مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 14-09-2007, 06:55 PM   #10
خوي السرور
عـضـو
 
صورة خوي السرور الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2005
البلد: بريدة ـ الاسكان 4 شرق مسجد كعب الإحبار <<< ييزي ؟
المشاركات: 8,848
اليوم التاسع عشر ... الخامس والعشرون من أغسطس

مغص وصداع طوال اليوم ، زائر استثنائي بعد الظهيرة .. أم أربعة وأربعين تزحف على سريري .. لا

رغبة لي بالتهامها، تذكرتُ قصة ذلك الطفل الذي حبسه والداه في حجرة ضيقة ولم يطعماه فأكل

الحشرات ، وفأرا حاول أن يقضم أذنه .. أولئك الذين يعتدون على الأطفال ويعاملونهم بقسوة ينبغي أن

يُحكم عليهم بالصوم لفتراتٍ طويلة .



اليوم العشرون .. السادس والعشرون من أغسطس
غرقتُ لوهلة في عرق زيتي بعد أن استيقظتُ من النوم ، شعرتُ برغبة في التقيؤ بالرغم من خواء

معدتي .

عند الظهيرة رجعت لي آلام المعدة التي اعتدتُ عليها .. ما زلتُ أستطيع العودة لو تتبعتُ خطاي التي

أوصلتني إلى هنا لتمكنتُ من الرجوع إلى الحياة ، ولكن الأمطار محت الآثار .

لعلي أصادف أحدًا لو مشيت ساعة من هنا ، لن أشعر بالخجل لستُ من أولئك المطلوبين من الأمن أو

المطاردين من الياكوزي ، ولن يسيئني أن يكون اسمي على الألسن أو على قوائم المفقودين ، فقط

سأقول لهم الصوم ليس جريمة ..

وسيعود وزني كما كان خمسًا وستين كغ التي فقدتُ أكثرها الآن ، ولكن لا .. هيهات لن أعود لأعيش

كما كنتُ أعيشُ سابقًا .. لا أحب الحياة الفانية التي لا تأثر ولا تأثير ، أنا متلهفٌ للعالم الآخر .. لا شيء

يربطني بهذه الحياة ، أريدُ أن أصوم لأصل إلى هناك فلربما استطعت أن أتعقب ضالة حياتي بالطريقة

التي اصطفيتها.. تمامًا كطقوس ( السوبوكو ) في عالم الساموراي ، عندما كان الواحد منهم يبقر بطنه

بصورة احتفالية كي لا يكون نسيًا منسيّا .

إن لم نستطع أن نكون سوى حجر عثرة في طريق الآخرين فلم لا نمجّد أنفسنا في لحظاتنا الأخيرة ..

أولئك هم المخدوعين .. السذّج ، أولئك هم الذين ضلّوا السبيل فهم لم يجدوا متسعا في حياتهم ليعبروا

عما يختلج في ذواتهم ، فلنمنحهم الاحترام ولو لوهلة قبل الموت ، هذا ما تقوم عليه طقوس السوبوكو

الفعل الذي يذهب بجميع مهانات العالم .. لو بقر الروائي ميشيما يوكيو بطنه بتلك الطريقة كان نصفه

يحاكي طقوس السامراي والنصف الآخر يسخر من المجتمع الياباني ، لذا آثرتُ الموت بالصيام .

بدأت الشكوك تراودني منذ عشرين يومًا وأنا صائم ولم أمت ولكنني نصف ميت تداهمه الآلام كل وقت ..

يبدو أنني سأقضي ليلة رذاذية .



اليوم الحادي والعشرون .. السابع والعشرون من أغسطس

بالأمس كتبت وصيتي , ولم يعد لدي ما أكتبه .. آلام معدتي بلغت ذراها .

سرير القشّ الذي أنام عليه مبلّل بالكامل ،أخرجته إلى الشمس ليجفّ أقل حركة أقوم بها تزيد من

صعوبة تنفسي .. والخفقان يزداد سوءاً . مسحت جسدي بمنشفة مبللة ، جسدي لم يعد يفرز أي عرق

أو زيت . يبدو أن جسدي توقف عن التأيض ، وعن جميع العمليات البيولوجية التي كانت تؤمن له

الحياة.

لطالما تساءلت ماذا لو عثر علي أحدهم قبل أن يأتيني الموت؟

هل سأتنازل عن صيامي ، أم أطالبه بالرحيل عني ؟

في الليل تصلني أصوات الحشرات الليلية : لستَ وحيدًا !!
__________________
في بريدة ستي .. كانت لنا أيام :

http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=262111

( قلب حب 1 )

آخر من قام بالتعديل خوي السرور; بتاريخ 14-09-2007 الساعة 06:58 PM.
خوي السرور غير متصل