الموضوع: ( - ) و ( + )
مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 01-10-2007, 01:26 AM   #62
كرمع
كاتب متميّز
 
صورة كرمع الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2004
البلد: بريدة
المشاركات: 541


عادة ..الأعمال تنطفىء يوم الجمعة .. وينفض السامر .. ويتفرق الجمع ..وتعود الطيور إلى أكنانها..
ولكن الحديث الآن ليس عن يوم الجمعة.. إنه حديث عن أبي سليمان وقصة النهاية التي وقعت له .. حينما كان قافلا في الطريق الطويل النحيل المتعرج والذي يأتي من المدينة النبوية.. كانت بدايتها عندما اتصل به صاحبه إبراهيم مساء الجمعة وكان متوترا إلى درجة بالغة وهو يقول له:
- والله يا أبو سليمان لو الموضوع ما يستاهل مااتصلت عليك ..
- خيرا إن شاء الله .. آمر ..
- ..........................
- حسنا .. أخبر أهلي فقط وآتيك حالا..
كانت أمه تلح عليه أن لايذهب ولكن بطريقة الناصح كأن تقول له:
- وهل بمقدورك أن ترجع إلى الجامعة غدا السبت ؟
- إن شاء الله .. وإذا تأخرت أوغبت فليست هناك مشكلة كبيرة فالغياب قليل عندي أصلآ..
- وتعود لوحدك ؟
- يقول إبراهيم بأنه أخبر أحد الأخوة ليذهب معنا .. ويعود معي ..
لو لم يكن أبو سليمان من الذين يهبّون فزعين عندما تطلب منهم المساعدة لما اتصل به ابراهيم وهو الذي يريد منه أن يوصله بشكل عاجل إلى المدينة المنورة حيث الامتحان يوم السبت في الجامعة .. وحيث أنه قد تعطلت به سيارته ذلك المساء!!
ولكن أحدا من الأصحاب لم يوافق على مرافقتهما ومن ثم العودة مع أبي سليمان في الطريق.. للمرافقة فقط !! والطرق في هذا الوقت مأهولة وغير مخوفة ولله الحمد سوى في بعض الأوقات عندما يخرج فيها الشيطان من باطن الأرض ويهجم على الإنسان على أي صورة شاء.. كما حصل لأبي سليمان وهو يودع إبراهيم في ساعات الليل الأولى في المدينة ويجيب على إلحاح إبراهيم في المبيت لديه والعودة من الغد:
- لا .. أنا نشيط الآن.. وسأواصل الطريق ..
- أستودعك الله الذي لاتضيع ودائعه..
يخيل للإنسان وهو يحس بنشوة ما أنه قادر على مقاومة ماقد يعرض له .. ولكن الضعف البشري يكذب ذلك .. والشيطان يصدقه وهو الذي كان على موعد مع أبي سليمان في عرض الطريق
إن أبا سليمان بعينيه الضاحكتين -قبل أن يضحك صدره -وبسحنته البريئة يرغمك على محبته والخوف عليه من أن يناله أي أذى !!تماما كما تخاف على ولدك الصغير من غصص الحياة القادمة..
حالة النشاط التي ألحفت على أبي سليمان حتى قطع ثلثي الطريق خارت قواها هي الأخرى .. وصار الطريق في عينيه مزيجا من الأضواء.. أو مزيجا من الظلام والظلام ! هكذا كان يرى الطريق وهو لايكاد ينفض رأسه من النوم حتى يستيقظ على صوت وطء العجلات على عيون القطط في حافة الطريق!!
حالة بئيسة .. في الوقت متسع.. وقد قطعت أكثر المسافة .. هذا النداء جاء بلا صوت حيث نفسه كانت تخاطبه من داخله.. واستمر الخطاب: وعلى فرض أنك نمت على الطريق وأنك لم تصل في الغد.. في أسوأ الأحوال ستكون قد فقدت يوما دراسيا واحدا فقط..
وكثير من الحوادث المؤلمة كانت سببها إغفاءة يسيرة..
ثم إن حالات النعاس الشديدة كهذه يمكن الإنفلات من قبضتها بغفوة لدقائق معدودة..
كثيرا ما تحدث الناس بهذا بل يثبتون ذلك بالتجارب.. لم لايكون هذا الآن؟
في طريق المدينة القديم .. هل ثمة فنادق تفي بالحاجة ؟
ربما يحدث ماخفت منه أثناء البحث عن مكان مناسب جدا.. والضرورة لها أحوال .. كان أبو سليمان يهز رأسه موافقا طوال فترة الحوار بينه وبين نفسه .. فتنحى عن الطريق وتحين موضعا بعيدا عن الضوضاء وغير قريب من النور..أوثق لثامه.. وتقنفذ داخل فروته.. وأضجع مقعد السيارة.. وأقفل الأبواب.. ونام بأمان..
وتلك سيارته الصغيرة على طرف بعيد من أحد محطات الوقود الصغيرة ومن حوله الليل.. والبرد .. والصمت.. والصحراء.. والوحدة.. وأصوات سيارات غير محددة تأتي من بعيد .. يزداد صوتها شيئا فشيئا.. ثم يختفي شيئا فشيئا..
وبعد ساعة من نومه .. وفجأة ..
السيارة تهتز!!
صوت ما دخل إلى اذنه!!
حلم؟
هل هذا حلم ؟
لا..
فتح عينيه حينما عاد إليه وعيه شيئا فشيئا .. وتذكر بأنه وحيد في داخل سيارته في هذه الأرض البعيدة ! وأنه في الهزيع الأخيرمن الليل وعلى قارعة طريق يعد الإستنجاد فيه ضربا من ضروب المستحيل!!
السيارة تهتز مرة أخرى ؟
هل كان لصا يريد إثارته ليفتح الباب ؟
صوت همهمة غريبة خارج السيارة !
هل هي أرض جن ؟
كان أبوسليمان يصطلي بدوامة التفكير وهو بعد لم يرفع رأسه ..
لابد من حل عاجل .. لابد أن أتشجع الآن وأقرر قرارا ثم أقوم بتنفيذه ..
مد يده إلى المفتاح بكل هدوء ..
ثم شغل المحرك بشكل عاجل وأسرع بكل قوة المحرك ..
حالة من الهلع تزامنت مع صراخ المحرك الشديد
وثار النفس وتصاعد ..
وحينما ابتعد من المكان حرف سيارته نحو الموقع ..
وهناك في البعيد .. حيوان ذو لون رمادي له أذنان طويلتان يركض نحو الجبل !
كرمع غير متصل