أيا بني لا زلت أتذكر براءة طفولتك يومها كنت أضمك إلى صدري أرويه من حبك و أسقيك من حنانه , أنظر إليك بلهفة المنتظر متى تكبر وتبلغ أشدك فأرتاح من عناء الخوف عليك ! لطالما كانت النجوم تسامرني و تنسيني أرق السهر على مرضك , و لطالما ملئت سكون الليل صخباً من آهات أعماقي حتى تهنئ بنومك و تغمض أجفانك !
أيا كبيرا لم يزل صغيري !
وخزات الفراق تمزق قلبي و تهز كياني ، منذ لحظة أن تركتني وحيدة أنازع ألألم و أكتوي بنار بعدك عني !
إني أشعر بك داخل مهدك الناعم الذي لا أزلت أحتفظ به ! فهو يذكرني بنعومة جسدك منذ أن احتضنتك فرحة بمجيئك الذي غمرني و أنساني مخاضاً عسيراً كاد أن يرحل بي بعيداً عنك !
دموعك التي كنت أكفكفها يوم بكاءك , ها أنا أسكبها من عيوني لأن قلبي كان يلملمها حتى لا أغفل عن ألآمك ! فأحس بها كأني قطعة منك ..!
محمد ! محمد ! محمد !
أرى أنك لم تعرفني !؟
أو ربما أنك تجاهلتني !؟
هذا أسمك هل نسيت نبرة صوتي !؟
هي نفس النبرة التي كانت و لا تزال تتسلق جدران حلقي يوم أن أصرخ من الخوف عليك قبل أن يصيبك مكروه أو تقترب من خطر ما !!
إني لأجد ريح محمد !
قلتها و دموع العين لا تنضب , و جرح الفراق غائر في فؤادي المكلوم ! يوم أن وقع بين يدي ثوب لك وجدته مرمياً في غرفتك الباقية لي منك ، و التي أنكأ فيها جرح فراقك كل يوم حتى تجيء بك ذاكرتي .. فتضع صورتك أمامي .. لأعزي بدني ..! بعد فراق قلبي ..! و الذي هو أنت ..!
يا حبيبتي يا أمي ..
هذه الكلمة التي لن أنسها ما حييت , هي أول كلمة خرجت من أعماق قلبك يوم أن أهديت لك هدية نجاحك , تلك الدرجة الزرقاء اللون , هل تذكرها يا محمد ...؟! هل تذكر كم كنت في غاية السعادة و أنا أقف بجانبك أحملك بين يدي و أساعدك لتركبها ..!؟ هاتين اليدين هي نفسها التي قدمت لك باقة الورد يوم زفافك الذي أبعدك و شغلك عني ..!!
و لدي الغالي ..
ما من يوم يمضي إلا و ألهج إلى الله بالدعاء لك , متمنية لك حياة زوجية سعيدة , لكني أتوسل اليك وأرجوك أن تتصل بي يوم أن تزرق بمولود وعليك أن تخبرني عن مدى شعورك تجاهه في تلك اللحظة ..!!
همسة :
و الله ما تمالكت نفسي من البكاء , أتجرع غصص الكلمات في حلقي و كأن حزن هذه الأم طوفان يموج في أحشائي !
إلى كل محروم لم يذق طعم سعادة البر بوالديه و خصوصا ً والدته , ستبكي كما بكيت ! ولكن الفرق بيني و بينك أنني بكيت على قصة من نسج خيالي الذي يشارك وجداني ! بينما أنت ستبكي ندماً و أسفاً على تفريطك ..!!!
أبوشهد!