أحبتي الحلوين :
من المعيب فينا - وأنا أولكم - أننا ربما نصادر آراء الآخرين , ونتهمهم بالتحيز لفئة , أو منقلبين على أعقابهم .
هذا الحديث وغيره من الأحاديث أشك فيها , ليس من ناحية السند , ولا غير السند , وإنما من النص .
كان بودي أن يناقشني أحدكم بتأريخ حوار معاذ مع النبي - عليه الصلاة والسلام - فلربما كان في بداية إسلامه , أي ومعاذ في سن 18 من عمره .
لكنني أجد أن ابن 18 يحمل عقل ابن 40 في عصرنا هذا , كما هو معروف .
لا بأس حين أشك في نص الحديث , ولم أشك في قول النبي أو أطعن في مقصده حاشا لله , فأنتم تعلمون أن كثيرًا من الأحاديث قد وضعت وكذب فيها حين تأخر زمن تدوين الحديث إلى زمن عمر بن عبد العزيز , وعلم الجرح والتعديل قد اهتم في هذا , ولكن لا يعني هذا صحة كل الأحاديث التي بين أيدينا , فكلما طال الزمان أتى من ينقح الأحاديث , ففي الصحيحين أحاديث ضعيفة مختلف فيها كما هو معروف , وهما من هما في صحتهما .
أما بعد :
كثير من المداخلين أراهم مفلسين بلا شك , فهم لا يتحدثون عن مضمون المقال , وإنما يتجهون إلى شخص الكاتب , وقد علمنا أن النقد هو للمكتوب دون الكاتب .
مصيبة حين يكون العقم في الرأي وفي الحجة , إنني أشبه مثل هذا بمن يستخدم الضرب في التربية أولاً , لأنها أخصر طريق للعقاب , فمبدأه الترهيب قبل الترغيب .
أعلم أن كثيرًا منكم غاضب عليَّ , ولكن الحق أن تغضبوا من أنفسكم , إذ قصرت أفهامكم عن إدراك فهمكم لمقالي .
إنني أرى الحديث مكذوب لما ورد فيه من سؤال لا يصدر عن معاذ البتة , وإنما من جاهل بفحوى اللسان , وعقدة الكلمة , وأن الكلمة مطية صاحبها .
لا تصادروا الآراء فتكون عقولكم متحجرة , واقبلوا الرأي الآخر , وصوبوا , فلربما أكون مخطئًا , أما أن تجادلوا في شخصي , وفي البحث عن اسمي الصريح ؛ فلا أراكم مصيبين البتة , بل أنتم مغرضون ناقمون بلا طائل .
بإمكانكم أن تحرجوني بتخطئتي فيما جاء في مقالي , لكنني لا أحرج من سخريتكم حين أعلم أنكم ناقصوا عقل ودين .
تحياتي أحبتي الحلوين
.