دائماً في مثلِ هذه المواضيع أوالملفات أحاول أن أضع صورة مكبرة للمشكلة أو الأزمة وأضع مرابعاتٍ وأنطلق منها لفهم الواقع أو المشكلة كي تتضح لي الصورة كاملة , ومن خلال تكوين مربعاتٍ لعدد من المنطلقات المختلفة أجد أن جذور المشكلة أو أصولها متقاربة بل تكاد تكون صورة كربونيّة لبعضها البعض ...
مسألة وضع الصورة للمنشد على أغلفة الأشرطة انتشرت في الألبومات الخليجيّة وستنسحب _ ربما _ على الأشرطة المحليّة , ولن استخدم الحتميّة في الفرضيّة لأن يبقى احتمال قد يصدق وقد لايصدق , غير ان المتابع بدقةٍ لمايحدث في الساحة يجد أن مايسمى بـ(الإمتثاليّة ) تتكرر في كلّ مستجدٍ وطاريء من دائرة التشنيع إلى الإنكار ثمّ لإلى القبول بل والأدهى _ وهذه جريمة لديّ _ للسخريّة ممّن تشبث برأيه السابق ووصفه بالمتخلف أو الماضوي ...
حين التدقيق في تطور النشيد الخليجي في التسعينات , وبقاء النشيد المحلي على طريقةٍ واحدةٍ محافظاً عليها أكسبه ( كاريزما ) خاصة , بيد أن ريح ( العولمة ) التي نقلته من حيز الكاسيت إلى الفيديو الـ(vhc) إلى عالم ( dvd ) والقنوات الفضائيّة جعل هذه الـ( كاريزما ) تتخلى عن بريقها طوعاً لا اختياراً ,فأصبح التبادل العولمي يأخذ شكلاً آخر من خلال المهرجانات والاحتكاك الروحي والجسدي جنياً إلى جنب على خشبةِ المسرح , فالأكثر _ كما يقول المفكرون _ ( فاعليّة وتاثير ) سيكون متبوعاً لاتابعاً , والضعيف تقنياً وتأصيلياً فنياً سيقلد القوي كما يعبر ابن خلدون في أن ( الضعيف يقلد القوي ) ..
من خلال نظرة العارفين بهذا الفن يجدون بوناً شاسعاً بين الخليجي والمحلي , وأن المحلي ينتقل كما يقول أخي (لويس بينيرو) من اجتهادٍ لآخر ...إن الإعلام العولمي لن يرحم أحداً , وأن بقاء النظرة المحليّة على كاسيتاتٍ هي نظرة قاصرةٌ في ظل الانفتاح العولمي الكبير الذي من خلاله انتقل المنشدون إلى منافسةٍ شرسةٍ مع المغنين بعد أن كانت منافسة بين تيار النشيد المحلي والنشيد الخليجي ...فشبهة فتنة النساء بالرجال قد تكون _ في نطاق ضيق _ كون المرأة بدأت تنظر للمنشد عبر البلوتوث والقناة والسيدي وغيرها ...
إن هذا الذي يحصل استطيع ان أضعه تحت مربع الصراع بين ( التقليديين أو الكلاسيكيين ) و( التجديديين ) ولو امعنت النظر في هذا الصراع الفكري لوجدت غالب القضايا تدور حول تيارين وخذ مثلاً الموقف من الشيعة الرافضة أو التصوير أو غيرها ...
ممّا يدعو للعجب ,أن المرء يهاجم بضراوةٍ حين يخالف من لايعجبه شيئاً ألفه , وحين يقوم من يحبه ويعجب به بنفس الدور فإنه يلتمس له العذر في ذلك بل يتطاول على كل من لايوافق هوى من يأخذ برأيه , ولقد رأيتُ بأم عيني من يضع دعايةً في الجريدة لمحاضرةٍ لفئةٍ من العلماء وعليها صورهم باعتبارها وسيلة جديدة للدعاية وجذب المستمعين دون أن نرى الإنكار أو الهجوم على مثل هذا العمل التجديدي إلا من فئامٍ استقل بعقله خارج دائرة الأطر المؤدلجة التي تجعله يقبل ولايقبل ويخالف ويوافق دون تحزبٍ أو شليلةٍ لفئةٍ على أخرى ...
قلتها سابقاً في مداخلةٍ على موضوعٍ كهذا , إن وضع ضابطٍ فاصل يحسم المسألة , ويخفف حدةالصراع ويدعنا نعمل وفق يخدم بعضنا بعضاًفمااتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنافيه ,و ينقلنا من دائرة الإنكار والتشدد في المسألة إلى خانة الرضا بالواقع والتسليم بهِ رغماً عنّا ...
أشبه الغناء والإنشاد بالكرة , فكما أن الكرة لها أصول وقوانين وضعها مخترعوها , ونقلناها بحذافيرها غير أننا حذفنا منها مايخل بالشريعة ومارسناها لأن ضوابطها اتضح لنا , فاتفاقهما في الاصل لم يمنع التغاير وعدم التماهي , وجعلنا نؤسس لرياضةٍ شبابيّة محافظة عبر الأنديّة الصيفيّة والمراكز والأنشطة اللاصفيّة , فكذلك الإنشاد والغناء كلاهما مصدر واحد غير ان النشيد لابد ان توضع له ضوابط تفرقه عن الغناء , ولايعني استخدام وسيلة يستخدمها المغنون أنها محرمة لاننا لوقلنا بذلك لحرمنا بعض قوانين الكرة ...
على أني رغم ذلك أرى أن يقوم المنشدون_ الذين يرغبون بوضع صورهم على الاغلفة_ باستشارة جملةٍ من أهل العلم والدرايّة , كي تكون المسألة لها مرجعيّةٌ معتبرةٌ ..
قد أكثرت ( الهذرلوجيا ) فمعذرة ايّه المُحب !