مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 08-03-2007, 02:11 PM   #12
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
- الإسلام والقبيلة(6)


د. عبدالله محمد الغذامي
(سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال لا، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم) ابن ماجة رقم "3997"..

؟ كنت أزمع مواصلة الحديث عن مفهوم القبيلة وعن بنيتها الثقافية غير ان تعليقاً لأحد القراء في موقع الرياض على الإنترنت جعلني أغير في ترتيب مقالاتي، وقد طلب مني القارئ الكريم إلاّ أتوقف على قوله تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" دون سائر الآية، وكأنه بهذا يريد ان يقول لي ان ورود كلمة القبائل في الآية يجعل المعنى مختلفاً، وكأنه أيضاً يريد ان يقول ان الاقتصار على جزء من الآية يقطع الدلالة ويحولها وليس لي إلاّ ان أشكر القارئ وأشكر المعلقين في الموقع جميعهم والحق ان التعليقات تؤثر كثيراً على مسار مقالاتي هذه ومسار تفكيري إذ من الضروري معرفة ردود فعل الناس على هذه الأفكار وانه لشرط منهجي ان نقرأ المجتمع عبر ما يفصح به المجتمع عن نفسه من دون رقيب وليس كالإنترنت وسيلة حرة للتعبير والكشف وهذا مبدأ مهم في النقد الثقافي إذ ان ردود الفعل تمثل أبرز سمات التعرف على حركة الانساق وصيغ تعبير النسق عن نفسه وعن مضمراته التي لا تظهر في الخطاب المؤسساتي وتتقن لعبة التخفي والتستر.

وكما طلب القارئ العزيز فإني سأقف على الآية الكريمة، وهي وقفة قد تأخذ مني ثلاث مقالات أو أكثر وفيها ساستعرض معطيات جوهرية تتعلق في صدر المقال بين ان تحب قومك وتنتسب إليهم وتقيم حقوق النسب وصلة الرحم وهذا كله خير وشرط في المروءة، ولكن الذي ليس خيراً ولا مروءة ان يتحول حبك لقومك وحبك لثقافتك وعرقك ان يتحول إلى حس تمييزي تعتقد معه ان الشرف لك ولأهلك دون غيرك ممن لا يماثلك لغة أو عرقاً أو طبقة أو موقعاً، وهناك فرق دقيق بين الانتماء وبين العصبية ثم بين المحبة من جهة والكراهية من جهة أخرى، أو بين التقوى وهي قيمة دينية وأخلاقية عليا وبين الانحيازات القطعية وهي داء ذهني وثقافي.

ان القبيلة قيمة ثقافية واجتماعية ولا شك غير أننا يجب ان نعلم ونحن نقول ذلك أنها صيغة تشبه صيغاً أخرى في التكوينات الاجتماعية وكما أنها صيغة ايجابية في ضمان وجود أفرادها فإن الصيغ الأخرى أيضاً هي مكونات إيجابية تحمي الأفراد وتعينهم ومن ذلك مؤسسة (العائلة) بصيغتها الصغيرة أو الممتدة وبين صيغة العائلة وصيغة القبيلة تماثل كبير في جوانبهما الايجابية وكذا السلبية، وكم من حس عائلي طغى وميز ورأى ان هذه العائلة هي أسمى وأرقى من غيرها مما هو حس نسقي يصاب به كل البشر وتصاب به كل الثقافات. ولو عاش أحد منا مع الإنجليز مثلاً وعاشرهم في بيوتهم ومع عجائزهم وبسطائهم مثلما كبارهم لرأى أنهم يقولون عن أنفسهم وعن لغتهم وعن نموذج معاشهم إنه الأفضل في الوجود ولرآهم يحتقرون غيرهم لمجرد اختلافهم معهم في اللون أو اللغة أو الدين ولقد عشت شيئاً من هذا ولمسته حتى لقد تعرضت مرة لحجارة أتتني من الخلف وأنا أسير في أحد شوارع مدينة أدنبرة في اسكتلندا عائداً من الجامعة قرب الخامسة مساء وفي يدي حقيبة كتبي وفي رأسي التعب بعد يوم من العمل وما وعيت إلاّ والحجارة من خلفي وأطفال يصرخون بي قائلين: عد إلى وطنك يا باكي، وكلمة باكي هي مختصر لكلمة باكستاني، وقد ظنوني باكستانياً من لون بشرتي، وهذه صورة واحدة من آلاف الصور عشناها مباشرة مثلما قرأنا عنها وكلها ناتج لطبع بشري ينفر من المختلف بسبب تصوره للذات على أنها الأفضل والأنقى وان المختلف عنها يهدد صفاءها إذا خالطها وفي الوقت ذاته فالمختلف غريب ومن هنا فهو أقل من الذات وعند كل قوم شيء من هذا وذاك. ولكن مسألتنا هنا هي عن أمة تملك ثقافة مثالية عالية في مثاليتها وهي الدين الإسلامي الذي يقوم على مبادئ جوهرية في المفاضلة بين البشر وهي مبادئ عملية وأخلاقية وليست عرقية ولا قومية ومع هذا فإننا نجد ان هؤلاء القوم - وهم يملكون ديناً مثالياً - نجدهم يتخذون لأنفسهم نماذج أخرى للمفاضلة الثقافية وهي نماذج لا تختلف عن المثالية الدينية فحسب بل انها تناقضها.

ولسوف نرى ان الآية الكريمة التي طلب مني القارئ الكريم الوقوف عليها تؤسس هي وآيات معها في السورة نفسها وفي السياق نفسه تؤسس لنظام أخلاقي واجتماعي مثالي يعطي القيمة للفرد بما انه فرد صالح وإيجابي وبناء. ونص الآية كاملاً هو: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير".

ومع ان الآية واضحة في دلالاتها إلاّ أنني قد عدت إلى ثلاثة كتب في التفاسير وهي تفسير ابن كثير والكشاف للزمخشري وتفسير عبدالرحمن بن سعدي وكذلك عدت إلى معاجم اللغة وكتب الحديث من أجل تتبع معاني الآية الكريمة، واخترت التفاسير الثلاثة لأن ابن كثير يغني نصه بالاستطراد العريض النافع فيأتي بالأحاديث والنقولات مما يوسع مجال النظر بينما يهتم الزمخشري بالأسرار اللغوية والتلميحات الدلالية، أما ابن سعدي فهو يوجز ويختصر ويعطي الخاصة بتكثيف شديد كما ان في كتب الحديث وكتب اللغة مجالاً لتوسيع الموضوع وكشف كافة احتمالاته. كل هذا مع وضوح الآية وجلاء دلالتها.

ثم ان الآية مسبوقة بآيات أخرى فيها بيان أخلاقي وسلوكي مثالي وفيها صياغة لنموذج الإنسان التقي وهذا سياق مهم في تشكيل دلالة الآية، وأنا هنا لا أقتصر على جزء من الآية كما ألمح القارئ العزيز بل انني أتناول السياق كله، وكلامي هذا في جميعه هو مقدمة أولى لقراءة الآية والوقوف عليها وهذا ما سأفعله في مقالات تتوالى - إن شاء الله - في القادم. ولكن من المهم التركيز على معنى الحديث الوارد في صدر المقال بين ان تحب وتنتمي وبين ان تكره وتميز أو تتعالى، على انه من غير الطبيعي ان تحمل في قلبك النقيضين: الحب والكره، ولو اجتمعا عند أحد منا فلا بد انه قد تعرض لما نسميه بالفيروس النسقي حيث ينطوي على مضمر سلبي ينقض ايجابياته الظاهرية.


11 تعليق
1
(أبوهم آدم والأم حواء)


الناس من جهة التمثال أكفاء*أبوهم آدم والأم حواء
فإن يكن لهم في أصلهم شرف*يفاخرون به فالطين والماء
نعم تلك حقيقة نعلمها جميعا ولكن ليس بمقدور أحد أن يلغي ثوابت متوارثة ومن وجهة نظري الشخصية من الواجب الحفاظ على تلك العادات مع عدم التطاول والأستعلاء على أحد لصفة معينة وأن يكون ماجاء به الشرع من تمييز وتفضيل هو المقدم في الأمر
رحم الله من قال:
واخص محسن شوق ضافي الجديلين*لولاه قال كليمة وازعلنيا
أستاذي الكريم د0عبد الله هذا الأمر جد شائك والخوض فيه مقلق وعسير0
لك ولقلمك الرائد تحياتي وتقديري0



عبد العزيز بن محمد اليحيان التميمي
07:01 صباحاً 2007/03/08
2


وروى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني بياضة أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه" (وكان حجامًا) قال في معالم السنن: " في هذا الحديث حجة لمالك ومن ذهب مذهبه في الكفاءة بالدين وحده دون غيره.. وأبو هند مولى بني بياضة، ليس من أنفسهم." والبياضة قبيلة من الأنصار.
وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فامتنعت، وامتنع أخوها عبد الله، لنسبها في قريش، وأنها كانت بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم أمها أميمة بنت عبد المطلب –وأن زيدًا كان عبدًا، فنزل قول الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا) فقال أخوها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مرني بما شئت. فزوجها من زيد.
وزوج أبو حذيفة سالمًا مولاه من هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة.
وتزويج بلال بن رباح بأخت عبد الرحمن بن عوف.
وسئل الإمام علي –رضي الله عنه- عن حكم زواج الأكفاء، فقال الناس بعضهم أكفاء لبعض، عربيهم وعجميهم، قرشيهم وهاشميهم إذا أسلموا وآمنوا.



سعيد
07:22 صباحاً 2007/03/08
3


ونختم بقول نفيس للأمام الشوكاني رحمه الله إذ يقول :
" واخرج البخاري وغيره عن عائشة ان أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان ممن شهد بدرا مع النبي تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى امرأة من الأنصار واذا تقرر لك هذا عرفت أن المعتبر هو الكفاءة في الدين والخلق لا في النسب لكن لما اخبر بان حسب أهل الدنيا المال وأخبر كما ثبت في الصحيح عنه ان في أمته ثلاثا من أمر الجاهلية الفخر بالاحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة كان تزويج غير كفء في النسب والمال من أصعب ما ينزل بمن لا يؤمن بالله واليوم الآخر ومن هذا القبيل استثناء الفاطمية من قوله ويغتفر برضا الأعلى والولي وجعل بنات فاطمة رضي الله عنها أعظم شرفا وأرفع قدرا من بنات النبي لصلبه فيا عجبا كل العجب من هذه التعصبات الغريبة والتصلبات على أمر الجاهلية وأعجب من هذا كله ما وقع للجلال من نقل الأكاذيب المفتراة في شرحه لهذا الموضع وهو مصداق ما اخبر به رسول الله من ان تلك الخصال المذكورة في الحديث السابق كائنة في أمته وإنها لا تدعها امته في جاهلية ولا إسلام كما وقع في الصحيح وإذا لم يتركها من عرف أنها من أمور الجاهلية من اهل العلم فكيف يتركها من لم يعرف ذلك والخير كل الخير في الإنصاف والانقياد لما جاء به الشرع ولهذا اخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن رسول الله انه قال اعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس" انظر السيل الجرار ج2 ص295.



فاطمة
07:25 صباحاً 2007/03/08
4
الجهل المركب


أشكر الدكتور عبدالله على هذا المقال والذي هو محاولة لمعالجة الجهل المركب لدى الكثير ممن يجهل ويظن نفسه عالما. ومن هنا كثرت مشكلاتنا بين المتطرف والمفرط وضاع الحق الوسط.



د. خالد بن حمد العنقري
08:23 صباحاً 2007/03/08
5


د. عبدالله محمد الغذامي
صباح الخير
إن الآية الكريمة تمقت التمييز بين الناس ووضعت التقوى مقياس لذلك
لكن الانتماء للقبيلة كإنتماء الفرد للأسرة الصغيرة باقي وقد حثت الأحاديث على صلة الرحم وعدم قطعها.



ابو سليمان
08:55 صباحاً 2007/03/08
6
واضح


سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال لا، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم) ابن ماجة رقم "3997"..
قول واضح



محمد الحسيني
09:16 صباحاً 2007/03/08
7
القبيلة متأصلة بطريقة أخرى


لو كان المجتمع القبلي لدينا شبيه بالقبائلي البريطاني أو الاسكوتلندي لكانت المشكلة بسيطة.
القبيلة هي نوع من الرابطة يظلم فيه الانسان لأنه لم يختاره بنفسه.. الدين يختاره بحريته المطلقة أما القبيلة فهي اختيار الأب أو الأم أو الاثنين معاً.
حاولت مرارا أن أفهم تعريف الدم النقي عند أهل هذه القبائل: هل معناه مثلاً خلو تاريخ القبيلة من الزنا مثلاً؟
العرب في جاهليتهم مارسوا أفعال الفاحشة بتوسع، لذلك لايمكن أن يكون هذا صحيحاً، لماذا إذا ينظر البعض لآخرين على أنهم غرباء مع أنهم يقيمون في الأرض قبل قيام الدولة العثمانية!
ألا يجب أن تكون القبيلة المعاصرة هي جنسية الدولة؟ ألا يلغي حكم قاضي بالتفريق بين زوجين هذه الرابطة الهشة أصلاً؟
وكيف تقبل الدولة التي اعترفت بشخص ما كمواطن بأنه ليس كذلك؟



ياسر أبو صفوان
10:48 صباحاً 2007/03/08
8
تحية وتقدير


الأستاذ الغذامي شكرا لك على ملامسة هذا الموضوع المهم رغم أني أرى أنك لم تأتِ على شيء من المعاني العظيمة التي أتت بها الآية كاملا، سوى أنك جررتنا إلى حياتك في بريطانيا، ولو واصلت ولم تقف لكنا ربما وجدنا ما يفيد.



أبو محسن العدناني
11:28 صباحاً 2007/03/08
9
أحسنت


لا شك بأن العنصرية التي نعيشها يادكتور مقلقلة جدا وأنها من الابتلاء ليعلم الله بما في قلوب العباد ولكن المقلق أكثر السكوت المريب لطلبة العلم في بلادنا وهو سكوت ربما لا تبرأ به الذمة، وأنا أتعجب من الذي يحدث من رمي النقائص والرزايا من منثل ما تقول على فئة دون أخرى لأنها تختلف عنها عرقيا وإنني أخشى أن يبرز في خلال الزمن المتوسط انقسام فقهي جديد داخل التوجه الديني السائد يقوده التعصب العرقي ليبرز اتجاهين دينيين الأول المذهب القبلي الرافض والثاني المذهب المتسامح الداعي إلى التمازج على خلفية عدم التوافق بين من يرى عدم مشروعية التمايز وبين من يرى أن بخلق هذا التمايز نتقرب إلى الله لأن الله فضل العرب على كل الأمم.. لقد سنحت فرص كثيرة لقتل العنصرية العربية في شقها المقلق ولكن هناك من يقف معا لتبقى... والله أعلم.



أبو أحمد
12:11 مساءً 2007/03/08
10
المجتمع , ايسو 9002


شكرا لسعادة الدكتور عبدالله على هذا الطرح القريب من احاسيسنا وعروقنا ولكن اليس من الاجدر ان ننظر الى منظومتنا الاجتماعيه بشكل اوسع واكبر وان نعطي اسماء وصفات للاكثريات في الوطن من حيث العلم والعمل فقط !!! اي اننا يجب ان نجدد توصيفاتنا لانفسنا بشكل جديد ومطور بحيث يشمل هذا الوصف على العلم والعمل وليس القبيله او العائلة !!! استاذ عبدلله , في المناطق الصناعية الكبرى بالمملكه وفي المؤسسات الصناعيه لاتجد رائحة لهذه العصبيه او التحسس من هذه القضيه على سبيل المثال البته !!! الكل يعمل والكل يتعلم بشكل مستمر وفي منظومة واحده هدفها العلم والعمل به !!! ولكن سرعان ما تتدفق تلك الدماء الزرقاء وعلى حين غرة حينما تتشابك الايدي تحت غيمة كثيفة المطر في (( طعوس الديرة )) في منظر متناقض لايوجد له تفسير حتى عند ابن كثير !!!
يجب ابتداء ياسيدي ان تكون هناك نظم اجتماعيه لاتهدف الى ايدلوجيا او مناطقيه معينه او تجمعات هدفها خطف المجتمع الى فكر معين ومحدود !!!
يجب ان توجد دساتير وقوانين علميه لتحديد الامر بحيث يكون البقاء للاصلح وليس للاقوى او للاكثر !!! وهنا فقط يستقيم الحديث وتستسهل الصعوبات في محاولاتنا لرقي مجتمعنا في سياق واحد يتفق عليه الاكثرين !!! اجمل المنى ,,,



فضل الشمري
12:31 مساءً 2007/03/08
ريبد غير متصل