نقول مهمة في الموضوع :
1 / في الدر المنثور : ( وأخرج ابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي في الشعب عن الأوزاعي قال : كان يقال : من الكبائر أن يعمل الرجل الذنب فيحتقره . ) فقوله ( الذنب ) يعني بذلك الصغيرة لأنه قال ( من الكبائر ) وقوله ( فيحتقره ) دل أنه يريد الصغيرة فهي التي تحتقر ، ويقصد بذلك الإصرار على الصغيرة ؛ لأن المصر هو الذي يحتقر الذنب ولا يبالي به ، فجعله من الكبائر وأعتقد أنه واضح جداً .
2 / وفي الدر المنثور : ( وأخرج ابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي عن ابن عباس قال : كل ذنب أصر عليه العبد كبير وليس بكبير ما تاب منه العبد . ) ولم أرجع إلى إسناده ولكنه يشهد لقوله المشهور .
3 / نقل البيهقي في الشعب عن الإمام أحمد : ( وفصل بين الفسوق والعصيان ، وفي ذلك دلالة على أن من المعاصي ما لا يفسق به ، وإنما يفسق بارتكاب ما يكون منها من الكبائر ، أو الإصرار على ما يكون منها من الصغائر ، واجتناب جميع ذلك من الإيمان )
4 / ونقل البيهقي عن الحليمي وفيه قوله : ( وتعاطي الصغير على وجه يجمع وجهين ، أو أوجها من التحريم كبيرة ) ثم قال البيهقي بعد كلام الحليمي : ( ودل كلام الحليمي رحمه الله وغيره من الأئمة على أن الإصرار على الصغيرة كبيرة ، وقد وردت أخبار وحكايات في التحريض على اجتناب الصغائر خوفا من الإصرار عليها فتصير من الكبائر )
5 / في كتاب الأثري ( الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة والجماعة ) بتقديم الشيخ الدكتور عبدالرحمن المحمود قال المؤلف : ( أما الإصرار على المعاصي، والاستغراق فيها، والاستمرار عليها، وعدم الإقلاع عنها، وعدم الاستغفار والتوبة منها، وعزم القلب عليها، أو الفرح بفعلها؛ فحكمها عند أهل السنة والجماعة كحكم مرتكب الكبائر )
6 / في تهذيب الآثار للطبري يتكلم عن الإيمان قال : ( إنما هو المعرفة بالقلب ، والإقرار باللسان ، والعمل بالجوارح ، واجتناب الكبائر ، وترك الإصرار على الصغائر ) فإنه لم يدخل ترك الصغائر بل أدخل ترك الإصرار عليها فألحقه في حكم الكبائر .
7 / في شرح مسلم للنووي : ( قال العلماء رحمهم الله والاصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة وروى عن عمر وبن عباس وغيرهما رضى الله عنهم لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع اصرار معناه أن الكبيرة تمحى بالاستغفار والصغيرة تصير كبيرة بالاصرار قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام فى حد الاصرار هو أن تتكرر منه الصغيرة تكرارا يشعر بقلة مبالاته بدينه اشعار ارتكاب الكبيرة بذلك قال وكذلك اذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع بحيث يشعر مجموعها بما يشعر به أصغر الكبائر )
8 / قال ابن بطال في شرحه : ( والمحقرات إذا كثرت صارت كبائر بالإصرار عليها والتمادى فيها، وقد روى ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أسلم أبى عمران أنه سمع أبا أيوب يقول: إن الرجل ليعمل الحسنة فيثق بها ويغشى المحقرات، فيلقى الله يوم القيامة وقد أحاطت به خطيئته، وإن الرجل ليعمل السيئة، فما يزال منها مشفقًا حذرًا حتى يلقى الله يوم القيامة آمنًا. )
9 / قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح العقيدة السفارينية على كلام المؤلف في نظمه لعقيدة أهل السنة :
ويفسق المذنب بالكبيرة كذا إذا أصر على صغيرة . قال الشيخ : ( فالفسق شرعاً : فعل الكبيرة أو الإصرار على الصغيرة . إذا زنا المرء صار فاسقاً ، إذا أصر على شرب الدخان صار فاسقاً ، إذا شرب الخمر مرة واحدة فقط صار فاسقاً لأنه كبيرة ) ثم قال في شرحه لكلمة يفسق : ( خلافاً للمرجئة ، لأن المرجئة يقولون : إن المذنب لا يفسق بالكبيرة ولا بالإصرار على الصغيرة بل هو مؤمن كامل الإيمان )
10 / تقدم في رد سابق النقل عن أبي طالب المكي أنه جمع الكبائر من أقوال الصحابة فذكر منها ( الإصرار على المعصية ) .
ولعل هذه النقول كافية إن شاء الله لبيان قوة هذا القول وأنه من عقيدة أهل السنة والجماعة حتى لو لم يكن من كبار مسائل العقيدة ولكنه يبقى هو المشهور عند السلف والله أعلم .
وأحب أن أسأل المتزن هذا السؤال لأهميته عندي لكي أعرف ماهو رأيه بالضبط :
ما حكم الإصرار على الذنب ؟ كبيراً كان أو صغيرا ؟
وللتوضيح : ما حكم من يصر على شرب الدخان ولا يستغفر بل غير مبالي بالمعصية ؟ هل تكفر عنه هذه المعصية وماذا عن الإصرار هل يكفر أيضاً ؟ علماً بأنه يصلي .
__________________
قال صلى الله عليه و سلم:(( مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ العلى العظيم ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ )) رواه البخاري .تعارَّ من الليل : أي هبَّ من نومه واستيقظ . النهاية .
|