إخوتي في الله :
إن الصراع الفكري بين أصحاب الحق وأصحاب الأهواء صراع قديم , وقد تصدى أسلافنا من العلماء لمثل تلك الأفكار منذ زمن ابن أبي الأصبغ إلى زماننا هذا , ومع ذلك فنور الله باق , ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض ) , وإني أعرف الأخ محمد المحمود معرفة شخصية خاصة منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما , وبيني وبينه صداقة وزمالة متينة , لكن ليس معنى هذا أني أوافقه بل أنا أصارحه بمخالفتي له دائماً , وأشنع عليه بعض أفكاره فيقابلني بالابتسامة والضحك , وإحقاقاً للحق فقد كان رجلاً ذا ثقافة عالية , وهو قارىء نهم من الطراز الأول , ويملك دماثة في الخلق رفيعة لايملكها كثير من الدعاة الصالحين , وهو شاب محافظ على الصلوات الخمس والجمعة والجماعة و بعيد عن متع اللهو والمغريات من نساء وشراب مع كثرة سفرياته , ولكنه - وهذا ليس سراً فأنا أقولها أمامه - به لوثة فكرية من جراء التأثر بالغرب , والانبهار بثقافتهم , وللعلم فهو ضعيف من الناحية الشرعية ؛ لأنه متخصص في الأدب العربي وهو مبدع في هذا المجال , ولكنه حين يخوض في مسائل من الشرع يأتي بالعجائب والطوام التي يخشى عليه فيها من الهلاك , وهو متأثر حتى الثمالة بفكر محمد عابد الجابري وحسن حنفي وجورج طرابشي وخالص جلبي وغيرهم من العقلانيين , ولا شك أنه يحمل عقلاً كبيراً وذكاء حاداً , ولذا فعليك أخي المسلم أن تدعو له بالهداية إلى جادة الصواب لأن مثل هذا الشخص مكسب للأمة لو توجه الوجهة الصحيحة , ومع ذلك على الله بعزيز .
أيضاً هو يرحب بالنقاش الهادف الهادىء , ويكره الإقصاء والمزايدة , ولهذا حين ننتقده يجب أن نبتعد عن السب والشتم والكلام المتشنج ؛ لأنه لن يأتي بنتيجة أبداً , فإن استقام وأناب فذلك ما كنا نبغي , و إن أصر على فكرته فإنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء , ولن يضر الإسلام وأهله بشيء , ودين الله باق , وسنته ماضية .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ
[ محمود سامي البارودي ]
|