بارك الله فيك ونفع بك ، موضوع جدير بالاطلاع والمتابعة
لكنك لمزت الحنابلة مع أنهم يرون جواز البول قائماً على المشهور من المذهب ، وانظر الإنصاف ومنار السبيل والفروع ، فقد قال صاحب الفروع : ( ولا يكره البول قائماً وفاقاً لمالك ) .
وأما مذهب الحنفية والشافعية أنه يكره البول قائماً من غير عذر ، كما في حاشية ابن عابدين والمجموع وهو رواية عن الإمام أحمد ، ولكن المشهور من المذهب الحنبلي الجواز ، فلماذا وصفتهم بالتنطع ؟ وعلى العموم المسألة خلافية ولا يشنع فيها ، وعلى حسب علمي فليس هناك قول مشهور بتحريم البول قائماً ؛ وإنما مذهب مالك وأحمد الجواز ، ومذهب أبو حنيفة والشافعي الكراهة فقط وقد قيدها بعضهم بلا عذر ، واستدل من قال بالكراهة بقول عائشة رضي الله عنها ( من حدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقه ، ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً منذ أنزل عليه القرآن ) رواه أحمد والترمذي وهو ثابت عن عائشة كما ذكر أهل العلم ، فاستدلوا بأن قول عائشة ناسخ لحديث حذيفة الذي ذكرته وفقك الله ، ولكن قال ابن حجر في الفتح : ( الصواب أنه غير منسوخ والجواب عن حديث عائشة أنه مستند إلى علمها ، فيحمل على ما وقع منه في البيوت ، وأما في غير البيوت فلم تطلع هي عليه ، وقد حفظه حذيفة .. ) وكذلك استدلوا ببعض الأحاديث الوارد في النهي عن البول قائماً لكن هذه الأحاديث ضعيفة كما ذكر بعض أهل العلم منهم الشيخ العلوان وانظر إلى نص كلامه عن هذه المسألة فكلامه نفيس جداً فدونك هو :
فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله تعالى هل يجوز شرعاً البول قائماً ؟ فقد حصل في هذه المسألة نزاع بين قوم مجتمعين فقال بعضهم بالجواز وقال آخرون بالمنع وقد وافق الجميع على رفع هذا السؤال لفضيلتكم لمعرفة الصواب في ذلك .
بسم الله الرحمن الرحيم
أصح الأقوال في هذه المسألة جواز البول قياماً من غير كراهة .
قال حذيفة رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم سُباطة قوم فبال قائماً ، ثم دعا بماء فجئته بماء فتوضأ )) . رواه البخاري ( 224 ) من طريق شعبة عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة ورواه مسلم ( 273 ) من طريق أبي خيثمة عن الأعمش وترجم له البخاري ( باب البول قائماً وقاعداً ) .
وهذا شأن العرب الأول كانوا يبولون قياماً وأقرَّ ذلك الإسلام فبال النبي صلى الله عليه وسلم قائماً لبيان الجواز وترخص في ذلك جماعة من أصحابه وابن سيرين وعروة بن الزبير من التابعين .
وقد اعتذر بعض أهل العلم عن العمل بحديث حذيفة بأنه منسوخ وهذا غلط .
وقالت طائفة إنما بال قائماً لجرح كان في مأبضه وفي ذلك حديث ولا يصح .
وقالت طائفة أخرى إنما بال قائماً لأنه لم يجد مكاناً للقعود .
وقد قالت عائشة رضي الله عنها (( من حّدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائماً فلا تصدّقوه ما كان يبول إلا قاعداً )) . رواه الترمذي ( 12 ) من طريق شريك عن المقَْدام بن شُريح عن أبيه عن عائشة وفيه شريك سيئ الحفظ وقد تابعه سفيان رواه أحمد وغيره .
وليس في الخبر دلالة على كراهية البول قائماً فإن عائشة تخبر عن علمها وقد حفظ غيرها ما خفي عليها .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه [ رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائماً فقال يا عمر لا تبل قائماً فما بلت قائماً بعد هذا )) . وهذا متفق على ضعفه ولا يصح في النهي عن البول قائماً حديث مرفوع .
والصحيح جواز ذلك فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وعمل به جماعة من أصحابه غير أن البول قعوداً أفضل لأنه الأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والأسلم من رشاش البول . والله أعلم .
كتبه
سليمان بن ناصر العلوان snallwan@hotmail.ocm
هذا ما أردت المشاركة فيه ، وأكرر الشكر لك أخي مقارف على الموضوع الرائع