وحديقة الحيوان المفتوحة هي عبارة عن أرض حشائشية كبيرة يسير فيها الزائر بسيارته في طرق ترابية متعرجة وفي الطريق يمر الزائر على الحيوانات وهي تسير بهدوء قرب مساكنها أو وهي تمشي على شكل قطيع بحثا عن الأكل00 تماما كما تشاهد ذلك في عرض وثائقي لعملية الإفتراس00 الزرافات00 النعام00 الثور البري00 الحمار الوحشي00 كما رأيت اللبوة بأم عيني مابيني وبينها إلا بضعة أمتار لايفصلني عنها إلا زجاج السيارة!!
ولقد زاد إلحاحنا على السائق أن يحرف السيارة قليلا ويتوجه إليها وهي رابضة قرب شجرة متشابكة الأغصان00 فاستجاب 00ولما اقتربنا منها أكثر00 قامت بهدوء ودخلت في وسط الشجرة00 وهي تنظر إلينا من بين الأغصان00
وفي ذلك اليوم أكلت لحم الغزال في مطعم تبدو عليه سيماء الفخامة00 ويبدوا لي أنه لايمكن لأحد أن يحكم في طعم الشيء لأول مرة00 لقدضللت أضع اللحم منه في فمي فأمضغه عدة مرات وأنا أتبين الطعم مرة بعد مرة حتى تختفي اللقمة كلها ولم أخرج بنتيجة!! حتى شبعت!!
غير أنه يجب علينا أن لانصادر أحكام الناس فيما يتعلق بالأذواق00 وهو كلام كثيرا ما كنت أردده على بعض الأصحاب00 فلا ألزمك بأن هذا الطعم أفضل من ذلك ولا تلزمني أنت أيضا بذلك00 وليقس مالم يقل من الملابس وطرق النوم والأصوات والمساكن والمراكب00
ولكنني بعد هذا كله أقول00 في أفريقيا الخضراء أكلت من لحم الغزال أكثر من مرة00 وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله00
وفي نيروبي أيضا زرنا متحفا كبيرا تظهر فيه آثار تكوّن هذه الدولة حيث ترى آثارا هندية وعمانية وبريطانية وفي جانب من هذا المتحف أيضا أقفاص تحوي ثعابين أفريقيا بأنواعها00
ومن كينيا سنرحل جهة الجنوب وتحديدا إلى تنزانيا لنأخذ جولة على قمة كلمنجارو الشاهقة ونقوم بصيد الغزلان 00
ولكي تتضح لك الصورة أكثر جلبت لك خريطتين فيهما كثير مما يجعلك تدرك مكان ما أتحدث عنه
هنا موقع دولة كينيا وتنزانيا من أفريقيا
في مساء ذلك اليوم كان لزاما علينا - كما رسمنا في خطة سير الرحلة - أن نكون على الحدود الكينية التنزانية وبالتحديد في مدينة نامانقا00
لملمنا أغراضنا وحملنا أمتعتنا في السيارة الجيب كنا نحن الثلاثة وبرفقتنا السائق 00
وخرجنا ظهر ذلك اليوم وودعنا إخواننا في المكتب على أمل العودة إليهم بعد إسبوع أو ما ينيف وكان بالنسبة لنا وداعا من نوع آخر00
على طريق مسفلت لابأس به يتسع لسيارتين فقط كانت سيارتنا تخب بنا .. وبرفقتنا منسق من أصل يمني وقد كان إنسانا طلق اللسان مرحا ولذلك فقد مضى الطريق سريعا00 مع ماكنا نشاهده مما يحف بالطريق من قرى القبائل الأفريقية ذات الأكواخ المبنية من الحشائش00 ومن قطعان البقر التي يرعونها00 أومن الحيوانات الأخرى00 ولقد سنح لنا أكثر من مرة ضبي وهو يقطع الطريق مسرعا00 قال أحد الأصحاب : لماذا لايضعون لوحة فيها غزال كما يضعون صورة الجمل عندنا؟! :D
وهي تعليقة تبدو باهتة شيئا ما 00 ولكنها من التعليقات المؤثرة في حينها بظرف الزمان والمكان ولقد كانت في ذلك الموقف مناسبة00
وفي الطريق 00 وقفنا في إحدى القرى ودلفنا إلى مركز تابع لمؤسسة الحرمين فيه مسجد ومدرسة وحوله بئر 00 ولقد رأينا بعض النساء والأطفال وهم يحملون أوانيهم متوجهين لحمل الماء من البئر00
سبحان الله!!
أين المتسبب في حفر ذلك البئر في تلك البقعة النائية!!
ربما يكون صاحبه قد مات منذ زمن!! ربما لايكون معروفا فكثيرا ما يصل المال من فاعلي الخير!! أو قد يكون مشغولا بعبادة أخرى وهذا البئر يضخ له من الحسنات!!
جزاه الله عن كل كبد رطبة شربت من البئر أجرا00
وصلنا إلى نامانقا المنفذ الكيني على حدود تنزانيا مع حلول الظلام00 كانت منطقة خضراء جميلة وإلى جانبها جبل عظيم أخضر00 ونامانقا قرية كبيرة بالكاد يعمل فيها الكهرباء ثم ينقطع00 حملونا إلى الفندق00 وما أدراك ماالفندق؟!
بيت مكون من دور أرضي وغرف مصفوفة وفي وسطه خزان أسمنتي00 تأخذ منه الماء بإناء صغير ثم تذهب لقضاء الحاجة في دورة المياه ؟! (أكرمكم الله )
أما كهرباء الفندق فينطفئ بعد صلاة العشاء بساعة أو ساعتين00
ثم من أراد الخروج من غرفته يأخذ معه السراج إلى حيث يشاء !!
وضعنا أمتعتنا في الغرفة الصغيرة التي اكتريناها حيث سنظل في القرية إلى صباح الغد ونواصل السير في دولة تنزانيا00
كانت الغرفة تسع لأربعة أشخاص00 توضأنا00 وتهيأنا ثم خرجنا إلى المسجد 00 ذهبنا سيرا على الأقدام بصحبة أحد أعيان المدرسة المجاورة للمسجد00
كانت مدرسة عامرة بالطلاب والمدرسين وفيها حيوية ظاهرة00
يتبين ذلك في الأعداد الغفيرة المتواجدة وفي وفرة الطلاب الدارسين فيها وفي حرص المعلمين والذي ظهر جليا أثناء اللقاء التربوي مع معلمي المدرسة في فجر اليوم التالي00 وفي الصباح وبعد تناول القهوة ووجبة الإفطار في غرفة الفندق وبعد إنهاء الإجراءات على الحدود التنزانية انطلقنا إلى مدينة موشي00
وفي الطريق إلى موشي مررنا على مدينة عروشا بعد صلاة الظهر بوقت حيث كانت تبعد عن الحدود مسافة لابأس بها ..
خريطة كينيا ويظهر فيها نيروبي و الحد التنزاني مع مدينتي موشي وعروشا
اشترينا قطعة لحم من السوق حرصنا كل الحرص أن تكون نظيفة وأن تكون مذبوحة على الشريعة الإسلامية ثم ملنا على أحد البساتين خارج المدينة وكان بستانا أشبه مايكون بالمناظر الجمالية التي تتزين بها المطاعم والمحلات أو خلفيات الحاسبات00
فقررنا- والموقد يلهب غداءنا ونحن مضطجعين ننتظره - بعد مداولة ومطارحة للآراء ودقة نظر وتأمل ومدارسة وتقدير أن زهور هذا البستان الكثيرة لم توضع للزينة فقط00 وقد كان بستانا تزينه الزهور المصفوفة حسب الألوان بمسافات يظهر منها أنها وضعت لبيع الزهور أو لاستخراج العطور00
ولكن الذي يهمنا هنا أننا مكثنا عنده بأحسن حال وأنزلنا عدتنا ووضعنا فراشنا تحت شجرة خضراء كبيرة وفي مسطح أخضر قريبا من تلك الزهور وطبخنا قهوتنا بكل أمان كما لو كنا في الحرم الذي لايجوز فيه حتى قتل الحيوان !!
وإلا فإن هذا العمل في مثل ذلك البلد في وضع أمني غير منظم يعد نوعا من المجازفة التي لاتسلم من النتائج الصعبة!!
وكان برفقتنا سائق صافي النية سيء التصرف حصل لنا معه كثير من المواقف وقد رافقنا طيلة أيام الرحلة في تنزانيا وكدنا أن نلقى حتفنا معه في طريقنا إلى صيد الغزلان !
دعوني أكمل لكم ما حصل لنا معه في حديث قادم إن شاء الله ..
0