كمَا وعَدناكم في المقالِ السابقِِ, فإنّنا سَنتعرّضُ اليومَ لتاريخِ هؤلاءِ الَلاجئينَ بالتّفصيلِ, و مُعاناتِهم و مُقاسَاتِهم عبرَ أكثرَ من 55 عاماً منَ النّكباتِ و المصَائبِ .. و الصّمتِ العربيّ المخزي !
اليَوْمَ .... سَتَسِيْلُ الدُّمُوْعُ وتَخْفِقُ القُلُوبُ ...
اليَوْمَ .... سَنذْكُرُ أُبناءَ المَجِيدةِ ::: أُبناءَ حَيفَا الشَّهِيدَة !
اليَوْمَ ..... سَنُنادِي أُمَّتَنا بِلِسَانِ أَحَدِ أَبْناءِ حَيفـــــــــــــــــــــــــــا :
إلى أُمَّتي وَ أَرْضُنَا تَنْتَظِرُ؟
طالَ السَّرى وَ مَا أطَلَّ القّمرُ
أَسألُ عَن أهْلي وَمنْ يَسْمعُنِي
أينَ بَقايا الأهلِ ؟ هلْ هُمْ بَشَرٌ ؟
الغُرباءُ في ربوعِ أهلهِمُ
يبكي عَلى أهْلِي الدُّجَى والحَجَرُ !

سنَقومُ بإلقاءِ الضّوءِ على هذهِ المَسيرةِ المُفعَمةِ بالدّمارِ و العَذابِ و كأنّنا ننظرُ إلى فيلمٍ تراجيديِّ و قصّةٍ مأساويّةٍ خياليّةٍ, فهُم يَصدُقُ فيهم بحقِّ وصفُ : "
البؤسـَـــــــــاءِ " !
تعرّضَ الشّعبُ الصّابرُ إلى عمَليّةٍ مُبَرمَجةٍ من الطّردِ و التّهجيرِ .. هُجّرَ حوالي مِليون فلِسطينيّ من 531 مَدينَةٍ و بَلدَةٍ و قريَةٍ .
أَمِنْ أجْلِ دارٍ بِالرُّقَاشَيْنِ أعْصَفَتْ *** عَليها رياحُ الصِّيفِ بِدْءاً و رَجْعَاً
بَكتْ عينُكَ اليُسْرى فلمَّا زَجَرْتَها*** عَنِ الجَهْلِ بعْدَ الحِلَمِ أسْبَلَتا مَعَاً
هاموا عَلى وجوهِهم في بقاع الأرضِ، حيثُ تركّزَ معظمُهم في الضّفةِ الغربيّةِ و قِطاعِ غزّةَ و الدّوَلِ المُجاوِرَة !
و هذا التّهجيرُ و الطّردُ كثيراً ما عبَّرَ عنه أوّلُ وزير خارجيّةٍ للدّولةِ العبريّةِ (
موشي شاريت) في رسالتهِ الّتي بعَثها بتاريخ : 15حزيران 1948 إلى رئيسِ المؤتمَرِ الصّهيونيِّ, بُعيدَ الإعلانِ عن تأسيسِ الدّولةِ العبريّةِ حيثُ قال:
"إنّ طردَ الفلسطينيّينَ يُعدُّ من أهمّ الأحدَاثِ الّتي مرّت في تاريخِ فلِسطينَ الحَديثِ. و يُعدُّ أهمَّ من تأسِيسِ الدّولةِ نفسِها، و يُخطئُ من ظنَّ أنَّ تهجيرَ هؤلاءِ بدأ بعدَ النَّكبةِ، بل لقَد طرَدَت القوّاتُ اليَهوديّةُ أكثرَ من نصفِ الّلاجئينَ و هم تحتَ حِماية بريطانيا, و قبلَ إعلانِ دَولةِ إسرائيلَ, و قبلَ دُخولِ القوّاتِ العرَبيّّةِ فلسطينَ"
(1)