراياه ، فأقربهم إليه منزلة أعظمهم فتنة ، فيأتيه الشيطان فيقول : ما زلت به حتى فعل كذا ، حتى يأتيه الشيطان فيقول : ما زلت به حتى فرقت بينه وبين امرأته ، فيدنيه منه ويقول : أنت أنت . ويلتزمه" ، وقد قال تعالى في ذم السحر : { فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه } ، وفي السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات" ، وفي السنن أيضًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" ) ا.هـ .

فانظر كيف خرج الطلاق من الأصل الأول إلى الأصل الثاني بأدلة شرعية ، أحدها مشابه لأدلة مسألتنا هذه ، وهو : أن الطلاق من عمل الشيطان ، ومما يحبه الشيطان . ومع ذلك كانت فيه استثناءات مباحة وهي ( قدر الحاجة ) - كما ذكر شيخ الإسلام - .

2- تكلم شيخ الإسلام على مشابهة الكفار فيما ليس من شرعنا ، فذكر أنه قد يكون مع العلم بأن هذا الفعل من خصائص دينهم ، وهذا لا شك في تحريمه ، وقد يكون مع عدم العلم بأنه من خصائصهم وعملهم ، وهذا له حالتان :

- ما كان في الأصل مأخوذًا عنهم .

- وما لم يكن في الأصل مأخوذًا عنهم لكنهم يفعلونه .

ومحور الحديث هنا عما كان في الأصل مأخوذًا عنهم ، قال شيخ الإسلام ( في اقتضاء الصراط المستقيم : 1/491، 492 ) : ( ما كان في الأصل مأخوذًا عنهم ، إما على الوجه الذي يفعلونه ، وإما مع نوع تغيير في الزمان أو المكان أو الفعل ونحو ذلك ، فهو غالب ما يبتلى به العامة ، في مثل ما يصنعونه في الخميس الحقير ، والميلاد ونحوهما ، فإنهم قد نشؤوا على اعتياد ذلك ، وتلقاه الأبناء عن الآباء ، وأكثرهم لا يعلمون مبدأ ذلك ... ) ، ثم ذكر حكم مشابهتهم فيما لم يكن مأخوذًا عنهم ، ثم قال : ( بخلاف مشابهتهم فيما كان مأخوذًا عنهم ، فإن الأصل فيه التحريم لما قدمنا ) .

وأنت ترى أن مثل الميلاد وما أشبهه عادات اعتادها الناس ، فلو طبقنا الحكم الأول لقلنا : الأصل في العادات الإباحة . إلا أن الدليل الشرعي صرف هذه العادة من أصل الإباحة إلى أصل الحرمة .

فلا يُرَدُّ على مثل هذا بأن الأصل في العادات الإباحة ، فأين دليل التحريم ، لأن هذا الأصل انتفى بالدليل الشرعي ، وانتقل الحكم إلى الأصل الثاني ، وهو التحريم ، فيقال : عندنا أدلة التحريم أصلاً ، فأين الدليل على الإباحة .

والمقصود : أن الدليل الشرعي قد يحيل العادة ونحوها من أصل الإباحة إلى أصل الحرمة ، ومن ذلك مسألتنا هذه ، فكما أن الأصل كان في الدف الإباحة ، إلا أن الدليل الشرعي أتى وحوّله من هذا الأصل إلى كون الأصل فيه التحريم .

قولك :
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن
تقييدك وقولك إن ضرب الدف " في حال السرور والفرح " مباح , لا يعني أنه في غير ذلك محرم على كل حال , بل قد يكون محرماً وقد يكون مكروهاً مذموماً .

جميل ،،

إذا تقرر لنا أن الأصل في الدف التحريم - كما سبق - ، فقد جاءت استثناءات لحالات خاصة تخرج عن هذا الحكم ( الحرمة ) ، وهذه الاستثناءات تدخل في باب العام والخاص ، والذي يقرر الأصوليون فيه : أن الحكم العام يبقى مستمرًّا في سائر الأحوال ، والحكم الخاص ينطبق فقط على ما جاء به الاستثناء المخصِّص ، وعلى هذا فنكون عملنا بالدليلين معًا ، ولم نهمل أحدهما ، قال الشيخ محمد بن عثيمين في شرحه على منظومته في الأصول (ص336) : "العموم سبق لنا أنه يتناول جميع أفراده ، لكن إذا خُصَّ بعض الأفراد بحكم ، فَخَصِّصِ العامَّ به . بمعنى أنه إذا ورد نص عام ، ثم ورد نصٌّ آخر يخصصه ، أي : يخرج بعضَ أفرادِهِ منه ، وجب العمل بالدليلين" .

وتطبيق هذا الكلام في مسألتنا :

وردت أدلةٌ عامة تدل على أن الدف من المعازف ، وأنه من الشيطان ، وجاء هدي الصحابة والسلف على ذلك ،

ووردت أدلة تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ ضرب الدف في حالات معينة ، سبق ذكرها ،

فإذا قلنا : إن الدف محرم مطلقًا ، عملنا بالأدلة الأولى ، وأهملنا الثانية ،

وإذا قلنا : إن الدف مباح مطلقًا ، عملنا بالأدلة الثانية ، وأهملنا الأولى ،

والسبيل في التعامل مع ذلك ليس بعملية حسابية ( دليل إباحة + دليل تحريم = كراهة أو ذم ) !!

إنما للعلماء في ذلك سبيل الجمع بين الأدلة ، ومن ذلك ما فعلوه هاهنا ، من تخصيص الحالات التي وردت إباحتها بالإباحة ، وإبقاء الحكم الأصلي ( التحريم ) على ما لم يرد فيه دليل يفيد الإباحة .

وهنا تُعْمَلُ القاعدة التي ذكرها وأكد عليها الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - : "قاعدة مهمة : إذا جاءنا نص عام ، ثم ورد تخصيصه ، فإنه يتقيد - أي التخصيص - بالصورة التي ورد فيها النص فقط" . وأرجو أن هذه القاعدة واضحة المعنى .

قولك :
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن
قد تقول :
إن سبب الإباحة هو حالة الفرح والسرور وليس مجرد النذر .

فأقول :

إذن ينقلب سؤالك عليك :

لماذا قال لها النبي : " إن كنت نذرت وإلا فلا " ؟؟؟!!!

ألم تقل لنا إن ضرب الدف مباح في حال الفرح والسرور ؟؟؟!!!

لماذا نهاها النبي عليه السلام مع أن الحال حال فرح وسرور ( وضرب الدف مباح فيها بحسب كلامك ) ؟؟؟!!!

أحسنت .

وربما كان في الاستدلال بقوله : "وإلا فلا" على النهي نظر ( والأدلة على النهي قائمة بدون هذا الاستدلال ) ، وقد كنتُ ذكرتُ الوجه الصحيح في الاستدلال به في ردي الأول ، لأن هذا الإيراد لم يغب عني .

وأعيد ذلك للتوضيح ، وللإجابة عن هذا الإيراد : فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "وإلا فلا" يفيد عدم إلزامها بالضرب إلا إذا كانت قد نذرت ، وإلا فلا يجب عليها . ويدل على هذا أنها تقول في سؤالها : إني نذرت أن أضرب ... ، والمعنى : فهل يجب عليّ أن أضرب ؟ فأجابها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها إن كانت نذرت فلتضرب ، و ( إلا ) أي : وإلا تكن نذرت ؛ ( فلا ) أي : فلا يجب أن تضرب ، وعدم الوجوب لا يقتضي النهي .

والجواب جملة خبرية تعتمد على السؤال - كما تقرر في مبادئ اللغة العربية - ، فما دام هذا السؤال : هل يجب ، فالجواب : إن نذرتِ وجب ، وإلا فلا يجب .

قولك :
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن
وكلامك أعلاه لا يدل على التحريم بل يدل على الذم , وهو ما أتفق معك فيه ( وقد ذكرتُ ذلك من قبل في موضوع آخر )

قد بينت لك المراد .

قولك :
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن
أحبذ التركيز على الاستدلال بالنصوص الشرعية من القرآن والسنة

الاكتفاء بهذا مظنة الضلالِ ، والتحكمِ بالنصوص ، وتوجيهِها حسب الرأي والهوى .

وماذا يقول الضالون من المعتزلة والجهمية ... إلخ ، أليسوا يستدلون بالنصوص الشرعية من القرآن والسنة ؟!

فالاستدلال بالقرآن والسنة أمر مطلوب ، لكن بفهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتابعيهم من السلف الصالح ، فهم أقرب الناس إلى التنزيل ، وعقلوا وفهموا التأويل ، وعاشوا في خير القرون ، وهم أورع الناس وأوقفهم عند حدود الله وأوامره ، ولا يمكن أن يحرّموا ما أحلّ الله ، أو يحلّوا ما حرّم الله ، وهذا ليس ادعاءً للعصمة لهم ، إنما تصديقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم" ، والخيرية لا تحصل لمن يحرّم شيئًا وهو يعلم أنه مما أحلّه الله ، وأنه لا دليل على تحريمه .

وكذا من سار على نهجهم واتبع طريقتهم من علماء أهل السنة المحققين الكبار .

ومنهج أهل السنة والجماعة قائم على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح .

وهذا بالطبع ليس منعًا للاجتهاد والاستنباط من الكتاب والسنة ، فقد جرى على ذلك العلماء منذ أزمان متقادمة . إنما الأمر في التوقف كثيرًا عند إرادة مخالفة السلف في فهمهم كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وعدم التسرع في ذلك ، والاستقلال بالعقل فيه . وليس هذا موضع البسط في هذه الجزئية .

وأما :
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن
وتجنب الجفوة والتشنج .

فأعتذر إن كان في كلامي شيء من ذلك ، وربما كنتُ معذورًا فيه .

قولك :
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن
كل حرصي كان التوازن في الطرح وعدم الإساءة للآخرين لمجرد أنهم خالفونا في مسألة فقهية

هذه أراك تدندن حولها كثيرًا .

وبغض النظر عن ( الإساءة للآخرين ) المرفوضة على كل حال ، فإن المخالفة في مسألة فقهية لا تعني أن لا يُستدرَكَ على المخالِف ، ويُبيَّنَ خطؤه .

وقد نقلت فيما سبق كلامًا قيّمًا لابن عثيمين - رحمه الله - ، وأعيده أخرى : قال : ( وهناك أناس ليسوا أهل اجتهاد ولا أهل علم ، ولكن يحكّمون الهوى ، يقولون : المسألة فيها خلاف ، وما دامت المسألة خلافية فأمرها هيّن ، فيعتقدون حلَّهُ بناءً على الخلاف ، وما ذاك إلا لهوى في أنفسهم ، وكما قال الأول :
وليس كل خلاف جاء معتبرًا * * * إلا خلافًا له حظ من النظر
وهذا لا حظ له من النظر ... ) ا.هـ .

فالخلاف الفقهي الذي لا حظ له من النظر لا يمكن السكوت عنه ، أو الحث على السكوت عنه بدعوى الخلاف .

وقد خَطَّأ العلماء القاعدة المشهورة ( لا إنكار في مسائل الخلاف ) ، فكيف بالسكوت فيها ؟! والصواب قاعدة : ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد ) ، مع أن تبيين الصواب في المسألة الاجتهادية بأسلوب حسن لا يظهر عدُّهُ من الإنكار .

هدانا الله جميعًا للحق والصواب . والله أعلم .
__________________

كثرت ذنوبي ، فلذا أنا نادم .
أسأل الله أن يتوبَ عليَّ ، ويهديَني سبيل الرشاد .
وما أملي إلا ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ﴾ .

أبو عبد الله
النادم غير متصل