أبو محجن الثقفي رجل من المسلمين بل ومن الصحابة ، وكان قد ابتلي بشرب
الخمر ..وطالما عوقب عليها
ويعود ..ويعاقب ويعود ..بل من شدة تعلقه بالخمر يوصي ابنه فيقول:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة ** تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولاتدفنني في الفلاة فإننـــــي ** أخاف إذا ما مت أن لا أذوقـــــــــها
فلما تداعى المسلمون للجهاد ولقتال الفرس في معركة القادسية خرج معهم أبو
محجن..وحمل زاده ومتاعه ..ولم ينس أن يحمل خمراً..دسها بين متاعه ..فلما وصلوا القادسية ..طلب رستم مقابلة سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين..
وبدأت المراسلات بين الجيشين..عندها وسوس الشيطان لأبي محجن فاختبأ في مكان بعيد
وشرب الخمر..فلما علم به سعد غضب عليه وحرمه من دخول القتال..وأمر أن يقيد بالسلا سل ويغلق عليه في خيمة.
فلما ابتدأ القتال وسمع أبو محجن صهيل الخيول ..وصيحات الأبطال ..لم يطق أن يصبر
على القيد ..واشتاق للشهادة..بل اشتاق الى خدمة هذا الدين..وبذل روحه لله ..وإن كان عاصيا..وإن كان مدمن خمر..إلا أنه مسلم يحب الله ورسوله.
وأخذ يترنم قائلا:
كفى حزنا أن تدخل الخيل بالقنى ** وأترك مشدوداً علي وثاقــــــــيا
إذا قمت عناني الحديد وغلقـــــــت ** مصاريع من دوني تصم المناديا
وقد كنت ذا مال كثير وإخــــــــــوة ** وقد تركوني مفردا لاأخى ليا
فلله عهد لاأحيف بعهـــــــــــــــــــــده ** لإن فرجت ألاأزور الحوانيا
ثم أخذ ينادي بأعلى صوته..!!
فأجابته إمرأة سعد ماذا تريد؟
فقال: فكي القيد من رجلي وأعطيني البلقاء فرس سعد، فأقاتل فإن رزقني الله الشهادة فهو
ماأريد وإن بقيت
فلك علي عهدالله وميثاقه أن أرجع حتى تضعي القيد في رجلي، وأخذ يرجوها ويناشدها
حتى فكت القيد
وأعطته البلقاء ، فلبس درعه وغطى وجهه بالمغفر ، ثم قفز كالأسد على ظهر
الفرس ..وألقى بنفسه بين يدي الكفار ..
علق نفسه بالآخرة ولم يفلح إبليس في تثبيطه عن خدمة هذا الدين.
وحمل على القوم برقابهم بين الصفين برمحه وسلاحه، وتعجب الناس منه وهم لايعرفونه
ولم يروه بالنهار.. ومضى أبو محجن يقاتل ويبذل روحه رخيصة في ذات الله عز وجل .. نعم مضى أبو محجن ..
أما سعد بن أبي وقاص فقد كانت به قروح في فخذيه فلم ينزل ساحة القتال .. لكنه كان
يرقب القتال من بعيد ..
فلما رأى أبا محجن عجب من قوة قتاله ، وقال الضرب ضرب أبي محجن والكرُّ كر البلقاء
وأبو محجن في القيد
،والبلقاء في الحبس ..!! فلما انتهى القتال عاد أبو محجن الى سجنه ووضع رجله في
القيد ، ونزل سعد فوجد فرسه يعرق فقال : ما هذا ؟
فذكروا له قصة أبي محجن فرضي عنه وأطلقه وقال : والله لا جلدتك في الخمر أبدا ،فقال
أبو محجن : وأنا والله
لا شربت الخمر أبدا
|