مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 22-06-2007, 01:07 AM   #9
الثائر الأحمر
عـضـو
 
صورة الثائر الأحمر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
[align=justify]
[ 5 ]

الطريق إلى الجامعة ( 2 – 2 ) !


في الشقة – وفي شقق أخرى – يتواجد عدد من الشباب الذين قدموا للتسجيل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وفي جامعة الملك سعود ، أما نحن – من رغبنا بجامعة الإمام – فقد وجدنا – بحمد الله تعالى وفضله – من يتولانا في أيام التسجيل ، حيث قدم أحد المدرسين ممن دَرَسَ سابقًا في الجامعة ، وساعدنا كثيرًا – لا حرمه الله الأجر – على التسجيل وعلى التنقل في المدينة ؛ بل وقد رجعنا معه إلى مدينتنا .

عند الصباح وبعد تناول وجبة الإفطار في لمعة الشرق ؛ اتجهنا إلى الجامعة ، ولقد مر على زيارتي لها مع الحلقة قرابة الثلاثة أشهر أو أقل بقليل ، جرى الأمر سريعًا ، أو مضى الوقت سريعًا ، وقد انضممت للجامعة ، ولن أنسى فرحتي تلك الأيام بالانضمام إلى هذه الجامعة الإسلامية العريقة ، أما أنا فقد سجلت في اللغة العربية ، وكذلك صاحبي نايف ، وفي الشريعة سجل صاحبي الآخر محمد بلا تردد لتوجهه نحو العلم الشرعي .

مضى اليوم سريعًا ، في العصر زارنا صديق قديم كان يسكن في رفحاء لكنه انتقل عام 1421هـ إلى القصيم ، ودعانا للذهاب معه إلى حفل لتخريج طلاب الحلقات في جامع الراجحي ، فأجبنا دعوته ( ينتظرني موقف طريف في هذه القصة ) ، حضرت الحفل لكنني سرعان ما مللت وخرجت إلى الشارع ، تمشيت قليلا ووجدت لوحة لمطعم اسمه ( داجن ) ظهره للجامع ، مقبل بواجهته على الشارع ، دخلته وكان معي مبلغا قليلا من المال بالكاد غطى نفقة العشاء ؛ إذ قد نسيت المحفظة وجميع أغراضي الشخصية في الشقة ، لمّا فرغت من العَشاء ، اتجهت للمسجد وصليت العِشاء ، خرجت بعد الصلاة مباشرة ؛ فلم أجد السيارة ، ولا أصحابي !

بعد يأس من البحث قررت أن أشمر عن ساعدي ، وأرفع ثوبي ، لأنطلق ماشيًا إلى الشقة ، مع أنني لا أدل في هذه المدينة إلا ( شارع خبيب ) فقط ، لقد زرت بريدة سابقا عدة مرات ، ولكنها زيارات مع الحلقة أو المركز الصيفي ، ووسيلة النقل هي الباص ، والأمر بيد المشرفين لا بيدي ، ومرة واحدة زرتها بسيارتي ، لكن أرخت الأيام بيني وبين تلك الزيارة . من جامع الراجحي عبر الطريق الذي يمر بجوار المرور وتسجيلات أحد والاتصالات ؛ سلكت الطريق حتى وصلت تقاطع الـ ( T ) المجاور لمستشفى الملك فيصل التخصصي ، وقفت عدة دقائق أتأمل ، هل أذهب لليمين أو لليسار ، مِلت لليسار لأنه يتجه مباشرة إلى شارع رئيسي بدا مألوفا لدي ، أما جهة اليمين فمظلمة حد الخوف ، إلى اليسار ثم إلى اليمين عبر الشارع الذي يسير بجوار بندة وكنتاكي وماكدونالدز حتى دوار المحاكم ( الإشارة الخماسية حاليا ) ، وعند مسجد الشيخ أحمد الهديب توقفت واحترت ، أأذهب إلى الأمام ( الطريق الذي يمر بالعبيكان ) أم إلى اليمين ( الشارع الذي ينزل على عمارة العويضة ) ؟!

اتجهت إلى كهلٍ مصري في الأربعين من عمره – تقريبًا - ، وسألته عن خبيب ، فنصحني بالطريق الذي ينزل على عمارة العويضة ، سرت على نصيحته حتى نزلت تمامًا على عمارة العويضة ، فألِفت المكان واتجهت يسارًا حتى وصلت إلى خبيب وكان خاليًا تمامًا من حركة السير ، وبدا أن الوقت متأخرا ، وقد تعبت ، وأحسست بالجفاف التام ، قطعت خبيب طولا حتى وصلت المبتغى ... ( إشارة مغربي ) كما يسميها البعض ، أو ( تقاطع الشلال ) نسبة لمسجد الشلال ، ذهبت يسارًا حتى وصلت إلى المحطة ثم إلى شقتنا فوق مطعم ( لمعة الشرق ) ، أقبلت على باب الشقة وأقبل إلي من داخلها قهقهة الشباب وأحاديثهم ، دخلت عليهم وقد بلغ بي التعب والعطش مبلغًا عظيمًا .

قرّبت الماء ، ثم سألتهم مغضبًا عن سبب ذهابهم بدوني ، فأخبروني أنهم لمحوني قد خرجت في أول الحفل فظنوا أنني قد ذهبت إلى الشقة بالأجرة ، فخبرتهم خبري ، ثم سألني كبيرنا : لماذا لم تأتي بالأجرة ؟ فأجبت بأنني لم أملك شيئا من المال ؛ لأني نسيت محفظتي ، فرفع أحد الشباب ممن اشتهر بالفكاهة والطرفة رأسه قائلا بهدوء وابتسام : " طيب يا ذكي ؛ ما فكرت إنك تأخذ أجرة توصلك إلى هنا ثم تدفع له من محفظتك الموجودة هنا ؟!! " عمّ المجلس صمت كُسر بضحكٍ متفجر من قبل الجميع ، وأخوكم في الله يبتسم كالأبله وهو يحاول أن يبتلع هذا الموقف المخجل !

اجتمع الشباب كلهم في تلك الشقة ، وقضينا ليلة ممتعة ، قضى على متعتها سؤال وجهه أحدهم إلي قائلا : يا ثائر! ألم تجد شقة تسكن فيها ؟ هذا الشخص لم يعمل معي خيرًا ، ولم يقل خيرًا ... ولم يصمت ! أنزل الجميع رؤوسهم محرجين ، حيث – كما هو واضح أمامي – أن كل واحد منهم ( وأولهم السائل ) قد أمّن سكنه لقرابة له هنا ، أو لحلقة كانت تجمعهم .. أو نحوها ، أما أنا فأكبر طلاب الحلقة سنا ، وليس لي أقارب هنا ، وليس لي أية علاقة وثيقة مع أحد ؛ للوحدة التي تعمقت فيّ بالمرحلة المتوسطة وأثرت علي كثيرا إلى هذا اليوم ، وحدة اجتماعية ونفسية ، لها من العيوب الكثير ، ولها أيضا من الإيجابيات الكثير الكثير ، على الأقل بالنسبة لدي .

علقت بصري صامتًا بوجه السائل ، الذي يبتسم ابتسامة تكاد تجعلني أنفجر من الغيظ ، لكنني أجبته : لم أفكر كثيرًا في هذه المسألة ، لكنها يسيرة إن شاء الله . انتهى الحوار عند جملتي ، لكن لم ينتهي التفكير من رأسي : مع من سأسكن ؟ وأين ؟ ومن هم زملائي في الشقة ؟ وهل سأسكن لوحدي ؟

بغض النظر عن سوء توقيت السؤال في ذلك المجلس ، إلا أنه نبهني على أمرٍ لم أفطن له ، لقد قبلت في الجامعة ، ولم أؤمن سكني ، قطعت ليلي بين فرحة القبول ، وهمّ السكن ، لا تستغربوا أحبتي ؛ فالسكن مسألة حساسة جدا في الحياة الجامعية ، وفي تأمينه – حسب ما تتمنى – راحة بال كبيرة ، وقد جربت كل هموم السكن ، كهذا الهم الذي ذكرته لكم ، وكهمّ من يأتي إليك يرغب بالسكن معك ، وهمّ التفرق المفاجئ لأفراد السكن ، وهم مناسبة مكان السكن ، وإيجار السكن ، والواجبات المادية التي يجب أن تؤديها للسكن كالكهرباء والنظافة .. ونحوها !

من هذا الموقف بدأت معي أول نتائج التسرع ، وعدم المشورة ، مع أن مدرس حلقتي درس عدة سنوات في جامعة الإمام ، وأهله وأقاربه من أهل القصيم ، وله خبرة في الجامعة ، وفيما يتعلق بالحياة الجامعية ، وتخصصه لغة عربية ، وهو من طلبة العلم المتخصصين في الفقه والحديث والنحو ، ومن طلبة الشيخ ابن عثيمين ، وعلى خلق ودين وورع ، وفوق ذلك كله فهو يعرفني جيدًا ... مع هذا كله لم أفكر باستشارته أبدًا ، بل – كما ذكرت لكم – قرأت خبرًا في جريدة الجزيرة ، واستمعت لحديث من زملائي ، وخرجت بنسبة عالية جعلت – بعدها – جامعة الإمام ، قسم اللغة العربية .. بين عيني !

وليس هذا الموقف المفاجئ هو أول نتيجة للاجتهاد التلقائي ، وعدم الاستشارة ؛ بل ستأتي العديد من المواقف والمصائب والفتن التي كان من السهل علي تجاوزها لو أنني تركت الركون إلى الاجتهاد الفردي ، واستشرت أهل الخبرة والرأي ... والحمد لله أولا وآخر على كل حال .

جلسنا يومًا آخر بناء على رغبة المدرس ( الذي أعاننا على التسجيل والتنقل ) ، قضيناه بين المكتبات والتسجيلات ، وفي الليل دعوتهم لمطعم داجن الذي أعجبني كثيرًا ، ولأول مرة أتعامل مع مطاعم الشركات والتي لها أسلوب فريد ومميز في التعامل ، مع اختلاف في الطريقة بينها ، قضيت الليلة الثانية ولا زال هم السكن في رأسي ، وقد عزمت أن أسكن لوحدي ، وفي صباح العودة لديارنا ، كلمني ذلك المدرس على أنه سيبذل كل جهده ليجد لي شقة مناسبة لأسكن فيها ، شكرته ودعوت له ، ولم أنس ذلك الموقف منه إلى اليوم ، حيث لم يهمل الموضوع ، بل يبدو أنه أهمه ، مع أن تلك المحادثة قد مر عليها يوم وليلة .
[/CENTER]
__________________
يا صبر أيوب !

آخر من قام بالتعديل الثائر الأحمر; بتاريخ 22-06-2007 الساعة 01:12 AM.
الثائر الأحمر غير متصل