بما أنك طلبت المشورة , والمشورة أمانة , لذا سأحاول أن أنصح لك قدر المُستطاع والله المُستعان وعليه التكلان :
أولاً : عليك بالاستخارة _ وأظنك تعرفها_ لكن قدمها على كلّ شيءٍ , فإن الله يعلم وأنت لاتعلم وهو سبحانه يقدر وأنت لاتقدر وهو علام الغيوب .
ثانياً : يحسن منك النظر في رغبتك الداخليّة , فهل أنت ممّن يهتم بالراتب على حساب الراحة ؟ أو ممّن يقدم الراحة على المال ؟ وهذا هو الفرق بين القطاع الخاص والحكومي , أمر آخر هل أنت ممّن يستطيع العيش في أيّ منطقة يتم تعيينه فيها ؟ أم أنت ممّن ينفر ولايتأقلم مع أي منطقة أو لايستطيع العمل خارج مدينته ؟ من خلال النقطتين وجوابهما , يتبيّن نوعاً ما الوجهة التي تناسبك , لأفترض أنك لاتهتم بالراتب بل الراحة أهم لديك وأنك تستطيع التأقلم في أي منطقة وجهتك الوظيفة الحكوميّة إليها ...
عليه سأسرد لك الفرق بين القطاعين الذين تعمل به والذي ستترشح له :
القطاع الخاص : وضعك فيه مريح في قربه , راتبه أو دخلك جيد , بيد أنك نفسياً تصارع فكرةً يتداولها النّاس وهي عدم الآمان الوظيفي , فالسلطة المراقبية شديدة , والعمل مرهق , والترقية عسيرة , ومقابلة الجمهور تولد ضغطاً نفسياً أكثر , أنت بين حالتين إما المعاملة الحسنة والهدوء والتسامح غير أن بعض الجمهور المراجعين يفهم هذه الطريقة بأنها ضعف وأن هذا الموظف يمكن أن يُحتال عن طريقه وتمرير مالايسمح به النظام البنكي , مما قد يؤدي إلى الغضب منك أو الشدة في التعامل وهو ماينفرك وينفر بعض المراجعين , إضافة إلى سلطة المدير التي قد تستغل بشكل سيء , وهو مايشعر الموظف في البنك أنه تحت رحمة هذا المدير المسيطر , ولو كان المدير رحيماً فإن الدنيا لاتدوم والتقلب الوظيفي يجعلك تحت مدير قاسي وهكذا , فهذا العمل وإن كان له مايميزه إلا أن فيه ماينغصه ويفسد حسناته ..
القطاع الحكومي : الوضع قبل التعيين مخيف , الوجهه غير معلومة , الراتب أقل من القطاع الخاص , المنطقة التي لو وجهت إليها لاتدري هل سترتاح فيها ؟ هل ستخالط أهلها ؟ هل ستجد السكن المريح ؟ والجار الحسن ؟ إن كنت أعزباً هل تجد الزملاء الذين ترتاح إليهم ؟ وإن كنت متزوجاً هل ستجد مايناسبك وزوجك ؟ كلها أسئلة ستمر بخاطرك , لكن في المقابل حتى لو تم التعيين في أي بلد فإن الاستقراري الوظيفي متحقق_ بعد الله_ في أنك تعمل لدى قطاع عام حكومي سلطة المدير محدودة , حتى فرصة الانتقال مستقبلاً ممكنة , الترقية إن كانت وظيفة, أو تحسن المستوى إن كان تدريس مع تقدم الخبرة , التغيير من وزراة لأخرى بحسب الفراغ الوظيفي . أو من مدرسة لأخرى أو من مرحلة لأخرى كلها تجدد الروح الحياتيّة , يزداد الدخل كلما تقدمت بالعمل , هذا العمل وإن كان فيه ماينغصه إلا أن مميزاته وحسناته قد تسلي نوعاً ما ...
بعد هذا كله : انتظر حتى يخرج مكان تعيينك وعلى ضوئه قرر قرارك الأخير وفق المعطيات السابقة
بعد ذلك اختر وكن ذا عزيمةٍ وأقدم فإن فساد الرأي أن تترددا ..
أخوك المُحب لك : رجل الثلج .