( 3 )
الخـطـوة الأولـى
أبـو بـكــر يتحدث :
بـدأت فـصــول قـصـتــي هـنــاكـ . . فـي قـريــة مـن قــرى " السنغــال " . .
عندمـا تـخــرجــت من المـرحـلــة المتـوسطــة خطـرت ببالــي فكـرة الحج . .
في الحقيقـة . .
لـم يـكــن تنفيــذ الفكــرة ممكنــاً ، لكنني كنـت واثقــاً من أنني سأنجـح ، ومصمماً في الـوقــت ذاتــه عـلـى
تـحقـيـق هـذا الـهــدف .
فـاتحـت بـهذا الموضـوع " موسـى " . .
ومـوسـى هـذا . . هو ابن خالتي . . وصـديقــي . . وأقـرب النــاس إلي . .
انـدهـش . . ورفــض قـبـول الفكــرة فـي البــدايــة . . إلا أنني كنــت مصرّاً ، وحـاولـت إقنــاعـه بشتّى السبــل
حتى اقتنــع .
لـم تـكــن مسألة إقــنـــاعــه أمــراً صـعـبـاً . .
لكنـهــا كـانـت الأهـمّ . .
هــذه ونجحت فيهـا . .
لكن . . بقي شيء صعــب . .
كيـف سأقنــع والداي ؟ ؟
وكذلكـ الأمر بالنسبــة لموسـى . .
عندمــا فاتحــت أهـلــي بالموضــوع ، رفـض والدي ، لكنني لم أكـن لأيئس بسهــولة ،
أصــررت على موقفــي كثيراً ، وأوضحـت للجميع أني حــازم في أمري .
كــان والداي يحـولان ثنيي عن هـذه الفكــرة . . وكـان والدي يقــول :
- يـا بني . . لا أنـا . . ولا جـدكـ . . ولا حتى جدي أنــا ممن سبق لهم أداء الحج . . لم يحج منا أحد ! !
كيف ستحج أنت يا بني وأنــت بـهــذا السن ؟
ثم إن الحج يا بني إنما يجب على من استطــاع إليه سبيلاً ، ونحن لسنا بمستطيعين .
لـم أقتنــع بمـا قــال ، كنـت مصمماً على ما عزمـت عليه ، قلت له :
- يـا والدي . . الصلاة ونؤديهــا ، والزكــاة لم تجـب علينــا ، والصيــام ونصــوم ، بقـي ركـن واحـد . .
واحــد فقط . . إنــه حلم ولا بد أن يتحقق ، وأنـا عازم على تحقيقه .
لم تفلح محــولات أبي بإقناعــي ، لذا . .قام من مكــانه ، ودخــل غرفتــه ، وخــرج وهــو يحمـل بيده
كيســاً صغيــراً ، وعينــاه تحملان الكثيــر من المعــاني ، مده إلي وقــال :
- خــذ هـذا المال ، هــذا مــا أستطيــع أن أقــدمـــه لـكـ في رحلتكـ العظيمة هذه ، فليوفقكـ الله .
لقد . . لقــد وافـق . .
نعـم وافق . .
الحمد لله . . إذاً . . لم يبق إلا أن أبــدأ المسير . .
وموسى . . ؟
نعــم أيضاً موســى . . لقــد نجــح فـي إقنـــاع أهـلــه ، وسيرافقني في رحلتي . .
أيــام معـدودة . . حزمنــا فيها أمتعتنــا المتواضعــة ، وودعنــا أهلنــا . .
وبدأنــــا المسير . .
لا . .
لم نتجــه شرقــاً . .
بل انحدرنــا ناحيــة الجنــوب الشــرقي ، نحــو " غينيـا " .
ووصلنا إلى عاصمتهــا " كوناكري "
وهنــاكـ . . في " غينيا " . .
حصـــل ما لم يكن في الحسبـــان . .
.
.
لقـــد . .
نــفـــدت الــنــفـــقـــة . . ! !
.
.
.
.
* * * * *