27-02-2007, 02:40 PM
|
#70
|
عـضـو
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 434
|
عودة من جديد ، وسأطيل هذه المرة نوعًا ما ، وأفصّل - بإذن الله - بما يتضح معه الأمر لكل ناظر .
أما العذر الذي أبديتَهُ بخصوص نقلك من الجديع بلا عزو أو إشارة :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
لأني لا أنقل شيئاً إلا وأنا مقتنع به , فكأنني أنا الذي قلته . |
|
 |
|
 |
|
فهو يوحي فعلاً بأن في المنهجية العلمية في المناقشة والردود خللاً - كما سبق أن أبديتُ - .
وما فعلتَهُ من نقل واقتباس دون بيان يُسمَّى في المناهج العلمية : سرقةً ، وانتحالاً ، ويتضمن التدليسَ ، والغشَّ ، وتشبُّعَ المرءِ بما لم يُعطَ . وقد أعرضتُ عن هذه الإطلاقات والألفاظ احترامًا للمقام ، ولئلا يتحول الكلام إلى مهاترات لا طائل منها ، كالتي استمرأها أقوام .
ولو كان ما اعتذرتَ به سائغًا ، فسيكتب أيُّ أحدٍ كتابًا ؛ يأخذ فصلاً من كتابٍ ، وآخرَ من كتابٍ آخر ... ويلفّق ، ثم يصدره باسمه ؛ لأنه يمثل وجهة نظره الخاصة التي يقتنع بها تمامًا !!
على أني ذكرتُ أن هذا الأمر ليس بتلك الأهمية .
وأما ما ذكرتَ عني من تناقض ، فيؤسفني أنك انتقيتَ عبارتين لي في ردّين من الردود ؛ لتثبت للغرِّ العجول أني متناقض ، ولم تنقل الثالثة التي استدركتُ فيها على نفسي ، وبينتُ خطئي - بدون تبريرات ومراوغة - ، فقد قلتُ في الرد (55) :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
أحسنت .
وربما كان في الاستدلال بقوله : "وإلا فلا" على النهي نظر ( والأدلة على النهي قائمة بدون هذا الاستدلال ) ، وقد كنتُ ذكرتُ الوجه الصحيح في الاستدلال به في ردي الأول |
|
 |
|
 |
|
وأما قولك :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
دعنا نتجاوز مثل هذه الأشياء غير المفيدة – بل ربما المسيئة أحياناً – لنتحدث عما يفيدنا أولاً ويفيد القراء ثانياً |
|
 |
|
 |
|
فأعتقد أن من المفيد للقراء أن يعرفوا شيئًا عمن يقرؤون لهم .
قلتَ :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
أولاً : فيما يخص حديث البخاري , فإنه كما قلنا حديث نبوي يتحدث عن أمر مستقبلي وقد جاء بصيغة الإخبار عما سيقع .
وسبق أن قلنا إن مثل هذا النوع من الأحاديث لا يؤخذ منها الأحكام استقلالاً . |
|
 |
|
 |
|
وأقول - كما سبق أن قلتُ - : ولماذا "مثل هذا النوع من الأحاديث لا يؤخذ منها الأحكام استقلالاً" ؟!
إن قلتَ : ليس فيها أحكام ؛ فقد ناقضتَ نفسك - خاصةً في هذا الحديث - ،
وإن قلتَ : إن فيها أحكامًا ، فيجب عليك الأخذ بها ، وإلا فقد رددتَ شيئًا من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنت الذي جئت بدليل وجوب الأخذ بها .
وأما كون الأحكام تؤخذ من أحاديث أخرى ، فما دام الله - عز وجلَّ - قد جعل في هذا الحديث حكمًا - كما قلتَ - ، فلنفترض أنه قدّر أن تخفى علينا كل الأحاديث الأخرى غيره ؛ فنُسخ لفظها وبقي حكمها في هذا الحديث ، فهل سنترك العمل به لأنه لا تؤخذ منه الأحكام استقلالاً ؟! [ مستفاد من كتاب الأستاذ عبد الله رمضان بن موسى المذكور ]
بالنسبة للفظ الاستحلال ،
فأنا نقلتُ لك مفهوم الاستحلال :
1- في اللغة ،
2- وفي الشرع ،
3- وفي استعمال العلماء الفقهاء ،
ونقلتُ لك كلام الإمامين الفقيهين ابن قدامة وابن تيمية - رحمهما الله - .
فبمَ رددتَ على ذلك ؟!
بنقلٍ عن الجديع والمرعشلي !!
وباحتمالاتٍ كلُّ واحدٍ أسقَطُ من أخيه في الميزان العلمي !! والعجيب أنك أشرتَ في الأخير إلى أنها احتمالاتٌ قوية ظاهرة !!
فأما الأول :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
تحتمل أن تكون قد جاءت على صيغة التغليب ( أي أن معظم ما جاء ذكره من الأصناف الأربعة محرم ) |
|
 |
|
 |
|
وهذا تحكُّم .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحرَ ، والحريرَ ، والخمرَ ، والمعازفَ" .
لاحظ النصب الذي في كل جزء من أجزاء الحديث ، والذي يفيد - بأدنى تفكُّر - أن المعنى : يستحلون الحرَ ، ويستحلون الحريرَ ، ويستحلون الخمرَ ، ويستحلون المعازف .
أما أن يطلق الاستحلال على أربعة أمور معطوفة على بعضها بما يفيد تساويها في الحكم ، ثم يكون الحكم لبعضها دون الآخر ، فلا أدري من أين يجيء وكيف يجيء هذا !
وأما الاحتمال الثاني فهو :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
أن يكون الاستحلال للأمور الأربعة مجتمعة |
|
 |
|
 |
|
وهذا ساقط أيضًا ،
فالمراد به أن الاستحلال لا بد أن يكون للأمور الأربعة معًا في وقت واحد .
قال الشوكاني ( في نيل الأوطار : 8/179 ) : "الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط ، وإلا لَزِمَ أن الزنا المصرح به في الحديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع ؛ فالملزوم مثله .
وأيضًا يلزم في مثل قوله تعالى : { إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين } = أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين ..." .
ثم قـد قعّد العلماء قاعدة مهمة ، وكادوا أن يتفقوا عليها ، هي : أنه لا يُجمع بين محرم ومباح في الوعيد ، وأنه إذا تُوُعِّدَ على أشياء - أو ذُمَّت أشياء - في نصٍّ واحد ، دل على أن الوعيد - أو الذم - واقعٌ على كل واحد منها بمفردِهِ ولو لم يجتمع مع الآخر . [مستفاد من الكتاب المذكور]
وليس هذا موضع الإطالة في نقل كلامهم واستدلالاتهم .
وأما الاحتمال الثالث فهو :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
ما ذكرناه ( نقلاً عن الشيخ عبدالله الجديع وابن العربي رحمه الله ) |
|
 |
|
 |
|
ولا أدري بالضبط ما المقصود بـ "ما ذكرناه" ، إلا إن كنتَ تقصد أن الاستحلال يعني الانتقال من الحلال إلى الحلال ، فهذا قد تبيّن سقوطُهُ لغةً وشرعًا واصطلاحًا .
وإذا كنتَ تقصد بما نقلتَهُ عن ابن العربي : الاحتمالين اللذَيْن ذَكَرَهُما ، فهذا قد تبيّن - بكل جلاء - أنهما لا ينفكّان عن معنى واحد : التحريم ، هذا على التسليم بطرح احتمال المجاز حيث لا قرينة تصرف اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز .
وأما الاحتمال الرابع فما ذكر المرعشلي :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
في حين رأى قسم آخر أن قوماً من هذه الأمة يستحلون "المحرم" من هذه الأمور: ( الخمر، الحِرَ، الحرير، المعازف) وهذه الأمور المذكورة في الحديث ليست محرمةً مطلقاً إلا الخمر بالنص القاطع |
|
 |
|
 |
|
وكون الاستحلال للمحرَّم من هذه الأمور فقط تحكُّم أيضًا ، ويُسقطه أنه قد ساوى في الحديث تلك الأشياءَ بالخمر ، وجعلها في مرتبة واحدة ، والخمر لم يجد له المرعشلي جوابًا ، لأنه لا وجه للحلِّ فيه !!
فإنه لما ثبت أن الاستحلال يكون للخمر بإطلاق ، فلا بد أن يكون كذلك للحر بإطلاق ، وللحرير بإطلاق ، وللمعازف بإطلاق ، وأما التقسيمات والتفريعات ؛ وأن الاستحلال للمحرم من تلك الأمور فقط = فليس ذلك بشيء .
وكون الإباحة تدخل على بعض هذه الأحكام بأدلة خارجية = لا يُسقط أن الأصل فيها التحريم .
والمرادُ بذكرِ الأمور المُستحلَّة في الحديث : الأصلُ فيها ، لأنه أطلق ، فوجب الرجوع إلى الأصل ؛ لأن الأصل هو المعهود الذي ينصرف إليه الذهن عند إطلاقه .
ثم لاحظ أن كلام المرعشلي كله يفيد أن الاستحلال يعني التحول من الحرام إلى الحلال ، وهذا يُلزمه بأن يحكم بحرمة ما استحلّه أولئك كلِّهِ ، وقد سبق بيان سقوط تفريعاته وتقسيماته .
على أن ما يشبه الإطباق على فهم الاستحلال لغةً وشرعًا ومفهومًا عند العلماء والفقهاء = يغني عن هذا الاضطراب والتردد والتحكُّم الذي لا وجه له .
ثم قلتَ :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
ومعلوم أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال القوي الظاهر سقط الاستدلال به . |
|
 |
|
 |
|
نعم ، فهاتِ الاحتمال القويَّ الظاهر ، لا التحكُّمات والاحتمالات والشبهات الساقطة .
قلتَ :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
كنتَ قد قلتَ " في أول كلامك " :
إقتباس:
الدف من الأشياء والعادات التي الأصل فيها الحل ،
وقد جاء ما يصرف الدف عن هذا الأصل :
2- أنه من عمل الشيطان ، ومما يحبه الشيطان ، وقد قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ).
لاحظ أنك لم تذكر أن الدف من ( مداخل الشيطان ) مع أني لا أرى فرقاً كبيراً في مسألتنا هذه بين ( مايحبه الشيطان ) و ( ماهو مدخل للشيطان ) . |
|
 |
|
 |
|
ولاحظ أنني قلتُ لك في ردي السابق :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
( من عمل الشيطان ) ، لازِمُهُ أن يكون مما يحبه الشيطان |
|
 |
|
 |
|
ثم قلتُ :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
والعمدة - كما سبق - على أن الدف في الأصل من عمل الشيطان وإغوائه وتلبيسه ، ثم يُقال : إن الشيطان لا يفعل ذلك إلا بأمر يحبه . |
|
 |
|
 |
|
إذن ، فليس في التمسك بـ ( ما يحبه الشيطان ) كبير فائدة ؛ لأنه إنما يأتي تبعًا .
قلتَ :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
1- ما هو الدليل على أن الدف من عمل الشيطان ومما يحبه الشيطان وبالتالي هو – أي الدف – محرم ؟؟!
إن النصوص التي جاء فيها ذكر الدف والشيطان , تدل على الإباحة أو على أبعد تقدير الذم والكراهة .. فكيف يـُستدل بأدلة الإباحة على التحريم ؟؟؟!!! |
|
 |
|
 |
|
أضحك الله سنك !!
وأيش تراني جالس أعمل في الردود السابقة ؟!!
لكن لا بأس ، فالتكرار يفيد أحيانًا - كما سبق - ، وأرجو أن ترعي ذهنك وعقلك وتتأمل ، فإن الكلام واضح لكل متأمل .
1- قال بريدة - رضي الله عنه - : فجعلت - يعني : الجارية - تضرب - يعني : بالدف - ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل علي وهي تضرب ، ثم دخل عثمان وهي تضرب ، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها ، ثم قعدت عليه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن الشيطان ليخاف منك يا عمر ، إني كنت جالسًا وهي تضرب ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل علي وهي تضرب ، ثم دخل عثمان وهي تضرب ، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف" .
لاحظ معي ما يأتي :
- ضربت الجارية الدف بعد أن أباح لها النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، لأن الحال حال فرح . فحكم ضربها بالدف هنا : مباح .
- قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : "إن الشيطان ليخاف منك يا عمر" ،
طيب ؛
ما سبب ذلك ؟ وما الذي دلَّ على أن الشيطان خاف من عمر ؟
بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - الجواب بقوله : "فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف" .
إذن ؛ الشيطان كان حاضرًا لضرب الدف ، لأن ضرب الدف كان من محبوباته .
طيب ؛
هل كان الشيطان هنا هو الذي يؤزُّ الجارية إلى ضرب الدف ، ويدفعها إليه ؟ هل نعتبر الدف هنا من عمل الشيطان ، ومن تدبيره وكيده وإغوائه ؟؟
الجواب : لا .
طيب ؛ لماذا ؟
الجواب : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أذن للجارية بضرب الدف ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر بشيء يعمله الشيطان ويدبره ويكيده ويغوي إليه ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - مأمور بالاستعاذة منه ، واستعاذ منه ومن همزه ونفخه ونفثه ، وأمر الناس أن يستعيذوا منه ، وحذّرهم من أنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ... إلخ ، وهذا يقطع بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يحذر من الشيطان ، ثم يرضى بشيء من عمله ، وحاشاه ذلك .
طيب ؛
ما شأن الشيطان في هذا الحديث ؟!
الجواب : أنه وجد مدخلاً له في هذا الشيء الذي هو من محبوباته ، فالشيطان يتلمس أي شيء يمكن أن يدخل منه على العبد ، فيخرب عليه دينه .
ولما أُبيح الدف في هذه الحالة ، جاء الشيطان وحضر ، لعله يدخل عليهم من هذا الباب ، فيحقق هدفه بتخريب الدين أو إنقاص الإيمان .
ثم لما دخل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - توقفت الجارية عن الضرب ، وفرَّ الشيطان ، لأنه يخاف من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كما بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال ابن حجر : "ويجاب بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطلع على أن الشيطان حضر ؛ لمحبته في سماع ذلك ؛ لما يرجوه من تمكنه من الفتنة به" .
طيب ؛
إذا تقرر أن الشيطان حضر حال ضرب الدف مباشرة ، وكان يحبه ، مع أنه مباح وبحضور النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فبرأيك ؛ هل سيكون الدف مباحًا في غير هذه الحالة ، ولا شأن للشيطان فيه !؟
بل الأمر فيما عدا هذه الحالة أبلغ وأشد ، لأن الأبواب كلها ستتسع للشيطان ؛ فيكون الدف من عمله وتدبيره وإغوائه ، لا مدخلاً له فحسب .
وهذا الفهم هو الذي فهمه ابن حجر - رحمه الله - ، ولا حاجة لبيان منزلته في الدين وفهمه ، فقد قال - بعد أن ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الشيطان ليخاف منك يا عمر" - : "لكنَّ هذا بعينِهِ يُشكل على أنه مباح ؛ لكونه نسبه إلى الشيطان" .
2- روى الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها - أن أبا بكر - رضي الله عنه - دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - متغش بثوبه ، فانتهرهما أبو بكر ، فكشف النبي - صلى الله عليه وسلم - عن وجهه ، فقال : "دعهما يا أبا بكر ؛ فإنها أيام عيد" . أخرجه البخاري وغيره .
- وروى أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن الأسدي وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث ، قالت : وليستا بمغنيتين . فقال أبو بكر : ( أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟! ) ، وذلك في يوم عيد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يا أبا بكر ، إن لكل قوم عيدًا ، وهذا عيدنا" . أخرجه البخاري وغيره - أيضًا - ، وهذا لفظ هشام عن أبيه .
فهاتان روايتان ؛ إحداهما فيها الدف والضرب ، والأخرى فيها الغناء ، وإحداهما فيهما أن أبا بكر انتهر الجاريتين ، والأخرى أنه قال : "أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟!" . ولما كان مخرج هذا الحديث متحدًا ، وظاهرٌ أن الحادثة واحدة ، وقد أخرج البخاري الروايتين كلتيهما = لما كان ذلك كذلك ؛ وجب الجمع بينهما ، وهذا سبيل ما كان كذلك عند العلماء - كما سبق - .
والجمع بينهما سهل ، فالغناء لا ينافي الدف ، فإن الغناء في مفهومهم هو الحداء وما شابهه - كما سبق نقله عن الشيخ الطريفي - ، فتكون الجاريتان تغنيان غناء بعاث وتضربان الدف .
وانتهار أبي بكر رضي الله عنه - كما في الرواية الأولى - لا ينافي ذلك القول الذي قالَهُ - كما في الرواية الثانية - ، فإن قولَهُ ذلك انتهارٌ .
طيب ، لننظر الآن :
1. الجاريتان تضربان الدف يوم العيد ،
2. لما رآهما أبو بكر سارع فقال : "أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟!" .
طيب ؛
هل قولُهُ هذا إنكارٌ للدف يوم العيد أم لا ؟!
الجواب : بل إنكار .
ولماذا أنكره مع أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - موجودًا ؟
الجواب : قال ابن حجر ( في الموضع السابق من الفتح ) : "... لكونه دخل فوجده مغطى بثوبه ، فظنه نائمًا ، فتوجه له الإنكار على ابنته ..." .
طيب ؛
أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - على جلالة مكانته وفقهه وعلمه ، هل كان سينكر شيئًا مباحًا ؟!
الجواب : لا ، حاشاه - رضي الله عنه - .
إذن ؛ فمن أين له الإنكار ؟!
الجواب : قال ابن حجر ( في الموضع السابق ) : "مستصحبًا لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو ، فبادر إلى إنكار ذلك قيامًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، مستندًا إلى ما ظهر له" .
إذن ؛ كان متقررًا عند أبي بكر ولا يشك فيه أن اللهو ( وهو الغناء والدف هنا ) منكر ، يجب إنكاره والمبادرة إلى ذلك ، فأنكره .
طيب ؛ من أين يتقرر لأبي بكر - رضي الله عنه - ذلك ؟!
الجواب : لا نشك أنه من شرع الله - جلَّ وعلا - ، وأنه قد أخذه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفهمه منه ، فليس أبو بكر - رضي الله عنه - بمنكرٍ أمرًا إلا أن يكون الشرع ينكره ؛ لا بأهوائه ورغباته .
طيب ،
قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : "دعهما يا أبا بكر ؛ فإنها أيام عيد" ، وفي الرواية الأخرى : "إن لكل قوم عيدًا ، وهذا عيدنا" .
فهاتان جملتان :
1. أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعهما ،
2. بيَّن له علة هذا الأمر ، وأن العلة : أن تلك الأيام أيامُ عيدِ هذه الأمة .
قال ابن رجب ( في نزهة الأسماع ، ص36 ) : "فلم ينكر - يعني : النبي صلى الله عليه وسلم - قولَ أبي بكر - رضي الله عنه - ، وإنما علل الرخصة بكونه في يوم عيد ، فدل على أنه يباح في أيام السرور ؛ كأيام العيد وأيام الأفراح كالأعراس وقدوم الغياب = ما لا يباح في غيرها من اللهو" .
وقال ابن حجر ( في الموضع السابق من الفتح ) : "فأوضح له النبي - صلى الله عليه وسلم - الحال ، وعرَّفه الحكم مقرونًا ببيان الحكمة ، بأنه يوم عيد ، أي : يوم سرور شرعي" .
إذن هذا الحكم ( الأمر بأن يدعهما ) علّته ( أنها أيام عيد وفرح وسرور ) ، والحكم يدور مع علّته وجودًا وعدمًا :
- فإذا كانت أيام عيد وفرح وسرور ؛ فليدعهما ، أي : لأنه يجوز الدف حينئذٍ ،
- وإذا لم تكن أيام عيد وفرح وسرور ؛ فقد انتفت العلة ، فانتفى الحكم ، فلينكره ، ولا يدعه ؛ لأن الدف حينئذٍ - كما قال أبو بكر - : "مزمارة الشيطان" .
طيب ،
هذا الوصف من أبي بكر ، والذي أقره عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير تلك الحالة ، ماذا يعني ؟
وصف ضرب الدف بأنه : مزمارة الشيطان ، فنسب هذه المزمارة - وهي تطلق على الصوت والآلة - إلى الشيطان ، لأنه ظهر له أنها من عمل الشيطان وتدبيره وكيده . قال ابن حجر : "وإضافتها إلى الشيطان من جهة أنها تلهي ، فقد تشغل القلب عن الذكر ... قال القرطبي : ( ... ونسبته إلى الشيطان ذمٌّ على ما ظهر لأبي بكر ) " .
إذن ؛ فالدف - في غير تلك الحالات المباحة - من الشيطان وتدبيره وكيده وإلهائه عن ذكر الله وعن الصلاة ، بنص أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - الذي لم يأتِ به من نفسه - بلا شك - ، وأقره عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وما كان من الشيطان ، وهو الذي يدبره ويكيده ، فلا شك أنه سيُحِبُّهُ ويرغبُهُ .
وما كان كذلك ؛ فهو الذي قال الله - تعالى - فيه : { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون } ، وقال : { لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } ، وقال : { ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } .
إذا انضم ما استقر عند أبي بكر - رضي الله عنه - ، وإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - له عليه = إلى ما سبق في حديث بريدة - رضي الله عنه - ، ثم إلى أفعال التابعين وأقوالهم ، عُلم أن الدليل قائم على أن الأصل تحريم الدف .
قلتَ :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
بل قد يقلب عليك أحدهم الاستدلال فيقول – على قياسك – : إنه بما أن الدف مما يحبه الشيطان أصلاً والنبي أباحه وسمعه , فهذا يؤكد إباحة ضرب الدف مع أنه مما يحبه الشيطان . |
|
 |
|
 |
|
وأنت تعرف الجواب ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أباحه وسمعه إلا في أحوال مخصوصة ، ولذا قلتَ مستدركًا :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
والقول بأن تلك الحالات مستثناة من الأصل , قول بلا دليل خاص بالدف لأنه لم يرد – بحسب علمي – دليل صحيح صريح على تحريم الدف لأنه من الشيطان ( أي بهذه العلة التي تستند عليها في التحريم ) |
|
 |
|
 |
|
وهذا قد سبق ؛ فليكن في علمك .
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
2- ضرب الدف في العرس - مثلاً - , هل هو من عمل الشيطان ومما يحبه الشيطان أم هو من مداخل الشيطان ؟؟!
مع العلم أني سألتك من قبل وقلتَ لي : نعم . ( أي هو من عمل الشيطان ومما يحبه الشيطان ) |
|
 |
|
 |
|
قرأتُ مشاركاتي كلها في هذا الموضوع - عدا الأولى - ، فلم أجد ذلك .
إلا ما كان في المشاركة (57) ، وقد وضّحت ما أقصده بقولي : ( من الشيطان ) ، فقلتُ في المشاركة نفسها :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
فإذا كان الدف من الشيطان والنبي - صلى الله عليه وسلم - حاضر ، فكيف به وهو غائب ؟!
وقد سبق بيان وجه كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرّه وحضره مع أن الأصل أنه من الشيطان ، وهو - مرة أخرى مع زيادة بيان - : أن للشيطان مدخلاً فيه حتى وهو مباح في هذه الحالة |
|
 |
|
 |
|
إلى أن قلتُ :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
فإذا كان الدف مدخلاً للشيطان في حال إباحته ، وفرح به الشيطان والنبي - صلى الله عليه وسلم - حاضر ، فما ظنك به في حال لا يرضاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه ولا التابعون بإحسان ؟! |
|
 |
|
 |
|
إذن ، فالمقصود : أن الأصل أنه من الشيطان ، وأنه في حال إباحته مدخل للشيطان .
ويبين هذا كل ما بعد تلك المشاركة من مشاركات .
وقد كنتُ بيّنتُ لك ذلك ، لكنك تصرُّ - بما يشبه العناد - على ما تقول ، فقد كنتُ قلتُ لك في المشاركة (66) :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
الدف في الأصل من الشيطان ، وهو في حال إباحته ( مدخل للشيطان ) وليس ( من الشيطان ) ، وقد بيّنتُ ذلك فيما سبق - إلا إن كانت لي عبارة محتملة ، فلتُحمل على غيرها من العبارات - |
|
 |
|
 |
|
تقول :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
لكني أعيد عليك السؤال بعد إضافتك الجديدة وهي أنه ( من مداخل الشيطان ) . |
|
 |
|
 |
|
هذه ليست إضافة جديدة ، فهي موجودة في مشاركاتي هنا من أولاها .
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
فهل ضرب الدف في العرس - مثلاً - من عمل الشيطان ومما يحبه الشيطان , أم هو من مداخل الشيطان ؟؟!
إن ( أكـّدتَ ) كلامك السابق وقلتَ : هو من عمل الشيطان ومما يحبه الشيطان , سقط استدلالك على أن أي شيء من عمل الشيطان ومما يحبه الشيطان هو محرم . |
|
 |
|
 |
|
سبق أن هذا ليس "كلامي السابق" .
وليس ضرب الدف من عمل الشيطان في تلك الحالة - كما سبق - ، وإن كان مما يحبه الشيطان .
وعمل الشيطان سبق أنه محرم ، وما يحبه الشيطان ليس بالضرورة أن يحرم ، وإنما يأتي تبعًا - كما سبق أيضًا - .
قلتَ :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
وإن قلتَ : هو من مداخل الشيطان , سقط استدلالك أيضاً . لأن الذي هو من مداخل الشيطان ليس شرطاً أن يكون حراماً على كل حال ( بنص قولك ) . وهو ما أميل إليه . |
|
 |
|
 |
|
أقول : لا تخلِطْ فيلتبس عليك ، أو تُلبِّس .
أنت تقول هذا في الجواب على هذا السؤال :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
فهل ضرب الدف في العرس - مثلاً - من عمل الشيطان ومما يحبه الشيطان , أم هو من مداخل الشيطان ؟؟! |
|
 |
|
 |
|
فكونه "من مداخل الشيطان" ، وأن ما كان كذلك "ليس شرطًا أن يكون حرامًا على كل حال" = هو الذي "في العرس - مثلاً - " وما شابهه - مما سبق بيانُهُ - .
وأما قولك :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
أما إن قلتَ : هو من مداخل الشيطان في حال الإباحة ومما يحبه الشيطان في حال التحريم , فهذا ليس عندك عليه نص بل هو مجرد اجتهاد منك لا يخلو من عسف للأمور . |
|
 |
|
 |
|
فلعلك لم تجد جوابًا ، فزعمتَ أنه مجرد اجتهاد ، وأنه عسف للأمور ، بينما هو - للمنصف الحصيف فقط - أوضح من الشمس في رابعة النهار .
على أنك لا زلت ترتكز على ( مما يحبه الشيطان ) ، وليست هي الركيزة - كما قلتُ في رَدَّيَّ السابقِ وهذا - .
تقول :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
3-- ما هو الضابط لقولك إن ضرب الدف من عمل الشيطان ومما يحبه الشيطان حيناً ( ولذا فهو محرم برأيك ) , وهو من مداخل الشيطان حيناً آخر ( ولذا فهو مباح برأيك )؟؟!! |
|
 |
|
 |
|
ما لم يكن فيما أباحه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهو من عمل الشيطان وتلبيسه وإغرائه وكيده ومكره وصده عن سبيل الله وعن الصلاة .
ثم تقول :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
إذا كان الشيطان يحب الدف في كل حال , فكيف تقول إننا نحرّم الدف لأن الشيطان يحبه مع أن الشيطان يحب الدف حتى في الحالات التي نتفق على إباحتها ؟؟؟!!! |
|
 |
|
 |
|
لم أقل بذلك .
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
إذا كانت علة التحريم موجودة وباقية حتى فيما نبيحه , فاستدلالنا بهذه العلة ذاتها على التحريم غير صحيح . |
|
 |
|
 |
|
غيرُ خافٍ .
قولك :
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
وأصل المسألة فقهية فرعية قابلة للاجتهاد في تفسير النص , ولا تستحق الجفوة أو التشنج بيننا فالجميع أخوة في العقيدة وإن اختلفنا في بعض المسائل الفقهية . |
|
 |
|
 |
|
إذا كان الاجتهاد في تفسير النص صحيحًا مدعّمًا بأصوله الصحيحة ، قُبِل . أما بالتحوير والتحريف وتلقُّط المعاني المتهلهلة من هنا وهناك ؛ مما لا تقوم به قائمة ، فليس جديرًا أن يُقبل .
وأُخوّة العقيدة لا تستلزم ترك بيان الحق في المسائل الفقهية ، وإن حصلت في العبارة نبوة وجفوة ؛ فذاك واقعٌ مُذْ أزمان متقادمة في مثل هذا .
واللين والهدوء ليس مطلوبًا على الدوام ، كما أن الجفوة و "التشنج" ليس مرفوضًا على الدوام .
وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه من الصواب في القول والعمل .
__________________
كثرت ذنوبي ، فلذا أنا نادم .
أسأل الله أن يتوبَ عليَّ ، ويهديَني سبيل الرشاد .
وما أملي إلا ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ﴾ .
أبو عبد الله
|
|
|