ومن هذا المبدأ الإسلامي يتحتم علينا أن ننظر في القضية العراقية نظرة تأمل وتفحص بعلم وحكمة ودراسة ، وأن نواسي إخواننا المضطهدين ، ونشاركهم الشعور بآلامهم .
وإنه لمن الأمر المرير ، والنباء العظيم ، والجرم الكبير ، ما تقوم به السياسة الأمريكية الغاشمة والتي أسست على الإرهاب والعنف والتطرف ، من قصف وحشي ، على إخواننا العراقيين في العراق ، والتي أهلكوا فيها الحرث والنسل ، وأبادوا الرجال والنساء والشيوخ والأطفال ، بل وحتى الحيوان البهيمي ، بل وحتى اليابس والأخضر ، وقد وصل بهم الأمر إلى منع ألآت التعليم ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، يحظر على أطفال العراق أقلام الرصاص ، والحبر السائل ، والمضغوط ، والألوان المائية والزيتية ، وأوراق الرسم ، والورق اللاصق ، والصمغ ، على أن المعاناة اليومية من وطأة المشاق المعيشية ، والتربوية الناجمة عن الحصار لا تقاس بالمآسي الإنسانية نتيجة التلوث البيئي ، وسوء التغذية ، وانعدام الرعاية الصحية ، وانعدام الدواء ، فالمستشفيات متهالكة ، وتفتقر إلى المعِدَّات الطبِّية والأدوية ، بحيث بات الأطفال يتساقطون كالفَراش .
وكل هذا القتل والتشريد والإبادة لم يكن موجهاً إلى صدام ولا إلى عسكريين بل إلى مدينين عزل لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، وصدام وزبانيته آمنون مطمئنون ، لم يكن لهم من الأطنان التي تصب على هؤلاء ولا رصاصة واحدة ، ويؤتى إليه بأشهر النطاسين وأنجع الأدوية ، حتى ولو شاكته شوكة ؟ 0
ويؤكد ما أشرنا إليه دينيس هاليدي مساعد الأمين العام للأمم المتحدة قائلاً (نحن نقتل أطفال العراق والأمين العام تنقصه الشجاعة ، هناك سياسة متعمدة لتدمير شعب العراق)
وطِبقاً لإحصائيات اليونيسيف ، ومنظمة الأغذية والزراعة ، يحصد الحصار أرواح خمسة آلاف طفل عراقي كل شهر ، وإذا وضعنا الوفيات الأخرى بين الراشدين جانبًا، فإن الحصار يتسبب في وفاة ستين ألف طفل كل عام مما يعني نصف مليون على امتداد السنوات التسع الماضية . وهذا الرقم يعادل ثلاثة أضعاف ضحايا قنبلة هيروشيما .
إن قتل الإبادة جريمة كبرى ، وبلية عظمى ، وحتى القانون الدولي لا يقره بل يعتبره جريمة ، فقد عرضت اتفاقية بشأن منع جريمة إبادة الجنس والمعاقبة عليه ، للتوقيع بتاريخ 8- صفر 1368هـ ، وأصبحت سارية المفعول بتاريخ 25/7/1380هـ وتجعل المادة رقم 2 من هذه الاتفاقية إبادة الجنس جريمة دولية ، وتلزم الأطراف المتعاقدة بأن تأخذ على عاتقها منعها والمعاقبة عليها .
ولكن المشكلة أن منظمة الأمم يسيطر عليها اليهود الأمريكيون ، وسيطرتهم عليها قديمة ولا تحتاج إلى أدلة وبراهين ، إن من بعد منتصف الثمانينات صارت القضية أجلى من الشمس في ضحاها ولا تخفى إلا على العميان ، إن 60% من أعضائها البارزين يهود بل وحتى التمويل لهذه الهيئة كان بنسبة 75% من الدول الكبرى ، وأمريكا وحدها كانت تساهم بثلث الميزانية الإجمالية منذ إنشائها ، وحتى عام1387هـ ، إننا حين نعرف هذا لا نستغرب الحقائق الآتية ، حتى عام 1412هـ ، أصدر مجلس الأمن 69قراراً ضد إسرائيل لم ينفذ منها قرار واحد ، وخلال أزمة البوسنة والهرسك صدر63قراراً ، ولم ينفذ منها قرار واحد ، ومنذ أزمة كشمير عام 1366هـ ، وحتى الآن صدر لصالح كشمير 13قراراً ، ولم ير قرار واحد منها النور ، ولقد انسحبت أمريكا وبريطانيا من منظمة اليونسكو ، والسبب في ذلك أنهما لايقبلان المساواة بالدول الصغرى ! وقال المندوب الأمريكي آنذاك (نحن لم نؤسس الأمم المتحدة واليونسكو من أجل هذه المساواة ! وإذا كنتم مصرين عليها فسنحطمها) هكذا قال وبكل صراحة وشفافية .
ولما صدرت بعض القرارات التي لا تخدم السياسة الأمريكية غضبت أمريكا وأصبح لديها قناعة بأن نظام هذه الهيئة يجب أن يتغير وهذا الذي حدث بالفعل مع بداية التسعينات حتى غدت هيئة أمريكية ، تجسد سياستها الخارجية ، وتسوغ هيمنتها ، وذلك تحت غطاء النظام العالمي الجديد ، فبعد إعلان بوش عن النظام العالمي الجديد ، بدأ أثر ذلك يظهر على هيئة الأمم المتحدة إذ استطاعت أمريكا أن تجمع 111صوتاً لإلغاء القرار الذي أصدرته الجمعية العامة في سنة 1394هـ ، والذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية ، وذلك في الجلسة العامة للجمعية بتاريخ 30/5/1412هـ .
والعجيب أنه بدل أن تعمل أمريكا على تنفيذ القرارات رقم 242و338و425 القاضية بالانسحاب من جميع الأراضي المحتلة سنة 1387هـ ، فقد أرسلت عشية المؤتمر رسالة إلى إسرائيل جاء فيها (إن التحديات التي تواجه إسرائيل تتعلق بأمريكا ذاتها ، إننا نعدكم بأن التزامنا بأمن إسرائيل وضرورة التعاون الوثيق بين بلدينا من أجل تحقيق هذه الحاجات من الأمور المستمرة ، وكل من يحاول دق إسفين بيننا في محاولة المس بهذا الالتزام لا يستطيع أن يفهم العلاقات المتينة القائمة بين بلدينا وطبيعة أمن إسرائيل) .
إن منظمة الأمم المتحدة تحت وطأة الولايات المتحدة عليها أصبحت منبراً لتسويغ السياسة الأمريكية ، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك فأخذت توسع مجالها لتكون في خدمة المصالح الأمريكية ، والحديث عن العلاقة بين المنظمة والسياسة الأمريكية يطول وليس هو شأننا ومقصودنا في هذا المقال ، ويكفي أن نقول إن هيئة الأمم مجرد خلية تابعة للبنتاجون الأمريكي .
إن قَتْلَ العراقيين بإراقة الدماء ودون إراقة الدماء ، أو تقطيع الأوصال ، خدش حياء الرأي العام الأمريكي ، فقد طفح الكيل بسبعين نائبًا في الكونجرس ، فقاموا بالتوقيع على عريضة تطالب الرئيس (بيل كلينتون) - الذي تأخذ إدارته على عاتقها إحكام حصار صارم على العراق - تطالبه بتخفيف العقوبات التي ألحقت ضررًا فادحًا بالشعب العراقي . ونشرت أحد الصحف عن أم رمت بأطفالها من فوق جسر الأئمة في بغداد والسبب في ذلك أنها لربما تراهم يتضورون جوعا وليس لديها ما تطعمهم وفي ظل هذا الوضع اللإنساني، والأخلاقي المشين ، جاءت استقالة (هانز فون سبونيك) المنسق في هيئة الأمم المتحدة للنشاطات الإنسانية في العراق ، كصرخة ضمير احتجاجًا على إبادة أطفال، ونساء، وشيوخ العراق بدم بارد، فهذا الدبلوماسي الألماني المحترف الذي أمضى ثلاثة عقود ونصف في هيئة الأمم المتحدة قال بصراحة في مقابلة مع الجزيرة: إن ما يجري في العراق مأساة حقيقية ، وإنه يرفض أن يكون واحدًا من المسئولين عن هذه المأساة .
ومن منظور عراقي فإن استقالة مسئولي الأمم المتحدة تفضح أساليب الخداع التي تمارسها الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية لتضليل الرأي العام العالمي تجاه ما يجري في العراق من جرائم ترتكب باسم الإنسانية .
هذا وإن الدفاع عن القضية العراقية من واجبات الدين والعقيدة ، ومن مستلزمات الأخوة الإيمانية ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) وقال تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) وروى البخاري ( 2442 ) ومسلم ( 2580 ) من طريق الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ... ) وقال صلى الله عليه وسلم (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) رواه البخاري في صحيحه (2443) من طريق حميد ، عن أنس ، ومسلم (2584) من طريق زهير ، عن أبي الزبير عن جابر .
وقال البراء بن عازب رضي الله عنهما : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع ، الحديث ... وفيه وأمر بـ ( نصرة المظلوم ) رواه البخاري (2445) ومسلم (2066) في صحيحيهما من طريق الأشعث بن سليم ، قال : سمعت معاوية بن سويد بن مقرن : سمعت البراء .
والنصرة تتمثل بكل شيء يتقوون به على رأس الكفر العالمي من المال والنفس والدعاء لهم ، والقنوت في الصلوات الخمس ، ومن علم أنه قد حلت بالمسلمين نازلة من الجوع ، والعري ، والقتل ، والتشريد ، ولم ينصرهم وهو قادر على ذلك ، فقد آتى ذنباً عظيماً . وما من شك أن التخاذل في هذه المواقف يجر على المسلمين ، الذلة ، والصغار والخزي والعار
حتى متى تخفضين الرأسَ للذنبفي كل ناحيةٍ صَوْت المنتحبِلكل باغٍ ومـأفونٍ ومغتصبِ
يا أمةً طالـما ذلّت لقاتلها حتى ... متى تخفضين الرأسَ للذنب
ألا ترين دماء الطهر قد سُفكت ... في كل ناحيةٍ صَوْت المنتحب
حتى متى تقبلين الضيمَ خاشعةً... لكل باغٍ ومـأفونٍ ومغتصبِ
وأما الذين يناصرون الكفرة الصيلبيين على المسلمين المستضعفين ، سواء كانت المناصرة بالسلاح ، والقتال ، أو المال ، والمشورة ، وتسهيل الوسائل والإمكانيات ، فهؤلاء منافقون ، قال تعالى ( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139) وقال تعالى ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) .
و الدفاع عن الشعب العراقي لا يعني بوجه من الوجوه الدفاع عن النظام العراقي أو البعثي الخبيث صدام حسين ، وزبانيته ، فهؤلاء شرذمة مجرمون ، فصدام رجل شرير كان شؤماً على العراق ، وإن فترة حكمه هي الأسوأ في تاريخ الأمة المعاصرة وربما في تاريخها كلها ، لقد ارتكب ضلالات كبيرة ، واتخذ قرارات مهلكة أركست الأمة في أزمات بل كوارث سياسية هي من الخطورة بمكان ، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً سيراً على خطى فرعون من قبل ( مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ ) والتزاماً بتعليمات أستاذه من قبل ميشيل عفلق الذي قال ( إن القدر الذي حملنا رسالة البعث أعطانا الحق في أن نأمر بقوة ، ونتصرف بقسوة ) فطبق صدام هذا الهمجي هذا المنهج المأفون ، فتعامل بقسوة مع شعبه وجيرانه وصديقه قبل عدوه ، وتصرف بحمق وجهل وظلم فكان على أمته أشأم من عطر منشم .
إن تاريخ صدام مليء بالظلم والكبر وعبودية الذات ، وجرائمه النكراء تمثلت في إبادة أربعة آلاف قرية كردية وخمسة وعشرين مدينة ، وآباد أيضاً أكثر من مائتين وخمسين ألف قتيل كردي برئ بأسلحة كيمائية وغازات سامة ، وكل ذنبهم أنهم مسلمون ، وقد فوجئوا بالموت يطوقهم من كل جانب الرجل في عمله ، والمرأة تعمل في بيتها أو حقلها والطفل يلعب في الشارع أو ساحة بيته ، أحرق الزرع وأباد الحيوانات ودمر الأرض .
وفي يوم من الأيام أملى عليه هواه وشيطانه ، أن الجميع يتآمرون عليه وعلى حزبه وعرشه فأخذ يخطف الأطفال الأبرياء ويعذبهم لينتزع منهم اعترافات غير صحيحة على آبائهم ، ويستخدم في ذلك طرقاً فضيعة في التعذيب حيث كان يأمر طغاته وجلاديه بقلع عيون ضحاياه من الأطفال وذلك لأجل أن يعترفوا على آبائهم حتى قاموا بإعادمهم بحجة الخيانة ، وسجن الآلف من الأبرياء ، كما أنه يستعمل الصدمات الكهربائية والجلد والضرب لتعذيبهم ، وأدهى من ذلك وأمر أنه وصل إلى الاعتدائات الجنسية عليهم ، وتاريخه مليء بمثل هذه الأفعال البشعة اللئيمة .
لقد كان وجود صدام وأمثاله من المصالح التي كسبتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، وخصوصاً في الخليج العربي ، وكان وجوده مما خدم الهيمنة والسيطرة الأمريكية ، فلم يكن الرئيس صدام حسين مرفوضاً من الغرب قط كلا ، وبالأخص من أمريكا وقد أكد ذلك هارولد براون وزير الدفاع في حكومة جيمي كارتر حيث قال ( إن التوجه العلماني في العراق في بناء الوطنية يجعله أقرب للغرب وأقل تهديداً من إيران ) ويقول كولن باول رئيس هيئة الأركان في حرب الخليج (إن من غير الحكمة أن نلطخ اسم صدام وسمعته ! وننعش آمال الجماهير ونحرضهم ضده ، ثم نتركه وشأنه بعد ذلك) وعند ما زار وزير الدفاع الأمريكي اليهودي وليم كوهين إحدى القواعد الأمريكية في المنطقة عام 9/2/1418هـ ، قال مخاطباً الجنود الأمريكيين (إنني متأكد من أن كثيراً منكم يتساءلون من وقت لآخر عن سبب وجودهم هنا ، وعما إذا كان ضرورياً ؟ إن الجواب هو نعم : لأن الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية كبيرة (لاقتصادنا) وبالنسبة لبقية العالم ، إن بلادنا ينبغي أن تحمي منابع النفط في الخليج ، ولهذا فإن الأمن في هذه المنطقة سيبقى ذا أولوية لوقت طويل) ونشرت صحيفة نيويورك تايمز في عام 1998م ، عن أحد المسؤولين الأمريكيين قوله (لقد فعل صدام حسين لترويج سياستنا أكثر مما فعلنا ... بارك الله في صدام !!) .
وأما الأكذوبة الكبرى التي تجري على لسان (بوش) و(بلير) أنهم لا يضمرون إلا كل خير للشعب العراقي ، وإنما يهدفون السلطة العراقية ، فإن هذا غير صحيح ولا يمت للحقيقة بصلة .
ونحن نؤكد وبكل قوة بأن ، الحصار على العراق لا يقره شرع منـزل ، ولا عقل سليم ، ولا فكر مستقيم بل ولا قانون منضبط .
يقول رامسي كلارك "إن مبادئ القانون والعدالة تدين بقوة هذه العقوبات وتعتبرها إجرامية" وقال هوك ستيفتر "لقد نجح المؤلف أي (مؤلف كتاب التنكيل بالعراق) من خلال وثائقه الوفيرة وبسطها بأسلوب ساخط لا ذع في تسليط ضوء قوي على أكثر جرائم الإبادة الجماعية وحشية في القرن العشرين " وقال الإنجليزي جيف سيمونز في كتابه التنكيل بالعراق "إنني أشعر بالعار المتسم بالعجز إزاء ما حكمت به حكومتي والمتواطئون معها في الإبادة الجماعية ، أولئك المشلولون نفسياً ، ومن ينقلون الشعور بالذنب " .
على أي أساس تعاقب العراق على احتمال أنها سوف تملك قنابل نووية وأسلحة الدمار الشامل بعد عشرين سنة ، بينما الصهاينة في إسرائيل حققت ذلك كله قبل عشرين سنة ، بل ولا زالت في تطويرها ومضاعفتها والصفقات تلو الصفقات في شراء الأسلحة الفتاكة وإعدادها العملي ضد المسلمين وبمساعدات أمريكية متنوعة ومتعددة .
ولماذا لا تعالج الأسلحة النووية في إسرائيل بالدواء الذي تستعمله أمريكا مع أسلحة كوريا الشمالية (النووية!) وأسلحة الدمار الشامل في العراق ، ومن أين التفصيل بين حقوق الأقليات الإسلامية والأقليات غير الإسلامية ، حيث إن الثانية تحظى بالتعاطف الرسمي والشعبي من الغرب الكافر ، بينما الأولى تلاقي الحروب المباشرة وغير المباشرة ، وأحوال الأقليات اليهودية في العالم والبهائية ونحوها في سلام وتمكن ، بينما الأقليات الإسلامية في بورما والفلبين تتعرض للمعاناة يومياً ، وأدهى من ذلك سوء أحوال الأكثرية الإسلامية في السودان والعراق .
ولا يختلف اثنان في أن أمريكا وبريطانيا قد سعدا بإنفاذ سياستهما وإخراجها عبر منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لهما ! وأن حصار العراق دخل ضمن استراتيجيتهما بالمنطقة لشل قدراته التي كان يتمتع بها قبل اجتياحه للكويت .
لقد خرج مفتشو الأمم المتحدة من العراق منذ مدة بعد أن قضوا فيها فترة طويلة بينما صدام يخرق المقاطعة ، ويشتري سلاحاً بمال اتفاق النفط مقابل الغذاء ، إذا كان ذلك الحظر لم يفلح فما دواعي استمراره ، أكثر من عشر سنوات ، تلك فترة كافية ، ولكن أمريكا تفعل هذا وأعظم بحثاً عن مصالحها الشخصية دون مراعاة لمعاناة الأخرين ودون مبالاة بالقوانين الدولية ، ولذلك يقول أشرف بيومي الأمريكي إن أمريكا عطلوا حوالي ألف عقد ، فأي عقد لا يعجبهم فهم على أتم استعداد في إلغائه ، حتى عقود الأكل لا يبالون في منعها ، وحتى العقود التي لها علاقة بالمنشآت البترولية ، وكذلك العقود التي لها علاقة بالزراعة ، والعقود التي لها علاقة ببناء البنية التحتية ، وهي محطات توليد الكهرباء وضخ المياه والصرف الصحي، وهذه هي الأسباب الحقيقية التي تقتل مئات الآلاف من أطفال العراق، أطفال العراق يموتون بتلوث المياه، وتلوث الصرف الصحي ، كما قامت أمريكا بمنع تزويد العراق حتى بالثيران لتحسين الثروة الحيوانية ، أما الشعارات التي ترفع بين الحين والآخر، سبق للرئيس (بوش) أن أعلن أنه ليس لديه أي خلاف مع الشعب العراقي ، فهذا كلام لا أساس له من الصحة ، والدليل على ذلك الواقع ، فقد قام بإلقاء ما يعادل سبع قنابل نووية على العراق في عام 1991 .
إن تدمير قوة الأمة وإرجاعها إلى الخلف ولتنتهي حيث بدأت هو هدف من أهداف أعداء الإسلام ، وقوة العراق كشعب مسلم أمر يخشاه الغرب الكافر ليس لأن صدّاماً لا يسير على ركابهم ومنهجهم كلا ، ولكن لأن القوة قد تصير يوماً من الأيام لمن لا يسير في ركابهم ومنهجهم الضال ، ولأجل ذلك فهم حريصون على تدمير العراق ويخططون لذلك من وقت بعيد ، فقد جاء في مقال نشرته صحيفة "كيفونيم" اليهودية بتاريخ 20/4/1402هـ ( وأما العراق فهي غنية بالبترول ، وفريسة لصراعات داخلية وسيكون تفككها أهم بالنسبة لنا من تحلل سوريا ، لأن العراق يمثل على الأجل القصير أخطر تهديد لإسرائيل ، وقيام حرب سورية عراقية سيساعد على تحطيم العراق داخلياً قبل أن يصبح قادراً على الانطلاق في نزاع كبير ضدنا!) .
|