أخي الكريم / ابو عبدالعزيز
أولاً : بارك الله فيك وفي جهدك الذي أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك .
ثانياً : بالنسبة لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإعفاء اللحية وحف الشارب , فأنا أعلم به .. ولكن الإشكال : هل هذا الأمر يدل على الوجوب أم على الاستحباب .
هذا هو السؤال .
يعني :
نحن متفقون أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بإعفاء اللحية وحف الشارب , لكننا مختلفون في فهمنا لهذا الأمر , هل هو على سبيل الإيجاب أم الاستحباب .
جمهور العلماء يرون أن الأمر هنا للوجوب , والقلة منهم يرون أن الأمر للاستحباب ( وهو الذي أميل إليه تبعاً للدليل لا الهوى ) .
أدلتي على أن إعفاء اللحية سنة مؤكدة وليس واجباً :
1- قال النبي صلى الله عليه وسلم : " خالفوا المشركين أعفوا اللحى وأحفوا الشوارب "
وقال عليه الصلاة والسلام : " إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم "
وجاء عند أحمد : " أعفوا اللحى وجزوا الشوارب وغيروا شيبكم ولا تشبهوا باليهود والنصارى "
وهذا الأمر النبوي شمل الأمر بإعفاء اللحية وجز الشوارب وصبغ الشعر ( أي تغيير الشيب ) وبما أن الأمر واحد وجاء بصيغة واحدة , فإن أي صارف لأي أمر من هذه الأمور الثلاثة , يـُعد صارفاً للجميع عن الوجوب .
فالنبي عليه الصلاة والسلام قد أوتي جوامع الكلم ولا يمكن أن يأمرنا بأمر يعني به الوجوب , ثم يأمرنا بأمر آخر وبنفس الصياغة ويعني به الاستحباب .
وبما أنه ثبت أن بعض كبار الصحابة لم يصبغوا , بل بما أنه ثبت عنه عليه السلام أنه قال : " من شاب شيبة في الاسلام كانت به نوراً يوم القيامة " وبما أن جماهير العلماء لا يرون وجوب صبغ الشعر وتغيير الشيب , فهذا دليل على أن الأمر بإعفاء اللحية وجز الشوارب لم يكن للوجوب كما هو الحال بالنسبة لصبغ الشعر وتغيير الشيب إذ الأمر واحد .
إذن :
مجرد وجود صارف لأحد هذه الأوامر , يعني أن صيغة الأمر أصلاً لا تعني الوجوب وبالتالي يسقط الوجوب عنها جميعاً .
2- ذكر ابن حزم رحمه الله الإجماع على استحباب قص الشارب فقال : " واتفقوا أن قص الشارب وقطع الأظفار وحلق العانة ونتف الإبط حسن "
وبما أن العلماء - وإن لم يـُجمعوا - استحبوا قص الشارب , فهذا الحكم ينسحب على اللحية إذ الأمر واحد .
3- بما أن بعض الصحابة والتابعين كانوا يأخذون من لحاهم ( ما زاد عن القبضة أو ما نقص عنها بلا تحديد ) في النسك وغير النسك , وبما أنهم أعلم وأفهم منا بمعاني اللغة العربية ودلالات الأمر النبوي , فيـُحتج بفهمهم على أن الأمر النبوي لم يكن للوجوب إذ لو كان الأمر للوجوب لما أخذوا من لحاهم شيئاً لا في النسك ولا في غيره .
أما تقييد الإباحة فقط بأخذ ما زاد عن القبضة , فهو أمر غير صحيح لأنه ثبت عن بعضهم أنهم كانوا يأخذون من لحاهم دون تحديد لذلك .. فعلام التقييد فقط بما زاد عن القبضة ؟؟!!
وتقبل تحياتي 00
المتزن
__________________
في المجتمع المريض الاستشهاد بالرجال أولى من الاستشهاد بالأدلة والأفكار !!
|