[ 12 ]
غريبٌ حدثني عن الجهاد !
في اليوم الأول ، وفي القاعة اقترب مني أحد الشباب ، لا زلت أذكر اسمه وشكله ، ودخل معي في الحديث ، وبقدرة قادر ، وخلال دقائق فقط ، اكتشفت أنه أدخلني بطريقة ما في الحديث عن الجهاد في العراق وأفغانستان ... !!
أسأل الله – تعالى – أن ينصر إخواننا المجاهدين والمستضعفين في العراق وأفغانستان وفلسطين والشيشان ، وأن يوحد بين صفوفهم ، وأن يجمعهم على العقيدة الصافية ، وأن ينزل السكينة على قلوبهم ، وأن يسدد خطاهم ، وأن يذل أمريكا وحلفائها وكل الطغاة في العالم . آمين
لكن هذا الشاب ... ماذا يُريد بالضبط ؟!
تعجبت من جرأته في الحديث عن الإعداد ، والإنفاق على المجاهدين .. أمامي ، في أول لقاء ؛ بل في أول دقائق من اللقاء .. ! هل أضحك في وجهه أم أنفجر غاضبًا ؟!! إن كان غيورًا حقًّا ؛ فهل من الحكمة أن تتحدث مع شخص لا تعرفه عن هذه الأمور الحسَّاسة ، وإن كان عَيْنًا – ولا أعتقد أنه كذلك – فهل يُريد أن يحثني ، ثم يقبض علي ..!! تفكير ساذج ومضحك ، لكن الموقف سخيف ، ومع أنه كذلك إلا أنه رسم لي حدودًا في تكوين العلاقات الجامعية ، استمرت معي طوال سنوات الجامعة ، وقد اكتشفت اليوم أنني بالغت جدًّا في رسم تلك الحدود ؛ إذ أتعجب من أصحابي وأصدقائي كيف أنهم يَدْعون أصحابًا لهم في الجامعة إلى شققهم ، وكيف أنهم يُدْعَون كذلك ؛ دليلا على علاقات احترام وتقدير وتعاون وأخوّة بينهم ، وأخوكم في الله ينظر إليهم حاسدًا ، حتى أنني كدت في الفصل الماضي أن أتعرف بالغصب على بعض طلاب قاعتي لكي أدعوهم إلى شقتي ، وأري أصحابي في الشقة أنني أيضًا أستطيع أن أنجح في تكوين علاقات مع زملائي في القاعة ... لكنني لم أفعل .
وهكذا ... ! مرت أربعة سنوات اكتشفت فيها أنني لم أتعرف على أحد من زملائي في الدراسة ، لعل موقف ذلك الشاب كان له تأثيره ، إضافة إلى العقبات التي يرميها داء الخجل في طريقي ، ولم تربطني بزملائي إلا أحاديث عاجلة عن الجدول ، أو الاختبار .. ونحوه ، إضافة إلى الأحاديث اللازمة على كل واحدٍ منا ، وهي ( أحاديث العيون ) أو ( لغة الأعين ) .
وحديثي عن القاعة وطلابها ، والأحداث التي تصنع في تلك الأماكن ؛ سيستمر بإذن الله تعالى خلال هذه الذكريات .