عـضـو
تاريخ التسجيل: Sep 2006
البلد: بريدة
المشاركات: 73
|
الأخ الكريم , والعضو المفضال , أسعد الله أيامك , وجعلها عامرة بنور طاعته , ووقاك العثرة , ويسر لك طريق التأميل في عبادته والاصطبار عليها . . .
أيها الأحبة الأعضاء , وقانا الله وإياكم من الخطل والزلل , وجعلنا عباده المنافحين عن تشريعه , ومحكم تنـزيله , ومدافعين عن هدي نبيه , ورجال سنته , إنه القادر على ذلك دون سواه , ثم أما بعدُ :
عزيزٌ عليَّ وأيم الله أن أعلن فراقًا لم أكن أرتـئيه مذ عرفت هذا الصرح , وإنما كان وليد اللحظة ؛ ذلك لأن بعض الأعضاء يروم النقد للذوات , مبعدًا النقد في صلب الموضوع وأصله , وإني لأعجب من مشرف يقول حين طلبت منه حذف أحد الموضوعات : ليس فيه لمز أو همز , وكأنه لم يقف على مقولة : وأنا أحمد الله على نعمة العقل . ومن قبلها : بالواو المضعفة ......
لو كان أولئك الأعضاء يملكون فهمًا دقيقًا للنقد لوقفوا على موضوعاتي بما هو آت :
موضوع العلمانية : عنيت به علمي الدين والسياسة , وارجعوا إلى المقال , فلن تجدوا مدخلاً عليَّ لكم فيه , وإنما هو شد للذهن , وكشف لتلك العلمانية التي أعنيها , وقد تحرزت من هذا حين ذكرت في المقطع الأول من أن ينظر القارئ لما جاء فيه , وأراه يعجل فيعجل عليه خطؤه بما لا يريد من حيث لا يدري .
لقد فهموا العلمانية بأنها التي اتخذها دعاة اليوم منهاجًا , وما جاء في قولي من هذا شيء البتة لو تأملوا , وإني لحويط لديني قبلكم , ولست ممن يداجي في الدين أو يتخذه هزوًا حاشا لله وكلا .
من هنا , وهنا فقط ؛ فهم كثير من الأعضاء الموضوع مقلوبًا , وصاروا يبارزون العداء للكاتب دون المكتوب , وتطوع من مر مرور الكرام بأن يثني على المبارزين من غير أن يقف على صلب الموضوع وذاته , فكان أن جاءوا بعجل له خوار , واعذروني لهذا الوصف .
موضوع ( المنافقون في راحة ) فيه عظة وعبرة , وفيه تدافع للناس , ( ولولا دفع الله الناس . . . الآية ) , وفيه تحذير من الانجراف وراء اللذاذات , وفيه أن الضعف المستشري في أهل الإسلام ناجم عن ذلك النفاق الاجتماعي , فترون أحدهم يقول : ما يضر لو كان الكذب عندي مراوحة , وإخلاف الوعد نزوة عابرة لا ألبث أن أرتد عنها , والخيانة مرة كل سنة , ليكون ممن يسوف , وممن يجهل على نفسه من حيث لا يعلم , وما كان النفاق سبيل النفس المؤمنة قط , سواء إن علا أو إن سفل , فالنفاق نفاق , وحسبنا التحذير من لدن النبي _ عليه الصلاة والسلام _ , لقد كان المقال بلسان من يختلق الحجج لنفاقه لو أدركتم .
موضوع ( الإسلام ثقيل على النفس ) نعم ؛ هو ذاك , ولكن بعضكم لم يُعمل الفكر في الآية التي جئت بها مستشهدًا بها ( إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ) . فها هو الإسلام , ثقيل منذ بدء الوحي , والثقل في القول , يكون ثقله أضعافًا مضاعفة في حوض التطبيق , فلا يصح هنا قولهم : ما أسهل الكلام وما أصعب العمل , فما بالنا حين يكون القول ثقيلاً دون الخفيف , وصعبًا دون السهل ؟ وما بالنا حين نؤمر بتطبيق هذا القول الثقيل ؟ دونكم صلاة الفجر , كم من متخلف عنها مؤثرًا فراشه , وكم من تاجر لوى عنقه عن دفع زكاته , وكم من شاب أطاع امرأة حسناء أن قالت له هيت لك , بل نجد بعض شباننا يذهب إليها وينقد لها مما في جيبه لتقول له : هيت لك . . .
موضوع الشهرة , يجب أن يعلم القارئ أن العصمة لمن عصمه الله وحسب , ثم عليه أن ينظر في زمن الشيخ , هل كان ما ينادي به مشتملاً على قلوب الناس أو بعضهم حتى نقول إنه يبحث عن الشهرة لكي يكسب الناس ؟ وهل كان للشيخ نصيب من القدح فيه حين يرى الرأي الذي يفرضه واقعه ؟ وهل كان انتظاره للسجن وتمنيه له وفرحه به يعد من باب الشهرة أم لا ؟ أريد من الأعضاء أن يبحثوا في هذا , حتى اليوم لم أجد إلا نقدًا في الكاتب دون المكتوب , يجب أن نرد من منطلق علمي , وألا نكتفي بسؤال الكاتب عما كتبه , بل يجب أن نبحث عن مداخل تفند رأيه , ولست أجد أشد ثقلاً من ذلك المداخل الكريم حين يسأل سؤالاً كان الأحرى به أن يبحث عنه هو , وألا يطلب من صاحب الموضوع أن يوقع نفسه حين يجيب عنه إن كان كاذبًا مداجيًا , هنا نتعلم الرد المفحم , ونورد الحجة خلف الحجة , حتى يفند الكاتب , أو أن ينـزل عند تلك التفنيدات بالقبول , فيعترف بالخطأ إن سلم من الهوى المضل وما أقلهم .
موضوع الغرور , ليست العصمة لأحد دون من عصمهم الله , وما كان الغرور متعذرًا في نفس غير معصومة , فكم وجدنا ممن قال بذلك , فرأينا غرورًا يستشف من بين ثنايا كليماته , وما يضيرنا إن اغتر من يفيدنا , حسبنا علمه , ولو كان الغرور دافعًا له ولو لم يكن عنده لجلبناه له ولو كان في أقطار السماوات وأجوازها , حسبنا ما ينفعنا من علمه , وما يضيرنا غروره شيئًا بقدر ما ننتفع به منه , كم من عالم غره علمه فألحد وكفر , وكم من عالم استهوته مقدرته العلمية فلبَّس على الناس , مصطفى محمود أنموذجًا قبل توبته وغيره , إن المؤلفين لهم وضع خاص لو علمتم , كان عصر ابن القيم عصر تنافس على العلم وتسابق في التصنيف , وكم من حانق عليه , وكم من مغرض له , أفلا يكون ذلك الغرور من باب غيض الأعداء وأنه أعلم منهم وأكثر فهمًا ؟ ولو لم يكن في سفر لجاء بما صعقهم ورد كيدهم في نحورهم أكثر مما فعل بهم ؟ لن يجزم أحد بشيء طالما الدليل بيد التحليل المستشف , وما جزمت بشيء في المقال , وإنما رأي ولو جئت بالمؤكدات , أفرأيتم مريضًا يموت بتقرير طبي سنة من عند الله ؟ ثم نجد من يقول : الطبيب هو السبب في موت المريض , هذا القول رأي له ولو جزم , ولعل بعض القراء يريد أن يورد مقولة : في رأيي ... , كل مرة , فيكون المقال نصفه تلك المقولة .
أيها الكرام , من يعجزه الحوار الهادف في ذات الموضوع دون السخرية فحي هلا , ومن أمرته نفسه وهي أمارة بالسوء فلا يعرج ولا يستنكر , وإنما يتربص ريب الحجج المفحمة إن كان كارهًا للمقال من حيث التبس عليه , وإما أن يقف عند حد المشاهدة , حتى إذا وقعت عينه على ما يحسن فيه الرد فيرد , وإلا ما جعل الله لرجل من أن يكلف نفسه فوق طاقتها .
على الراد أن يعتاد قبول الرأي الآخر , ليس للتسليم به , وإنما لمقارعة الحجة بالحجة , فما تغني الصيحات والاستنكارات شيئًا أمام موضوع قد يكون في قلب أحد القراء زمنًا , فلا نلبث كثيرًا حتى نراه يستقر في نفسه ماثلاً كما الحقيقة , وهو أبعد عن ذلك لو وجدت لها قلم ناقد يعتد بالحجة دون السخرية .
لن أعدل عما عزمت عليه بنية صافية حين ارتأيت المفارقة ؛ إلا أن يحذف ما طلبت حذفه أولاً , فلا فائدة منه طالما أنه لا يخدم بحثًا , ولا يؤطر فكرة , وأن يرد المداخل بعد أن يقرأ جيدًا لما يراه من مقالاتي ثانيًا , وأيم الله ؛ لإن يكون مقالي في عداد الصفحات الذاهبة لخير عندي مما رجوته منها , ولمداخلة أحد الأعضاء بما يندُّ عن فهم مؤصل لأرحب عندي ممن يسدي الشكر بلا تبيان لذاك المشكور عليه .
أحبتي الأعضاء .
دعونا نناقش بأدب مفعم بروح الوصول إلى الحق , وألا يكون طلب الانتصار مطلبنا لذات النصر , كان بودي أن يهرع أحدكم إلى مكتبته فيقرأ عن الموضوع ما شاء له أن يقرأ , فيأتي بحجة تنم عن قراءة عميقة , وأن يدع ما نوهت عنه في ذات الاختصاص , فرب قارئ منجرف لما أخطأ من سبقه في الرد فتبعه قُبلاً .
أخي المسحراتي .
أشكر لك جهدك , والله أسأل التوفيق من لدنه لنا ولك . . .
__________________
شكرًا لكم , وسعيد بالحوار الهادف معكم . . .
|