مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 27-03-2007, 03:31 PM   #4
الـصـمـصـام
عبدالله
 
تاريخ التسجيل: Jun 2004
البلد: .
المشاركات: 9,705
أهلاً و سهلاً بك أخي الكريم ..

و أرجو أن تسمح لي بالإطالة للإجابة على سؤالك ، فهو محل إشكالات كثيرة ، و قد صرفت كثير من الواجبات إلى الاستحباب دون دليل يدل على ذلك ..

و أي أمر في الشريعة و في غيرها إذا أُطلق فإنه يدل على الوجوب ، و يشهد لذلك ظواهر( الكتاب) و (السنة) و (الإجماع) و( لسان العرب) ..

أولاً : أدلة الكتاب :

1- قوله تعالى : {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (63) سورة النــور ووجه الدلالة من هذه الآية أنه حذر من الفتنة و العذاب الأليم في مخالفة الأمر ، فلولا انه مقتضي للوجوب لما حذر من ذلك ..
2-{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (36) سورة الأحزاب
فأخبر الله جل و علا أنه إذا قضى أمراً لم يكن لأحد أن يخير فيه ، و إذا كان مخالفة الأمر عصياناً فإن ذلك يقتضي وجوب ذلك الأمر .

3-{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} (48) سورة المرسلات
ذم الله تعالى هؤلاء القوم على ترهم امتثال الأمر ، و الواجب ما يذم بتركه ن و هذا يدل على أن الأمر الجرد يدل على الوجوب .

ثانيا : من السنة .

1- روى البراء بن عازب أن النبي - صلى الله عليه و سلم - أمر أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة ، فردوا عليه القول فغضب ، ثم انطلق حتى دخل على عائشة - رضي الله عنها - فقالت : " من أغضبك أغضبه الله " قال : " ومالي لا أغضب و أنا آمر بالأمر فلا اتبع " أخرجه مسلم ، و أخرج نحوه البخاري .

2-قال النبي - صلى الله عليه و سلم -: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " و الاستحباب غير شاق فدل على أن أمره للوجوب .

ثالثا : الإجماع :
فإن الصحابة - رضوان الله تعالى عنهم - أجمعوا على وجوب طاعة الله تعالى فكانوا يحملون الأوامر من الكتاب و السنة على الوجوب ، و يدل على هذا بعض الوقائع :
1- أوجبوا أخذ الجزية من المجوس بقوله " سنوا بهم سنةَ أهل الكتاب " فأخذ بها عمر - رضي الله عنه - و الصحابة و حملوا الأمر على الوجوب .
2-أوجبوا غسل الإناء من الولوغ بقوله " فليغسله سبعاً " فحملوا الأمر المطلق على الوجوب .
3- أوجبوا الصلاة عند ذكرها بقوله " فليصلها إذا ذكرها " فأوجب الصحابة - رضي الله عنهم - الصلاة عند ذكرها و أجمعوا على هذا .


رابعاً : أهل اللغة العربية التي لم يخالطها عجمة كما في زماننا هذا
فهموا الأوامر على أنها للوجوب ،فلو أن رجلاً أمرك بأمر ، فخالفته ، لجاز له أن يلومك و يوبخك و يعنّف عليك .و الأمر الواجب هو ما يُعاقب تاركه ، أو يذم تاركه .

و مخالفة الأمر معصية قال تعالى : {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم و قال تعالى { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} (93) سورة طـه ، فاللي لا يفعل الأمر يعتبر من العاصين ،
و من أشعار العرب ما يدل على أن الأمر المطلق المجرد عن الصوارف يدل على الوجوب بيت الحصين بن المنذر :
أمرتكَ أمراً حازماً فعصيتني**** فأصبحتَ مسلوبَ الإمارةِ نادماً
و المعصية - التي هي مخالفة الأمر -موجبة للعقوبة كما قال تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (36) سورة الأحزاب

بعد ذلك ننظر إلى أمر الرسول - صلى الله عليه و سلم - في غير حديث ، و كلها صحيحةٌ ثابتة تأمر بإعفاء اللحى ، فيكون لدينا أمر صحيح ثابت ، و لا صارف له إلى غير الوجوب، فهنا نعلم أن الأمر بالإعفاء للوجوب ن و بهذا أفتى كثير من العلماء الأئمة من المذاهب الأربعة و غيرهم، بل لم يخالف إلا ندرةٌ قليلة جداً . و الله أعلم ..

*راجع روضة الناظر لا بن قدامة ، بتحقيق الشيخ عبدالكريم النملة ج2 ص606 ، و كذلك روضة الناظر و حاشيته نزهة الخاطر ج2ص81 بتحقيق الشيخ سعد الشثري و مذكرة الأصول للشيخ محمد الأمين الشنقيطي .

أسأل الله لي و لك التوفيق و السداد في القول و العمل .

أخوكم /
الصمصام
__________________




ياربي ..افتح على قلبي ..
و طمئنه بالإيمان و الثبات و السلوة بقربك ..
[عبدالله]

من مواضيعي :
آية الحجاب من سورة الأحزاب ( أحكام و إشراقات )
::: كيف نقاوم التشويه ضد الإسلام و ضد بلادنا:::(مداخلتي في ساعة حوار مكتوبة و مشاهدة)


آخر من قام بالتعديل الـصـمـصـام; بتاريخ 27-03-2007 الساعة 03:41 PM.
الـصـمـصـام غير متصل