مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 01-07-2007, 06:37 PM   #178
أبو عمر القصيمي
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بريدة ، دومة الجندل
المشاركات: 1,457
بارك الله فيك
لكي تتضح الصورة أكثر اسمح لي بإبداء خلاصة الكلام في هذه المسألة بشكل عمومي ، ثم بعد ذلك نذهب إلى الجزئيات الأخرى :
مسألة العامي مسألة تكلم عليها العلماء رحمهم الله كثيراً وهي فيما يتبع في مسائل الخلاف فالغالب من كلامهم هو أن يتبع العامي من يثق بدينه وعلمه ، وأما مسألة الانتقال من فتوى إلى فتوى فهي ترجع إلى أمرين : إما أن يتبين له أن فتوى العالم الذي اتبعه خطأ وأن فتوى الآخر صحيحة أو على الأقل يغلب على ظنه أن الأولى خاطئة وأن الأخرى صحيحة فهنا يرجع إلى الفتوى الأخرى بحجة أنه رجع إلى الصواب أو إلى الدليل لأن الصواب هو ما وافق الدليل ، والأمر الآخر : هو أن لا يتبين له أو لم يغلب على ظنه أن فتوى العالم الذي اتبعه خاطئة والأخرى صحيحة ، فهنا لم ينتقل إلا بالتشهي فهذا هو تتبع الرخص ، فهو عندما سأل العالم الأول فهو يثق به ويغلب على ظنه أنه سيفتيه بالصواب فلماذا انتقل إلى فتوى غيره ؟ إن كان انتقل للصواب فهذا نعم وإن كان انتقل للتشهي فهذا هو تتبع الرخص .
قال الشاطبي رحمه الله : ( ليس للمقلد أن يتخير في الخلاف كما إذا اختلف المجتهدون على قولين فوردت كذلك على المقلد فقد يعد بعض الناس القولين بالنسبة إليه مخيراً فيهما كما يخير في خصال الكفارة فيتبع هواه وما يوافق غرضه دون ما يخالفه وربما استظهر على ذلك بكلام بعض المفتين المتأخرين وقواه بما روى من قوله عليه الصلاة والسلام : " أصحابي كالنجوم " وقد مر الجواب عنه وإن صح فهو معمول به فيما إذا ذهب المقلد عفواً فاستفتى صحابياً أو غيره فقلده فيما أفتاه فيما له أو عليه وأما إذا تعارض عنده قولا مفتيين ؛ فالحق أن يقال : ليس بداخل تحت ظاهر الحديث لأن كل واحد منهما متبع لدليل عنده يقتضي ضد ما يقتضيه دليل صاحبه فهما صاحبا دليلين متضادين فاتباع أحدهما بالهوى اتباع للهوى وقد مر ما فيه فليس إلا الترجيح بالأعلمية وغيرها ) انتهى كلامه
وقال ابن القيم : ( .. وبالجملة فلا يجوز العمل والإفتاء في دين الله بالتشهي والتخير وموافقة الغرض ) وقال الشاطبي أيضاً : ( فإذا صار المكلف في كل مسألة عنت له يتبع رخص المذاهب وكل قول وافق فيها هواه فقد خلع ربقة التقوى وتمادى في متابعة الهوى ونقض ما أبرمه الشارع وأخر ما قدمه .. )
وقال ابن الوزير في الروض الباسم : ( لو جاز للمقلد أن يتخير عند الاختلاف ما يشاء من غير ترجيح ، لكان مخيراً بين التحليل و التحريم، إن شاء حلل الشيء، و إن شاء حرم، و إن شاء أوجب ، و إن شاء حرم ثم حلل، أو حلل ثم حرم بغير دليل، و لا ضابط، وهو ممنوع لأنه يؤدي إلى تمكن العوام من سقوط جميع التكاليف الظنية الخلافية و الإجماعية. أما الخلافية فظاهر، و أما الإجماعية الظنية فلأن في العلماء من يقول: إن الإجماع المنقول بالآحاد لا يجوز العمل به؛ فيقلدون من قال بهذا. و حينئذٍ لا يجب عليهم إلا الضروريات من الدين ) انتهى
وقال الشاطبي أيضاً : ( أما إذا كان اطلع على فتاويهم قبل ذلك و أراد أن يأخذ بأحدها فقد تقدم قبل هذا أنه لا يصح له إلا الترجيح؛ لأن من مقصود الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه، حتى يكون عبداً لله، و تخييره يفتح له باب اتباع الهوى فلا سبيل إليه ألبتة ) انتهى كلامهم رحمهم الله وفي الجعبة الكثير ولكن يكفي هذا إن شاء الله .
وأما مسألة التقيد بعالم واحد لا يحيد عنه : فأنا قلت في الرد رقم 90 أنه غالباً يتقيد بقوله ولم أقل بأنه لا يجوز له سؤال عالم آخر ، فلكي يتضح لك كلامي فمثلاً من كان من العوام في الرياض وقريباً من منزل الشيخ ابن باز رحمه الله ، فتجده لا يسأل إلا ابن باز ويعمل بذلك لأنه يثق بعلمه ودينه فإنه غالباً يتقيد بقول ابن باز لأنه أضبط له ، ولأن ابن باز موجود عنده فلا حاجة لسؤال غيره ، ومثله الذي عنده رقم لأحد العلماء يثق به فتجده غالباً لا يتصل إلا على هذا العالم ، وكذلك ما ذكره العلماء من التقيد بمذهب فقهي كما هو الحال في مدارسنا من دراسة المذهب الحنبلي فتجد الدارس أو العامي يتقيد بهذا المذهب لأنه أضبط له ، وأما مسألة مخالفة الدليل فهي مسألة استثنائية وتقدم الكلام عليها وأنه إذا تبين له الدليل فلا يجوز له التقليد خلاف الدليل .
هذا ما قلته وهو عندي واضح لا إشكال فيه ولا أدري ما وجه التعارض والتناقض ؟
على العموم هذا خلاصة الكلام في هذه المسألة ، وبالنسبة للأسئلة هذه فأقول الجواب عليها يتضح بعد معرفة الأهم في ذلك وهي مسألة تتبع الرخص :
فمتى ما عرفنا هذا الضابط فإنه يزول الإشكال ، فلنجعل الكلام إن رأيت فيما يتعلق بتتبع الرخص وما هو حده لأن كل كلامنا تقريباً يدور حوله ، فأتمنى معرفة رأيك في حد تتبع الرخص وجزاك الله خيرا .
__________________
قال صلى الله عليه و سلم:(( مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ العلى العظيم ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ )) رواه البخاري .تعارَّ من الليل : أي هبَّ من نومه واستيقظ . النهاية .
أبو عمر القصيمي غير متصل