مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 19-06-2007, 09:19 PM   #18
الآديب الوادع
Guest
 
تاريخ التسجيل: May 2007
المشاركات: 298
ولنتأمل تلك البطولة النادرة والهمة العجيبة والتضحية الفائقة لخولة بنت الأزور رضي الله عنها وما قدمته هذه المرأة من جهاد في الإسلام.
يُروى أنه لما أُسِرَ ضرارُ بن الأزور في وقعة أجنادين، سار خالد بن الوليد في طليعة مِن جُنده لاستنقاذه، فبينا هو في الطريق، مرَّ به فارس معتقِل رُمْحَه، لا يبين منه إلا الحدق، وهو يقذف بنفسه، ولا يلوي على ما وراءه، فلما نظر إليه خالد قال: ليتَ شِعْري!! من هذا الفارس؟! وأيْمُ الله إنه لفارس.
ثم اتبعه خالد والناس من ورائه حتى أدرك جندَ الروم، فحمل عليهم، وأمعن بين صفوفهم، وصاح بين جوانبهم، حتى زعزع كتائبهم، وحطم مواكبهم، فلم تكن غير جولة جائل حتى خرج وسنانه ملطَّخٌ بالدماء، وقد قَتل رجالاً، وجندل أبطالاً.
ثم عرَّض نفسه للموت ثانية، فاخترق صفوف القوم غيرَ مكترث، وخامَر المسلمين من القلق والإشفاق عليه شيءٌ كثير، وظنَّه أُناس خالداً، حتى إذا قدم خالد، قال له رافع بن عميرة: من الفارس الذي تقدَّم أمامك، فلقد بذَل نفسه ومهجته؟ فقال خالد: والله لأنا أشد إنكاراً وإعجاباً لما ظهر من خلاله وشمائله.
وبينما القوم في حديثهم، خرج الفارس كأنه الشهاب الثاقب، والخيل تعدو في أثره، وكلما اقترب أحد منه ألوى عليه، فأنهل رُمحه من صدره، حتى قدم على المسلمين، فأحاطوا به وناشدوه كشْف اسمه ورفْع لِثامه، وناشده كذلك خالد بن الوليد، وهو أمير القوم وقائدهم، فلم يُحرْ جواباً، فلما أكثر خالد أجابه وهو مُلثَّم، فقال: أيها الأمير، إني لم أُعرِض عنك إلا حياء منك، لأنك أميرٌ جليل، وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور، وإنما حملني على ذلك أني محرقة الكبد، زائدة الكمَد.
فقال خالد: مَن أنتِ ؟ قالت: أنا خولة بنت الأزور، كنتُ مع نساء قومي، فأتاني آتٍ بأن أخي أسير، فركبتُ وفعلتُ ما رأيتَ، هنالك صاح خالد في جنده، فحملوا وحَملتْ معهم خولة، وعظم على الروم ما نزل بهم منها، فانقلبوا على أعقابهم.
وكانت تجول في كل مكان علّها تعرف أين ذهب القوم بأخيها، فلم تر له أثراً، ولا وقفتْ له على خبر، على أنها لم تزل على جهادها، حتى استُنقِذ لها أخوها.
الآديب الوادع غير متصل