مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 03-03-2007, 10:29 PM   #27
كرمع
كاتب متميّز
 
صورة كرمع الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2004
البلد: بريدة
المشاركات: 541
أستطيع القول هنا : لا ..
ليست مشاهدة الربيع وحدها كافية للخروج إلى البر ..

في الصيف الفائت .. اتصل بي منسق مجموعتنا الصغيرة .. وقال لي : هناك مقترح لإقامة رحلة .. مارأيك ؟
الصيف ؟!
أثمة خضرة في هذا الجو اللاهب ؟
لكن اشتياقي للصحبة جعلني أقول له : اكتبني مع الموافقين .. ولكن قبل أن أخبره بموافقتي سألته : وإلى أين سنذهب ؟
أجابني على الفور : لا أدري ؟!
ثم استدرك قائلا : لكننا مشتاقون لأن نسافر سويا ..
بمعنى أن كل واحد منا وافق على الفور رغبة في الصحبة لا في مشاهدة الربيع .. وكأن لسان حالنا : اذهب بنا إلى أي مكان .. المهم أن نتجتمع ..

فأين كانت وجهتنا تحت لسع الشمس ياترى ؟

هذا مدار حديث قادم بإذن الله ..

الصحبة - أيها الأحبة - تشكل نسبة كبيرة في الميول إلى الرحلات .. وإنني لأظن بأن كثيرا من سعادة الرحلات متوقف على الصحبة ..

في بعض الرحلات يكون فيها شخص واحد فقط من ذوي الطبع السيء ولكنه وإن كان واحدا كفيل بأن يقلب الأمور رأسا على عقب .. وأن يحيل الطعم إلى علقم لايطاق ..

هناك أشخاص ربما لاتحتاج معهم إلى عود ثقاب لأنهم بطبعهم سيوقدون لك كل شيء وربما احترقت سعادة الرحلة كلها بسبب حرارتهم ..
وهذا النوع من الأصحاب قلما يسلم له صديق إلا صديق يراعيه أشد ماتكون المراعاة .. ويتحمله كتحمل الزوجة لزوجها .. وأين يوجد مثل هذا النوع من الصحاب ؟

وهناك أشخاص أشبه مايكونون بالشيخ الكبير أو المرأة المسنة .. ينتظر حتى يوضع الفراش فيجلس ثم لا يقوم من مجلسه إلا إذا نودي للطعام .. ثم يعود إلى مجلسه الأول فلا يتجاوزه إلا إلى منامه .. وهكذا دأبه إلا إذا طلب منه عمل ما .. وربما قام بهذا العمل على أسوأ وجه والأشنع من ذلك أن يمن بما قام به من عمل مرة بعد أخرى وهذا النوع من الناس يكثر لديه استغلال الآخرين فتجده يكرر : يافلان مادامك واقف هات فروتي ياابوعبدالله : تكفى على دربك هات المركى وإن كانت هذه الصفة تكاد تكون متكررة في البر .. فإذا كان الإنسان متقنفذا داخل فروته ومقتربا من دفء النار ومتكئا بصورة لا تدعوا إلى القيام فإن كثيرا من الرغبات تكون حبيسة في الرؤوس فإذا قام واحد من الجالسين لغرض له انهالوا عليه بطلباتهم ولذلك فقد سمعت من شعبوط أنه قال حدثني شعبيط عن شعباط قوله : ( في البر ودك تحبي حبيان )

وهناك آخرون لا يتنازلون عن آرائهم داخل المجموعة فتجدهم يصرون على آرائهم حتى ولو بدا هزالها للعيان .. وأذكر مرة أننا خرجنا إلى البر فنزلنا بهدوء واتفقنا بشكل أوتوماتيكي على مكان الخيمة ومكان النار .. فقال أحد الذين معنا ضاحكا : غريبة ماقلنا هذا أحسن .. هذا أحسن :D
وقريبا كنت نازلا في أحد الفياض فنزل إلى جوارنا آخرون فمازال اختلافهم محتدما في طريقة وضع الخيمة والسيارة حتى ارتفعت أصواتهم وسمعنا أحدهم يقول : والله العظيم وبالله الكريم إن الخيمة مكانها خطأ
وأنا متأكد - دون أن أطلع على مكانهم - أن اختلافهم لايعدو أن يكون جدلا زائدا يمكنه أن يزول بأن يرخي أحدهم رأيه كما يرخي طرف الخيط عندما يشده صاحبه .. والعرب تقول ( إذا عز أخوك فهن )
وشعرة معاوية معيار رائع للتعامل مع الناس ..
وليس من جديد حينما أقول لكم بأن الرحلات عامة تصطدم فيها القرارات بشكل يومي كما تصطدم الخطوط المتقاطعة في الجدول .. فمن لم يروض نفسه على ذلك وجد عنتا في نفسه ووجد أصحابه منه عنتا أشد مما يجد هو من نفسه ..

وهناك من لاتجد عليه أدنى عثرة .. ولكنه من النوع الذي يدون في نفسه كثيرا مما يلقى عليه من مزاح ثقيل أو كلمة جافية أو تعليق مضحك والأشنع من هذا حينما يتناول الناس بلسانه بينما يتضايق عندما يتناوله الناس بألسنتهم ..
كثيرا ما كنت أستغرب اجتماع أفراد أعرفهم بأعيانهم في رحلة واحدة .. فلا تملك حيالها إلا أن تقول سبحان من جمع الضدين هنا كما جمعهما في سفينة نوح .. ثم لايلبث الزمان فيدور دورته حتى أرى كل واحد منهم قد انساح إلى من يألفهم ويألفونه من غير تلك المجموعة كما ينساح الماء إلى مستقره
وإني لأعجب أشد العجب من توافق بعض الطباع في بعض الصداقات إلا أن يكون الله وحده هو الذي ألف بين قلوبهم فــــ( لو أنفقت مافي الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم )

وعلى الطرف المقابل فإن هناك أناسا يمكن أن نقول بأنهم ملح الرحلات وعمادها .. وكثيرا ماتجد في الصداقات رجلا فعالا يدير المجموعة وينسق أمورها وربما تحمل كثيرا من العناء دون أن يظهر للآخرين منه إلا القليل .. يذهب بسيارته .. ويجهز أدوات الطبخ .. ويشتري كل ماتحتاج إليه الرحلة من طعام .. وفي الأغلب أن هذا النوع هو الذي يقوم بمزاولة الطبخ لأصحابه
وفي نظري أن مثل هذا النوع يحرص على ذلك لحسن في ذائقته أولا ولحسن في خلقه ثانيا .. فتجده يحرص على أن يقوم بتجهيز كل شيء حتى لا يتضجر من نقص ماعون أو بهارات فيحرج غيره بذلك حينما لايقوم بإعداد الحاجيات شخصيا .. ومما أذكره في هذا أن صاحبا لنا تفاجأ مرة بفقاعات من الصابون تتطاير من بين البصل والطماطم في القدر
وإذا به قد أهال عليه من علبة الملح ( ساسا ) دون أن يدري أن صاحب الأدوات قد وضع بدلا من الملح صابونا

وإنه من الواجب- في نظري - على كل واحد ممن يصاحب غيره أن يعرف نفسه ثم يقوم بالدور الذي يتقنه فيقوم بتنظيف الأواني إن كان لايتقن الطبخ أو يقوم بإحضار سيارته إن كان لايمكنه تقديم شيء آخر وكل امرئ على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره..
أحد الأخوة ممن أعرفه شخصيا ليس من أولئك الذين لديهم القدرة في تدبير أمور الرحلة كاملة وهو مع ذلك يحب الخروج إلى البر فيقوم بإعداد سيارته دائما ويجهز معها أدوات الطبخ أيضا ويقول لأصحابه : من جهة هذين الأمرين كل شيء جاهز .. فسيروا على بركة الله ..
وهناك أيضا حسن الحديث غزير القصص ..
ولولم يكن من المرء إلا أنه يكف شره عن أصحابه لكفى فإنها صدقة منه على نفسه ..

أفضت في الحديث .. مع علمي أن كثيرا مما كان في رأسي تسرب دون أن أرد ذلك ..
ولعلي أتحدث في المرة القادمة إن شاء الله عن ركن مهم في الرحلة أيضا ..
والله يرعاكم ..
كرمع غير متصل