مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 01-09-2002, 02:42 AM   #2
وليد التميمي
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2002
البلد: جزيرة العرب ..
المشاركات: 2,497
وخالفوا أيضاً القوانين الوهمية فإن من الاتفاقات القانونية أن إجبار أسير الحرب على الإدلاء باعترافاته هو عمل إرهابي ، لأن الاتفاقية الأولى والثانية لعام 1368هـ ، في مادتها رقم 12، والاتفاقية الثالثة في مادتها رقم 13، قد نصت جميعها على ضرورة المعاملة الإنسانية .


ومن خلال النظر في صور هؤلاء الأسرى يتضح لدينا عدة أمور :


الأمر الأول : أن الإدارة الأمريكية ليس لديها قانون ولا دستور يمكن أن تعامل به هؤلاء الأسرى .


الأمر الثاني : توضح هذه الصور مدى الغطرسة الأمريكية في التعامل مع هذه القضية .


الأمر الثالث : تكشف لنا هذه الصور مدى الرعب الذي يكتنف هؤلاء الأمريكان من هؤلاء الضعفاء الأسرى حيث نلحظ أن عدد الجنود الذين يحيطون بالأسير الواحد في بعض الأحيان يبلغون أربعة عشر جندياً أمريكيا مدججين بالسلاح وأنظارهم جميعاً متجهة صوب الأسير المقبوض عليه من الجانبين ، هذا مع الأغطية التي على العينين والفم والأذنين والأنف !! .


الأمر الرابع : حسن الدين الإسلامي ، وذلك أن أمم الأرض جميعها التي خلقها الله من طينة واحدة ، والتي تتشابه في النزعات والعواطف والمشاعر قد يغلب عيها الحقد ومشاعر الكراهة في وقت من الأوقات فلا ترى بأساً في تغيير قوانينها التي تخالف أهوائها ورغباتها في الانتقام ، وذلك من أجل إشباع هذه الرغبات كما يحدث تماماً في الوقت الراهن في الدول الغربية وبالذات أمريكا ، بل وكما يحدث في كثير من البلدان حتى التي تنتسب إلى الإسلام وهي لا تطبقه .


إلا الأمة الإسلامية فليس لديها أن تحكم عواطفها ومشاعرها ، بل هي أحكام طاهرة منزلة من حكيم حميد ، وواضحة جلية غير قابلة للتحويل والتبدبل ، بل إن الإسلام نهى عن التمثيل بالقتلى ، فالمسلم ملزم بهذا الشرع الحكيم ليس له أي مجال لتغييره وفق نزواته ومتطلباته وأهوائه كما يفعله على هذا النحو الغرب الفاجر مع قوانينه .


ولأجل ذلك يعترف من ينتسب إلى دعاة حقوق الإنسان أن ليس لديهم أرض ثابتة يقفون عليها ، ولا منهج منضبط يسيرون عليه ، وإن كانوا صادقين ، فبأي مرجعية يعتبرون حقوق الإنسان هذه ! ؟ .


فأسير المسلمين يصور للكفار المقامات السامية في الأمانة والرحمة الشرعية فلا يستحل المحرمات لأجل أنه أسير بين يدي الكفار ، فهذا خبيب لما أسر ظلماً وعدواناً استعار من بعض بنات الحارث موسى ليستحد بها فأعارته ، قالت فأخذ ابنا لي وأنا غافلة حين أتاه قالت فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي فقال تخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك ، والله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب ، والله لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب في يده وإنه لموثق في الحديد وما بمكة من ثمر ، وكانت تقول إنه لرزق من الله رزقه خبيباً فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب ذروني أركع ركعتين فتركوه فركع ركعتين ، ثم قال لو لا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها اللهم أحصهم عددا ، ثم قال


ما أبالي حين أقتل مـسلماً ... على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلوٍ ممزع

رواه الإمام البخاري في صحيحه (4086) من طريق الزهري عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عيناً وأمر عليهم عاصم بن ثابت ..... فذكره
فخبيب رضي الله عنه وأرضاه ، منعه الدين من قتل هذا الطفل ، ولهذا تعجبت من أمانته ودينه هذه المرأة الكافرة .
ومن محاسن الدين الإسلامي أنه حرم قتل الأسير إذا أسلم ، ومحاسن الإسلام في معاملة الأسرى كثيرة مبسوطة في كتب الفقه والحديث .


ثم إن الإرهاب الأمريكي تعدى ولم يقف على حد حتى وصل إلى المساجد ، ففي مدينة "ممفيس" أطلق جار المسجد النار على المصلين وهم يؤدون صلاة الفجر ، وبعد يومين تم إطلاقه بكفالة وبدون أن يفتش رجال الأمن بيته ، رغم أنه اعترف بارتكاب الجريمة ، وقد تكررت الحوادث هذه في مسجد "دنفربكولو" ومسجد "بوبا" وفي ولاية كاليفورنيا ومسجد "جرنيفيل" وتعرض المركز الإسلامي في "سبرينج فيلد" للتدمير التام .
وهذا غير المجازر التي باركتها أمريكا في الشيشان والبوسنة ومقدونيا وكوسوفا وكشمير والفلبين وجزر الملوك وتيمور وغيرها من الأرضي الإسلامية .


ويا الله يا للمسلمين من هذا الجرائم المؤلمة ، والأفعال الشنيعة ، والمواقف المؤلمة... أين أمة المليار ، من هذه الثيران الهائجة ، والوحوش الشريرة ، والمواقف الفضيعة
أين العقلانية ؟ ! أين الإنسانية ؟ ! أين القيم الأخلاقية ؟ ! بل أين القوانين الدولية؟ ! والأعراف المرتسمة ، ! أليس فيهم رجل رشيد ؟ !


حقاً إن هذه جرائم وحشية ! وأفعال شيطانية ! وتصرفات حيوانية صامته .


وأين القانون من ظلم الغرب للإسلام ، ظلم مركب ، دفع المستشرق البرتغالي ارنولد أن يقول ( جل أسفي كان على هذا التحامل والتجريح على الإسلام دون غيره من الأديان الأخرى ) .
إن أمريكا لا تلتزم لا بقانون ولا بأعراف ولا بمواثيق ، وإنما تسعى لمصالحها الذاتية وهيمنتها الشخصية دون مراعاة لروابط دولية ، فهي كانت تنادي بالديمقراطية ولما وقعت الهجمات المباركة في 11 سبتمبر تلاشت الديمقراطية المزعومة ، ولذلك يقول وزير الثقافة الفرنسي في اجتماع اليونسكو في دورته التي انعقدت بالمكسيك (إنني استغرب أن تكون الدول [يقصد أمريكا] التي علمت الشعوب قدراً كبيراً من الحرية ! ، ودعت إلى الثورة على الطغيان ، هي التي تحاول أن تفرض ثقافة شمولية وحيدة على العالم أجمع ، إن هذا شكل من أشكال الإمبريالية المالية والفكرية ، لا يحتل الأراضي ولكن يصادر الضمائر ، ومناهج التفكير ، واختلاف أنماط العيش) وتقول أمل يازجي وهي دكتوراه في القانون الدولي العام من جامعة باريس العاشرة ، ومستشارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر فالرغبة الواضحة لدى الولايات المتحدة الأمريكية هي فقط إنشاء تحالف دولي توقد به العالم لخدمة مصالح خاصة بها ، كانت تخطط لها منذ زمن بعيد ، مستفيدة من أعمال إرهابية لم يقم دليل قاطع على ارتكابها من جهة معينة ، لتشن حرباً حقيقية ضد شعب سحقته حروب مستمرة منذ أكثر من عشرين عاماً .


إن أمريكا تدعي مكافحة الإرهاب ! وقد سبق لدينا القوائم في أعمالها ومشاريعها الإرهابية ، وقد اتخذت أمريكا من هذا المصطلح وهو ما تسميه هي مكافحة الإرهاب غطاء لها في ضرب المسلمين ومنشئاتهم تحت هذا المسمى وهذا ما صرح بها أحد المحللين منهم ، قال : ولكن المسؤولين الأمريكيين لا يعلنون ذلك أو يصرحون به ، ويؤكد ذلك خبير أمريكي قائلاً (الإرهاب مجرد ذريعة لضرب العواصم التي نكرهها ) .


ولذلك فإن قانون الإرهاب ، وضع على المسلمين وبالتالي امتد إلى الإسلام ، والعجيب أن الإحصائيات الرسمية وتقارير الخارجية الأمريكية تذكر أن أخطر أحداث الإرهاب والتخريب هو ما وقع في أوكلاهوما في 11-1415هـ الذي قتل وأصيب فيه 700شخص ، ونسب هذا العمل أولاً إلى إرهابيين في الشرق الأوسط ثم ظهر أن الجانين ! وليس الإرهابيين ! اثنان من الأمريكيين البيض المسيحيين الأصوليين ونشرت أسماؤهما .
لقد حددت حملة مكافحة الإرهاب عدوها الرسمي بصفة مستمرة : وهو الإسلام الأصولي ، وتقرر الإحصائيات الأمريكية الداخلية أن من بين 171شخصاً اتهموا بالإرهاب لا يوجد بينهم إلا 11 من العرب المسلمين بنسبة 6% ، وفي التسعينات كان 96% ممن أدينوا بالإرهاب ليسوا مسلمين ولا عرباً ، أما الإحصائيات الخارجية الأمريكية عام 1414هـ فهي توزع الهجمات الإرهابية المناهضة للولايات المتحدة على النحو التالي 40هجوماً من أمريكا اللاتينية مقابل 8 اعتداءات وقعت في الشرق الأوسط ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى نجد أن الجريمة (وليس الإرهاب ) في أمريكا (قتل وسرقة وعنف واغتصاب ) تكلف الخزينة الأمريكية 450مليار دولار سنوياً ، مع هذا كله فهي بعيدة جداً عن دوائر الاتهام والإعلام ، ثم مع ذلك أيضاً يبقى قانون الإرهاب سيفاً مصلتاً على كل مسلم في كل مكان ويمتد حينما ترى أمريكا مده إلى الدول والقادة وزعماء العالم الإسلامي من علماء ومفكرين ، وأصبح المسلم في النظرة الأمريكية لا يخرج عن اثنتين إما إرهابي وإما مناصر للإرهاب ، وهذا ما صرح به شيطان العصر الرئيس الأمريكي جورج بوش – الإبن – حينما أعلن الحرب الصليبية قائلاً من لم يكن معنا فهو ضدنا !!!


ولقد انتقدت منظمة العفو الدولية ، الولايات المتحدة لعدم احترامها معاهدة الأمم المتحدة ضد التعذيب التي وقعت عليها واشنطن في عام 1414هـ ، واتهمتها بالسماح للشرطة بارتكاب أعمال وحشية وتطبيق ممارسات غير إنسانية مثل الحبس الانفرادي والصدمات الكهرابائية والعنف مع الأقليات العرقية التي تشكل 60% من الموقوفين ، ونددت منظمة العفو باحتجاز عشرين ألف شخص في زنزانات خاضعة لمراقبة قصوى يعاني الكثيرون منهم من اختلالات عقلية ، وأن البعض منهم يتركون في تلك الزنزانات لسنوات من دون نافذة أو نشاط رياضي أو عمل .


وحينما طالبت بعض المنظمات العاملة في حقوق الإنسان التحقيق في أحداث قلعة جانجي ، رفض وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد وقال في تصريح له لا حاجة إلى إجراء تحقيق ، ولا نرى ضرورة لذلك !


ويقول بيرناردت بيريت المسؤول في الصليب الأحمر في العاصمة الأفغانية إننا نحاول الحصول على تصريح بدخول المنطقة التي توجد فيها القلعة لتفقد أحوال الناجين من المذبحة ولكن رفض طلبنا 0
إن أمريكا تتسنم بالأحادية والطمع والهمجية والتدخل الساخر في شؤون الدول الداخلية وغير احترام لدينهم بل وقوانينهم ، فهي تشرع بالغداة وتنسخ بالعشي ، ولذلك ليس لديها قانون منضبط ، فهي تنتهك القوانين والاتفاقيات ، فلسان حالها يقول لا نسأل عمال نفعل وهم يسألون ! ونأخذ ما نشاء وندع ما نشاء ، وننتهك حقوق ما نشاء ، ولا معقب لحكمنا ، ولذلك يقول ألبرت بيفريدج ممثل ولاية إنديانا في مجلس الشيوخ الأمريكي يلقي خطاباً في مجلس ولا يته قال فيه ( إن الله لم يهيئ الشعوب الناطقة بالإنجليزية لكي تتأمل نفسها بكسل ودون طائل ، لقد جعل الله منا أساتذة العالم ! كي نتمكن من نشر النظام حيث تكون الفوضى ، وجعلنا جديرين بالحكم لكي نتمكن من إدارة الشعوب البربرية الهرمة ، وبدون هذه القوة ، ستعم العالم مرة أخرى البربرية والظلام ، وقد اختار الله الشعب الأمريكي دون سائر الأجناس كشعب مختار يقود العالم أخيراً إلى تجديد ذاته !! ) وهذا "روزفلت" يصرح في أعقاب الحرب العالمية الثانية قائلاً (إن قدرنا هو أمركة العالم ، تكلموا بهدوء واحملوا عصاً غليظة ، وعندئذ يمكن أن تتوغلوا بعيداً) ولأجل ذا فهم ينفذون بضع قرارات فقط ضد شعوب إسلامية ثمارها حصار لسنوات ومعاناة صحية واقتصادية ، ورجوع إلى الخلف ، وبدون أن يكون لذلك الحصار مبرر واضح أو نتائج ملموسة ، وفي المقابل همشت مئات القرارات الإنسانية والقوانين الدولية ، التي تدين إسرائيل !! فقوانين الدول الكبرى أشبه ما يكون ببيت العنكبوت لا يمسك إلا الحشرات الصغيرة .


وتم استنـزاف ثروات المسلمين من قبل أمريكا الساخرة ، وتقييد دول إسلامية أخرى بالقروض والإعانات وفروض الرؤية الاقتصادية الغربية عليها .


لماذا لا تعالج القضية الفلسطينية ؟ ولماذا يفرض السلام غير العادل على العرب ؟ ولماذا يكون السفاح أرييل شارون رئيس وزراء الكيان الصهيوني والذي ارتكب الأرقام القياسية من الجرائم الفظيعة في حق الإنسانية رجل سلام كما يقوله وبدون مبالاة الرئيس الأمريكي جورج بوش ، في حين يعتبر الملا عمر إرهابياً والرايات الجهادية القائمة في الدفاع عن النفس والعرض إرهابية ؟ وأخيراً صنفت حركة حماس الفلسطينية التي تدافع عن الأقصى الشريف إرهابية في نضر السياسة الأمريكية .


ولما كانت سنة الله تعالى لا تتغير بتغير الزمن ولا باختلاف الأحوال والأجواء ، ابتلى الله هذه الأمة الظالمة بآلام عديدة تخص كثيراً من الشؤون الحياتية الاجتماعية والاقتصادية .
حررت ذلك في رسالة مستقلة يسر الله إتمامها
يقول الله تعالى ( وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) ودمار أمريكا قريباً إن شاء الله ، ونقول إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً ، لأن سنة الله تعالى الكونية التي لا محيص عنها ولا محيد ، جرت في أن الأمة إذا طغت وبغت وعثت في الأرض فساداً ، أنه يهلكها كما هي حال الأمم الغابرة قال الله تعالى ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) وقال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ) وقال تعالى ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) وقال تعالى ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ) وهؤلاء عاد لما تكبروا وطغوا وتجبروا وقالوا من أشد منا قوة ؟ ، رد الله عليهم بقوله ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (16) ولما عاينوا السحب في السماء قالوا هذا عارض ممطرنا رد الله عليهم بقوله ( بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) وهؤلاء ثمود لما طغوا وتكبروا على نبي الله صالح وقالوا له يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين عاقبهم الله تعالى بقوله ( فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78) أي صرعى لا أرواح فيهم ولم يفلت أحد منهم لا صغير ولا كبير لا ذكر ولا أنثى ، وهذا قارون لما تكبر وطغى وقال مقولته النكراء إنما أوتيته على علم عندي ، رد الله سبحانه عليه ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ (81) .


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) وهذا حديث متفق على صحته من طريق أبي معاوية قال حدثنا بريد بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى الأشعري .
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ( لو بغى جبل على جبل لجعل الله الباغي دكاً ) رواه البخاري في الأدب المفرد (588) من حديث أبي نعيم ، قال حدثنا فطر ، عن أبي يحيى قال سمعت مجاهداً عن ابن عباس . ورواه عن مجاهدٍ الأعمشُ وغيره .


وذكر الخطيب في تاريخ بغداد (14/132) محمد بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك قال أبى لأبيه يحيى بن خالد بن برمك - وهم في القيود والحبس - يا أبت بعد الأمر والنهى والأموال العظيمة أصارنا الدهر إلى القيود ولبس الصوف والحبس ؟ قال : فقال له أبوه يا بنى دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها ، ثم أنشا يقول

رب قوم قد غُذوا في نعمةٍ .... زمناً والدهر ريان غدق
سكت الدهرُ زماناً عنهم .... ثم بَكَّاهم دماً حين نطق

وصادر بعض وزراء الخلفاء رجلاً ، فأخذ منه ثلاثة آلاف دينار ، فبعد مدة غضب الخليفة على الوزير ، وطلب منه عشرة الاف دينار ، فجزع أهله من ذلك ، فقال ما يأخذ مني أكثر من ثلاثة آلاف كما كنت ظلمت ، فلما أدى ثلاثة آلاف دينار وقّع الخليفة بالإفراج عنه ، فسبحان من هو قائم على كل نفس بما كسبت ، إن ربك لبالمرصاد .
وضرب رجل أباه وسحبه إلى مكان ، فقال الذي رآه إلى هاهنا ! رأيت هذا المضروب قد ضرب أباه ، وسحبه إليه .
وكان بعض أكابر التابعين قال لرجل يا مفلس ، فابتلي القائل بالدين والحبس بعد أربعين سنة .

فجانب الظلم لا تسلك مسالكه .... عواقب الظلم تخشى وهي تنتظر
وكل نفس ستجزى بالذي عملت .... وليس للخلق من دنياهم وطر

والقصص الواقعية ، والعبر التاريخية طافحة بمثل هذا ، ولذلك يقول ابن الأثير رحمه الله تعالى في الكامل (وليعلم الظلمة أن أخبارهم تنقل ، وتبقى على وجه الدهر ، فربما تركوا الظلم لهذا ، إن لم يتركوه لله سبحانه وتعالى ) .


ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى (28/146) وأمور الناس تستقيم مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم : أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في إثم ، ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة ، ويقال الدنيا تدوم مع العدل والكفر ، ولا تدوم مع الظلم والإسلام ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم) فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفوراً له مرحوماً في الآخرة ، وذلك أن العدل نظام كل شيء ، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت ، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق ، ومتى لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة ، فالنفس فيها داعي الظلم لغيرها بالعلو عليه والحسد له ، والتعدي عليه في حقه ، وداعي الظلم لنفسها بتناول الشهوات القبيحة كالزنا وأكل الخبائث ، فهي قد تظلم من لا يظلمها ، وتؤثر الشهوات وإن لمن تفعلها ، فإذا رأت نظراءها قد ظلموا وتناولوا هذه الشهوات صار داعي هذه الشهوات أو الظلم فيها أعظم بكثير ، وقد تصبر ويهيج ذلك لها من بغض ذلك الغير وحسده وطلب عقابه وزوال الخير عنه ما لم يكن فيها قبل ذلك ، ولها حجة عند نفسها من جهة العقل والدين ، بكون ذلك الغير قد ظلم نفسه والمسلمين ، وأن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر واجب والجهاد على ذلك من الدين. ..... ) اهـ
ثم إن ديننا الحنيف دين ترابط ووفاء ، وبر وإخاء ، دعا إلى الترابط والتواصل والألفة وعدم الفرقة ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) فالمسلمون كالجسد الواحد لا تفرق بينهم حدود وهمية ، ولا حواجز مصطنعة ، كمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضوٌ تدعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) متفق على صحته من طريق زكرياء ، عن الشعبي ، عن النعمان بن بشير
وقال رسول الله صلى الله عليه وسليم ( المؤمن للمؤمن كاللبنيان ، يشد بعضه بعضاً) متفق عليه أيضاً من طريق بريد ، عن أبي بردة عن أبي موسى .
__________________
وليد التميمي غير متصل