بسم الله الرحمن الرحيم
يالله العجب حينما نرى أُناس يفتخرون بمجالسهم ، وهي مجالس لهواً وطرب ، ونحن لا نفتخر بمجالسنا وهي قائمة على حفظ كتاب الله ونزول السكينة من الله تبارك وتعالى ، وغشيان الرحمة ، وحف الملائكة والذكر في الملأ الأعلى.فهي كرامة ولا تعدلها كرامة.
فائدة:
قال ابن الصلاح في فتاويه:
قراءة القرآن كرامة أكرم الله بها البشر ، فقد ورد أنّ الملائكة لم يعطوه ذلك ، وأنها حريصة لذلك على استماعه من الإنس.[هذه الفائدة ذكرها السيوطي رحمه الله في كتابه الإتقان(1/291)].
وتكمل هذه الكرامة بقراءة القرآن إذا كان بإخلاص ـــ فإن الإخلاص ـــ
كما قال الإمام النووي(رحمه الله):أول مايجب على القارئ أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى.
وقال ابن الجوزي رحمه الله " ينبغي لتالي القرآن العظيم أن ينظر كيف لطف الله تعالى بخلقه في إيصال معاني كلامه إلى أفهامهم ، وأن يعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر ، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ويتدبر كلامه". [مختصر منهاج القاصدين ص14 طبعة دار المنار].
ولاشك أن أفضل الذكر والعلم كتاب الله وحفظه ، والوقوف عند حدوده ومعانيه ، أما الذين يقيمون حروفه ولا يحفظون حدوده ، فإن القرآن حجة عليهم لا لهم ـــ نسأل الله العافية ـــ فهؤلاء ليسوا عن العقاب بمهرب إن لم يتوبوا ، وأما الوعاة الحافظون للقرآن حدوداً وحروفاً فهم المعنيّون (
لا يعذب الله قلباً وعى القرآن).[هذا الأثر رواه الدارمي عن أبي أمامة الباهلي موقوفاً.
قال الرسول صلى اللع عليه وسلم :
يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها.[أخرجه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن عمرو ، وصححه الحاكم والذهبي.
وأخبر النبي عن ارتفاع شأن أهل القرآن به فقال "
إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرون" [ رواه مسلم].
ولك أن تحسب وتقدِّر أي جزاء وثواب يحصل له حين يجزى بالحرف الواحد حسنة ، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله "
من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".[رواه الترمذي].
فعلى من كان من أصحاب القرآن أن يفتخر بهذه الفضائل وأن يسأل الله الثبات على ذلك حتى الممات ، وأن يبادر بالذين لم يلحقوا ، ويقول لهم: بادروا ففي الإمر متسع ، وهلموا قبل فوات الأوان.وقل لهم: قال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - " لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم ".
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين