أخي المتزن : المسائل التي ذكرت كثيرة ولكن سأتناولها على شكل نقاط :
أولاً / أتمنى أن يتقرر عندنا أن الأصل في الأوامر الوجوب ما لم يصرفها صارف ، وأما إذا كانت الصيغة واحدة والعلة واحدة فالحكم يكون واحداً فلا أدري من أين أتيت بهذا ؟
ثانياً / فعل بعض الصحابة في النسك لا يعد صارفاً للإعفاء وفقك الله ، فمن أخذ ما زاد على القبضة فإنه يعد تاركاً للحيته معفياً لها ، وأنت تعلم أن القبضة لمن لا يعلم معناها هو أن تقبض بكفك على لحيتك وما زاد على الكف أي كان تحت الكف فهذه هي القبض وليس المأخوذ الأعلى وإنما هو الأسفل لكي يتبين أن القبضة كثيرة ، وأيضاً بعض الصحابة يعمل بهذا في النسك فقط عملاً بالآية ( ثم ليقضوا تفثهم ) وليس كل الصحابة كان يأخذ من القبضة .
ثالثاً / الإجماع تقول هل هو متحقق في هذه المسألة : أقول لك نعم متحقق ، فاذكر لي عالماً واحداً أفتى بجواز حلق اللحية قبل من نقل الإجماع .
رابعاً / بما أنك ذكرت الشيخ الجديع فأنا كنت أظنك فعلاً تأخذ من الكتاب والسنة بنفسك وتريد الدليل ولكن يبدوا لي أنك تقلد الجديع كما اتضح ذلك ، فإن كنت تأخذ من كلامه فيا ليتك أخبرتنا لنعطيك الكتب والرسائل التي ردت على كتابه هذا وبينت زلاته وتخبيطاته ، وقد حذره أهل العلم من اتباع غير سبيل المؤمنين والتأثر بمنهج العقلانيين الذين هم امتداد للمعتزلة أسأل الله أن يهدينا وإياه ، ويا أخي الفاضل ألا يكفيك أئمة السلف وأصحاب المذاهب الأربعة وتلاميذهم وعلماء الأمة السواد العظيم منهم ألا يكفيك تقريرهم لهذه المسألة وفهمهم للنصوص وفعل الصحابة أم أن الجديع يفهم نصوص الشرع وأفعال الصحابة أكثر منهم جميعاً ؟ !! إنه زمن العجايب .
خامساً / لكي تعلم أن هناك فرقاً بين الحلق وبين أخذ ما زاد على القبضة ، فإنه قد تقررر عندهم أن من له لحية إلى القبضة فإنه معفياً لها ، وأما الحلق فلم يفت أحد منهم بجوازه ومع ذلك أفتوا بجواز أخذ ما زاد على القبضة في النسك ، ولو كان جائزاً عندهم الحلق لكان الحلق أولى من أخذ ما زاد على القبضة لأن الآية ( ثم ليقضوا تفثهم ) لو كان الحلق جائزاً لكن أولى بذلك قياساً على الرأس ، ولكن قد تقرر عندهم أن الحلق مخالفاً للرسول عليه الصلاة والسلام .
سادساً / قولك بأن من يقول بوجوب الإعفاء يلزمه القول بعدم القص منها ، أقول لك الكثير من أهل العلم من السلف ومن سار على دربهم يقولون بوجوب الإعفاء ومع ذلك يقولون بجواز الأخذ مما زاد على القبضة ، فإن كانوا جميعاً لا يفقهون النصوص والمتزن والجديع يفقهون ذلك فهذا هو العجب .
سابعاً / المقدار قد حدد بأنه ما زاد على القبضة ، وأما ما روي عن أبي هريرة مطلقاً فقد بين العلماء ضعف الحديث ، وأما غير ذلك فقد كان معروفاً عندهم الأخذ مما زاد على القبضة ولم يكن معروفاً عندهم الحلق وقد علمت أن الحلق محرم بالإجماع فلا يتصور أبداً أنهم يأخذون دون القبضة والله أعلم أسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وبالله التوفيق .
شكراً لأخي المحب على نقله الجميل .
__________________
قال صلى الله عليه و سلم:(( مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ العلى العظيم ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ )) رواه البخاري .تعارَّ من الليل : أي هبَّ من نومه واستيقظ . النهاية .
|