[قاضي المظالم]

إخوتي الإعزّاء .. خرمان توت .. موضوعك جميل .. وطرحك أجمل ..

أخي الشَّكيم ..

المُشكلة (أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة) تعود بالدَّور كما عند المنطقيّين .. فهذه من الأمور الأشبه بالفطرة .. أو القيَم المجتمعيَّة السَّائدة على اختلافِ العصورِ ..

فأنا لديَّ رآي آخر .. حسب ما اكتشفت أثناء التَّعامل مع الكبار ممَّن سبقونا في الحياةِ العمليَّةِ ووصلوا إلى أعلى المناصبِ .. وتسنَّموا أشرفَ المراتبِ ..

فهذه الحقيقة لا تختصّ بزمنِنا نحن .. (جيل النّيدو) أو (جيل الشغّالات) .. فكما أنّنا نُرمى بـ(النيدو) أو (الهمبرجر) كما يقولون .. فهم رُموا قبلَنا بـ( جيل القرصان ) .. و( جيل الفورد -السيارات القديمة موديل 1950م) .. وكذلك هم ( جيل قرص عقيل ) .. كما كان يرميهم ويَصِمهم بذلك من سبقَهم من الشّيبان .. الذين كانوا يتنقّصونهم ويرمونهم بما يرمينا به اليومَ أجدادُنا ..

فها هي تعودُ بالتّسلسلِ .. وكلٌّ يحمِّلُ من يليه النَّقيصةَ وأسبابَ التخلُّفِ ..

وهذا عند التَّحقيقِ والنَّظرِ الصّحيحِ .. ليس بصحيح .. بل هو ظلمٌ وجورٌ ..

لماذا ؟ أنا أقول لماذا ،،،

لأنَّ لغةَ التَّعميمِ هكذا باطلةٌ جائرةٌ ..

فكما تعلمون .. تعميمُ الأحكامِ والأوصافِ لغةُ الجهَّالِ ..!!

وإن كنَّا نعلمُ علمَ اليقينِ أنَّ جيلَ الصحابةِ أفضل ممَّن جاء بعدهم .. وجيلُ التَّابعين الذين عاصروا الصحابةَ أفضل من جيل تابعيهم .. وجيلُ القرونِ الثلاثةِ المفضَّلةِ أفضل ممَّن جاء بعدُ .. وهكذا ..

إلاَّ أنَّ هذا لا يعني ألا يكون ممَّن جاء بعدُ أفضل ممَّن كان قبلُ .. فالخيريَّة ليست في جميعِ الأعيانِ .. إذ سبَقَ في القرونِ المفضَّلةِ .. الزّاني .. والسَّارقُ .. وشاربُ الخمرِ .. والمُبدعُ في عملِهِ .. والمقصِّرُ كذلك .. وكذلك في القرونِ والأزمانِ المتأخِّرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ فيهم أصحابه .. الذين يؤمنون به وهم لم يروه .. وفيهم المُبدعُ المُنتجُ .. كما فيهم العكس ..

وهكذا .. إلاَّ أنَّ الأكثرَ والأغلبَ أنَّ الزَّمانَ الذي يأتي بعدُ أشرّ من الذي سبقَه .. يقول صلى الله عليه وسلم : ( لا يأتي على النَّاسِ زمانٌ إلا والذي بعدهُ شرٌّ منه ) .. والمقصودُ هو بالنِّسبةِ للفتنِ والشّرورِ والأحداثِ التي تحصل .. وأشراطُ الساعةِ التي تظهر .. كما يظهرُ من سياقِ الحديثِ وقصَّتِهِ ..

ولا ينسحبُ على الحكمِ على أهلِ الزمانِ المتأخِّرِ بأنهم أشرُّ من أهلِ الزمانِ الذي سبقَهم كما يُفسِّرُهُ بعضُ مَن يجهلُ .. كشيبانِ زمانِنا .. الذين يقولون .. زمانُنا أفضلُ من زمانِكم ..


إلاَّ أنني اكتشفتُ كما سبق من خلالِ تعاملي مع الكبارِ في مجالات العمل .. أنَّ الشبابَ أفضل من الكبارِ (الشيبان) من جهاتٍ كثيرةٍ .. دونَ أن أنسى فضلَ الكبارِ وخبراتَهم في مجالِهِم .. فأذكُرُ أنَّ رئيسَنا المباشر الذي نتعامل معه كان (معالي الشيخ) بمرتبةِ وزير .. واجتمعنا معه لنتناقشَ عن السُّبلِ التي سنُديرُ بها المرفقَ الذي نعمل فيه .. وعن دورِهِ في هذا المرفقِ .. وكنا نعرضُ عليه بعضَ الأفكارِ حولَ الاختصاصاتِ التي يجب أن ينظرُها وبعض الاختصاصاتِ التي لا ينبغي أن تُعرض عليه لأنَّه أكبر من ذلك .. وتعطِّله كثيراً فيما لو عُرضت على غيرِهِ لكان احسن .. فاستحسَنَ الفكرةَ .. فعرضنا عليه التّواصل بالشَّبكةِ بين الأعضاءِ والمُستشارين .. فأكبرَها أيضاً ..

انظر كيف أصبَحَ صاحبُ الخبرةِ والمعرفةِ القديمةِ يتعجَّب من اقتراحات وأفكار نحن جيل الشّبابِ نعتبرُها من أبسطِ الأمورِ ..

فنحنُ خلقنا لزمانٍ غير زمانِهِم ..

فنحنُ خلقنا لزمانٍ غير زمانِهِم ..

وانظروا إلى معرفةِ الأصغرِ منَّا ببعضِ الأمورِ التي نجهلها .. على سبيلِ المثالِ .. البلاي ستيشن .. !!

وسأواصل ..