..
الانتقائية في الالتزام هي السبب في كل هذا ، يؤخذ الدين في جوانب ، و تتحرج النفوس و تضيق الصدور حين ذكر بعض الجوانب الأخرى ، و هنا يحدث ما ذكره الله تعالى على وجه الذم : {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} ، و يطابق الحال في ذلك ما حكاه الله تعالى عن بني إسرائيل في غير موضوع من كتابه العزيز : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} ..
هذا الخلل يحدث حينما يجهل الإنسان بحقيقة الإسلام ، و أنهُ نظام شامل كامل لا يدع في الحياة شاردةً ولا واردةً إلا بيَّن فيها حُكما ، و أجرى فيها مسلكا خاصاً متفرداً له بريقٌ يمتازُ به عن كلِّ الأنظمة و القوانين و الدساتير .
إن خير أنموذج يُساق في هذا الموضِع هو الرسول عليه الصلاة و السلام ، و لو أردنا استجلاب تلك المواقف لتوافدت على الذهن ، و تسابقت إلى الصفحات ، و لنبعت الأقلام و خطت المُسوَدات ، و هاهي كتب السنن و الصحاح و المسانيد و السِيَر تزخر بتلك الروائع النبوية الكريمة ، في تلك الشخصية الفذة العظيمة ، و منها ما خرّجه البخاري
عن أبي بردة قال : ( دخلت على عائشة فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساء من التي يسمونها الملبدة قال فأقسمت بالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين ) و عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (ما نقصت صدقة من مال ومازاد الله رجلا بعفو إلا عزا أو ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) خرجه الترمذي و قال عنه حسنٌ صحيح .
و على هذا سار الصحب الكرام و من تبعتهم من الأئمة الأعلام ، و قد قال تعالى عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } الآية ..
أعتذر عن الإطالة ، و لولاها لما اضطررت إلى التوقف ..
أشكرك على هذا الطرح المختصر .