مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 23-07-2007, 07:41 PM   #4
الطموح99
عـضـو
 
صورة الطموح99 الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
البلد: في مكاني الآن
المشاركات: 836
وكثيراً ما تكون تلك المعاذير، والمسوغات مجرّد أوهام لا حقيقة تحتها، فلا تزال تلك الأوهام تكبر شيئاً فشيئاً حتى تكون لنا سداً منيعاً، حجارتُه سوءُ الظن أحياناً، وتخذيلُ النفس أحياناً، والشك في النتائج والخوف من الإخفاق أحايين أخر.

وقد تكون تلك المعاذير حقيقة، كحال من يتعلل بقلة الذكاء، أو عدم النبوغ، وكحال من يتعلل بسوء الحظ، وقلة التوفيق، وبأن الظروف لم تُواتِه، ولم تأت على وَفْقِ ما يريد، وكحال من يتعلل بتربيته الأولى، وأنه قد قُصِّر فيها، فلم يُوَجَّهِ الوِجهةَ الصحيحة؛ فأخفق، ولم يعد قادراً على استدراك ما فات.



وكحال من يتعلل بالبيئة التي يعيش فيها، أو الصحبة التي ابتُلي بها، وكحال من يتعلل بكبر سنه، أو بمرضه، وضعف قواه، وقلة تحمله؛ فيسوّغ بذلك قعوده وعجزه؛ فمثل تلك الأعذار قد تكون سبباً حقيقياً لدنوّ الهمة، إلاّ أنه لا يليق بالعاقل أن يستسلم لها، أو أن يسترسل معها؛ فمهما يكن من شيء فإن الفرصة متاحة، وإن الباب لمفتوح على مصراعيه لمن أراد المعالي، وسعى لها سعيها.

فالإنسان بتوفيق الله، ثم بعزمه، وهمته، وتربيته لنفسه - قادر على التغلب على كثير من العقبات والصعاب.

وما الصعاب في هذه الحياة إلا أمور نسبية، فكل شيءٍ صعب جداً عند النفوس الصغيرة جداً، ولا صعوبة عظيمة عند النفس العظيمة، فبينما النفس العظيمة تزداد عظمة بمغالبة الصعاب إذ النفوس الهزيلة تزداد سقماً بالفرار منها.

وإنما الصعاب كالكلب العقور، إذا رآك خفت منه وجريت نَبَحَك، وعدا وراءك، وإذا رآك تهزأ به، ولا تعيره اهتماماً أفسح الطريق لك، وانكمش في جلده منك.



فإذا اعتقدت بأنك مخلوق للصغير من الأمور لم تبلغ في الحياة إلاّ الصغير، وإذا اعتقدت أنك مخلوق لعظائم الأمور، وسلكت السبل الموصلة لها - شعرت بهمة تكسر الحدود والحواجز، وتنفذ منها إلى الساحة الفسيحة، والغرض الأسمى - كما يقول الأستاذ أحمد أمين في فيض الخاطر-.


ومصداق ذلك حادث في الحياة المادية، فمن عزم على المسير ميلاً واحداً أدركه الإعياء إذا هو قطعه، وإذا هو عزم على قطع خمسة أميال قطع ميلاً، وميلين، وثلاثة من غير تعب؛ لأن غرضه أوسع، وهمّته المدخرة أكبر.



فلا تتعللْ بقلة الذكاء، وإنما استعمل ذكاءك خير استعمال.

نعم إنك لا تقدر أن تكون في الذكاء مائة إذا خلقت وذكاؤك في قوة عشرين، ولكنك قادر على استعمال ذكائك خير استعمال حتى يفيد أكثر ممن ذكاؤه مائة إذا هو أهمله، كمصباح الكهرباء إذا نُظّف مما علق به، وكانت قوته عشرين شمعة - كان خيراً من مصباح قوته خمسون إذا عَلَتْهُ الأتربة وأُهْمِل شأنه.

__________________
اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني .... آمين.
الطموح99 غير متصل