12-09-2007, 11:45 PM
|
#55
|
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
|
[ 16 ]
في الجامعة !
أنا طالبٌ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة في قِسْم اللغة العربية، وأنتم معي في ( التِّرم ) الأوَّل من العام الدراسي 1424هـ .
في البداية أعجبني تصميم المبنى الرئيسي، واليوم وبعد زيارات لجامعة الملك سعود والإمام بالرياض، وبعد زيارة لجامعة القصيم / المليداء ( الملك سعود سابقًا )؛ صرت أكره ( نعم أكره ) تصميم جامعة القصيم / قسم النظريات ( الإمام سابقًا )، وأشعر بالغيظ حين يسخر أصدقائي الذين يدرسون في " المليداء " من مبنى النظريات، ولا يوجد أكثر غيظا من صاحب حُجَّة يتفنن في إفحامك والسخرية من حُجَجك، أهذا مبنًى جامعي في دولة ثريّة، وفي منطقة حيوية؟!
أستغفر الله العظيم، ربما بالغت قليلا، وإلا.. هل هناك لذة في هذه الدنيا تماثل لذة الدِّراسة في ( بهو ) مبنًى عتيق، لا أعتقد ذلك .
في هذا الفصل أو ( الترم ) وجدت من نفسي حماسًا شديدًا للدراسة الجامعية، وانتعاشًا ينتظرني في كل صباحٍ جامعي، ونعاسًا إلزاميًّا – يقتل الحماس ويُجْدب الانتعاش - في محاضرات بعض الدكاترة الذين طلقوا الأسلوب الجميل كطلاق علي – رضي الله عنه – للدنيا الدنيَّة، وقد جرَّبت إبرة التنويم في المستشفى؛ فإذا تأثير أولئك الدكاترة مقارب لتأثير تلك الإبرة، يا أسفي على درر خرجت من عقول فسيحة الأبعاد، عميقة التفكير؛ لكنها تساقطت من أفواهٍ كليلة المنطق، باردة الأسلوب. وكم من شخصٍ يخرج لنا السمَّ من عقل سقيم، وآخر رخيص البضاعة، وآخر متعالم، لكنهم وجدوا القبول لقوة منطقهم، وجمال أسلوبهم، ولا زلنا – معشر السنَّة – نتذاكر أن المبتدعة انتشر فكرهم بقوة بيانهم، وجمال أساليبهم كالمعتزلة وخلافهم. لازلت أذكر ذلك الدكتور – سامحه الله – الذي كان يُخدّرنا تمامًا بأسلوبه البارد، وشرحه الممل، ثم تراه يزبد ويرعد، ويتهدد ويطرد؛ إن أغمض لأحدنا جفن، أو حانت التفاتة منا نستجدي منها شيئًا من تغيير الأجواء الكئيبة التي تغطي محاضرة هذا الدكتور. ولا زلت أذكر – كذلك – دكاترة أبدعوا في محاضراتهم، وأعانوا طلابهم على الاستمتاع بدراستهم، فاستفدنا واستمتعنا.. أذكر منهم الدكتور المثقف، والمربي الفاضل عبدالعزيز المقبل، ويدرِّس مادة المكتبة التراثية وبعض المواد الأخرى، جمال أسلوب هذا الرجل في طرحه المتنوع، وخطابه الراقي، الرُّجل يخاطبنا نحن، فلا تجده مجرد ملقٍ لكلمات المنهج في الهواء، فمن التقطها وقيَّدها نجح في الاختبار، ومن أهملها ففي ستين داهية! هذا في خطابه، أما تنوع الرجل فاسألوا طلابه عنه –وأنا منهم-: مناقشة عن كتاب ما، أحيانًا يجعل الطلاب يلقون المحاضرة بدلا عنه، كثيرًا ما يكلفنا بكتابة مقالات عن مواضيع معينة يكتب مقدمتها... ونحوها. وفق الله تعالى الدكتور عبدالعزيز المقبل وسَدَّدَ خطاه .
الجانب الإداري لقسم اللغة العربية في الفصل الأول (وطوال سنتين ونصف السنة) كان سيئًا.. سيِّئا جدًّا، في تعامل الإداريين مع الطلاب، وفي الجانب الإعلاني، كان الأمر يصيبني بالقرف الشديد، فطلقت زيارة هذا القسم إلا في حالة الضرورة، لا أعرف سببًا للتعامل القبيح من قبل بعض الإداريين والدكاترة والأساتذة للطلاب، عجيبٌ تفنن بعضهم في أساليب الاستعلاء والتكبّر وقلة الأدب، فهذا إداري يتعامل مع الطلاب بأسلوب وكلاء مدارس التربية والتعليم، يصرخ ويهدد ويزبد ويرعد، وأستاذٌ لا يلتفت إليك وأنت تكلمه، وإجابته عن استفسارك تتدفق من منبع سوء في التعامل، وقبح في الأخلاق، وآخر يغلق مكتبه في حين أنّ طلابًا تركوا محاضراتٍ مهمّة، وصرفوا من نسبة الغياب ما قد يضرهم تكراره؛ لأجل استفسار من هذا الدكتور المختبئ في جحره – واعذروني-، فلا هم الذين حضروا المحاضرة، ولم يغنموا شيئا من سعادة الدكتور، عايشت في ذلك القسم أنواعًا من الشتائم من جميع فئات الطلاب، كلها موجّهة إلى قسم اللغة العربية بدكاترتها وإدارييها، فمن شاتم بأعلى صوته، إلى آخر يشتم كتابة على الأوراق المعلقة (بعض هذه الأوراق يرجع إلى سبع سنوات مضت)، وأقبح الشتم ما تقرأه في أعين الطلاب.
لم تكن تختلف الدراسة في الجامعة في السنة الأولى عن الدراسة في مدارس التربية والتعليم، سوى أننا نخرج الساعة الثانية عشر والثلث، هناك وقت للفسحة يجتمع فيه جميع طلاب الجامعة في ازدحام مقلق، وهو الوقت الوحيد الذي يتيح للطالب فرصة الاستفسار الدراسي والإداري من الدكاترة والإداريين، أما ما عداه فلا بد لديه من التفريط بإحدى المحاضرات، وقد يحالفه الحظ في إيجاد من يملك الإجابة عن استفساراته وقد لا يحالفه – كما ذكرت لكم- .
المستوى الأول/ قاعة أ.. فيها عشت أفضل فصل مرّ علي في الجامعة، حتى على المستوى الدراسي والنفسي؛ ربما يكون ذلك للذّة الجديد.. الله أعلم، لكن الذي أعلمه أنني اجتهدت في ذلك الفصل، ولم تظهر لدي مشكلة الغياب المتكرر الذي طغى علي في ما بقي من دراستي، لأفيق السنة الماضية لأجد نفسي (مكانك سر) أتقدَّم خطوة، وأتراجع خطوات، ولم أحسب تدفّق العمر، ومضيَّ السنوات، وسرعة تتابع الأعوام. أقول في نفسي الآن: لا مشكلة في الفشل حين يُبذل الجهد، لكن المصيبة في نقص القادرين على التمام، أهل الركون إلى الكسل. إن كانت لي من نصيحة لمن هو مقبل على الدراسة الجامعية فهي عدم الغياب نهائيًّا، والمتابعة مع الدكتور، والمذاكرة بجدية (أقلّها قبل الاختبارات وأثناءها). ولجميع من دخل الجامعة، أقول له: إذا كنت في نعمة فَارْعِها. أقرأ في الجرائد، وأتابع في المنتديات، صراخ قوم حُرموا من القبول في جامعاتنا؛ فألوم نفسي على التقصير في رعاية هذه النعمة التي أنا فيها.. كوني طالبٌ جامعي باستطاعتي –بعون الله تعالى- أن أرسم لنفسي مستقبلا مشرفًا، دعوكم من المثبطين، ومن المبالغين، واهتموا بأنفسكم وبدراستكم الجامعية، ولتكن همتكم عالية، ومقصدكم سماويًّا، مهما وجدتم أن الجامعة التي تنتسبون إليها تخلق شيئا من أجواء الكآبة، لا تحفلوا بنتاجها؛ بل اهتموا بنتاجكم، صَدَق من قال : مـن جَـدَّ وَجَـدْ. والله يرعاني وإياكم.
__________________
يا صبر أيوب !
|
|
|