مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 18-10-2007, 12:18 PM   #229
برق1
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2002
البلد: السعودية
المشاركات: 1,743
الأخ المتزن :

وبعد أن تركتك تتمعن ذاك النص عن الآئمة , أقول :
أوضحت لي في ردك الأخير بعد ليّ طويل منك أنك لم تفهم من كلامي أنني أشمل به حديث النفس بالمباح والمستحب والواجب , وكان كلامي نصه :
" كل حديث نفس حسب علمي صغر أو كبر يؤاخذ عليه الشخص ما لم يتب منه ويقلع عنه وهو كغيره إثم يتطلب التوبة , ولا تكفره المكفرات دون إقلاع وتوبة "
سرّني أنك لم تفهم هذا , لكونه لا يعقل .
وما دمت تعرف أن قصدي هو حديث النفس بالمعصية لا بالطاعة, فأحب أن تتنبه إلى ما يلي :

أولا :
كان قصدي بهذا الكلام المقتبس أعلاه وفق ما يلي :
قلت ( ما لم يتب منه ويقلع عنه )
فقصدي أنه إن لم يتركه الإنسان ( يقلع عنه ) خوفا من الله ومن عقابه ورجاء لله ولثوابه ( وهذه هي التوبة ) فإن الله يؤاخذ بحديث نفسه هذا .
وهذا من الشخص هو الإصرار , الذي لا تغفر معه الذنوب كبيرها وصغيرها وحديث النفس منها .
وهذا منسجم مع كل كلامي الماضي كله .
وقد اختصرت لك تلك العبارة اكتفاءً بعلمك ما كنت بيّنته لك تكرارا من حد ( الإصرار ) الذي لا يغفر معه حديث النفس صغيرا أو كبيرا .
تمثيل :لو أن شخصا خطر على قلبه سؤال هل الله موجود حقا ؟! وإن لم يتكلف استحضاره عمدا , فهذا ينزع عن فكره هذا ويطرده وهو الإقلاع والتوبة , فإن استرسل وتردد في نفسه وصار محل شكوكه لا ينزع عن هذا أثم ؟
لو أن شخصا هم بالنظر لامرأة لا تحل , فتذكر الله فرجع عن هذا فهي التوبة والإقلاع , وإن ترصّد وداوم الطلب , لكنه لم يحصّل مراده بعوارض تحصل لا لخوف الله ورجائه والحياء منه فمؤاخذ .
وبالتالي فكل حديث نفس بإثم لم ينزع عنه لله بل تشربته النفس وأصر عليه المرء وعزم أوخذ به , وهو مرادي
فإن ذهبت نفسك إلى الخواطر التي تعرض وتزول , فاعلم أن زوالها هو الإقلاع عنها عينه وهو التوبة أي الرجوع عنها , أما لو تمثّلها ولازمها واستمرأها القلب لا يلوي على ربه فإنه الإصرار والإثم .

ثانيا :
أعجب من كونك تصوّره على معنى تريد أن تذهب بذهن القارئ إليه ! وكأنه خطأ فاحش يبطل كل اقوالي وحواري !
فأنا قائل الكلام , وأنا الذي أملك تفسيره ما دمت حاضرا , أليس كذلك ؟ فما دمت أرفض تفسيرك فالحق معي فأنا صاحب القول !
فقط عليك أن تدينني بما أصررت عليه من الخطأ . لا أن تجبرني على أنني أقصد كذا .

ثم إنه من العدل والعلم والحكمة و الأدب مع الرجال ألا تفسّر كلامهم وتحكم بمذهبهم في مسألة إلا بعد استقراء كامل حديثهم في المسألة
وأنت بترت سطرا من مجموع كلامي في حواري الطويل معك , وأفرغته من سياقه لتقول للناس إن برق1 يقول كذا !

ثالثا :
وبعد ما سيق :
فخذ شاهدا من كلامي السابق لتلك العبارة يبطل ما تريد صرف أذهان القراء الكرام إليه , فعبارتي وردت بالتعقيب 194
وإليك ما كان قبلها
ورد في تعقيبي 177 :
اقتباس
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " قال الله عز وجل : إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل , فإذا عملها فأنا أكتبها بعشر أمثالها , وإذا تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها , فإذا عملها فأنا أكتبها له بمثلها "
وقال عليه الصلاة والسلام : " إن الله تجاوز لأمتي عمَّا حدَّثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل "
وهذان الحديثان يدلان على أن الإصرار لا يكون إلا مقروناً بالفعل والعمل .
فالإصرار ذنب , وبما أن الإصرار ذنب , فلا يصح أن نعتبر مجرد انشراح القلب لفعل الصغيرة إصراراً فضلاً عن أن نعتبره إصراراً يصيـّر الصغيرة كبيرة .

جواب :
اختلطت عليك الأمور
فتحديث النفس بالإثم غير انشراح القلب به
مثال :
رجل حدّثته نفسه وسوّل له الشيطان أن ينظر وجه جارة له ليتمتع بجمالها , فعزم على مخاتلتها وهو يتوجس اطلاع الله وتعتمل في نفسه مخافته لكن الهوى غلاب لكن مع وجود منادي الخوف والحياء من الله في القلب , فهذا عزم ولا إصرا , ولهذا تجده إذا ارتكب هذا الإثم ندم ولام نفسه , أمّا لو عزم أن ينظر غير مبال بالله وسخطه ولا مستشعر الخوف منه فعزم مع الإصرار , ولهذا لو ارتكب فلن يتحرك قلبه بندم أو ملامة أو خوف أو حياء من ربه .

اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها المتزن
لم أفهم ما تعنيه بالضبط , ولكن الذي فهمته يدل على أنك أتيتَ لنا بفهم جديد لا يخلو من اضطراب في المقاييس وتخبط في الموازين .
فأنت تنظر لكل صغيرة على حدة .
وهذا يعني أنه قد تكون الصغيرة الأولى كبيرة بينما قد تبقى الصغيرة العاشرة صغيرة .
فهلا وضحتَ لنا هذا الأمر ؟؟!!
وهلا أخبرتنا من أين أتيتَ لنا بهذا الفهم الجديد ؟؟؟!!!

جواب :
نعم , كل صغيرة بحسب حال فاعلها , من استشعار الخوف والحياء من الله والندم والاستغفار , من كان هكذا فصغيرة , ومن حمل قلبه الانشراح لها وعدم المبالاة بمقام ربه فكبيرة , وقس عليه كل صغيرة بعدها حتى تنتهي خانات الأرقام .
وليس هذا بفهم جديد ولا هو قولي , بل قول العلماء . وقد ذكرت لك سابقا وذكر لك غيري ما يكفي , ومع هذا اقرأ قوله :
" وأحوال المكلف بالنسبة لما يصدر منه من صغيرة وكبيرة خمسة : أحدها أن لا يصدر منه شيء فهذا ترفع درجاته . الثانية يأتي بصغائر بلا إصرار فهذا يكفر عنه جزما . الثالثة مثله لكن مع الإصرار فلا يكفر لأن الإصرار كبيرة ."
تأمل قوله أن يأتي بـ( صغائر , مع الإصرار ) إذن فهناك صغائر من دون إصرار , وهذا ما أكده الشيخ في آخر النص كما ترى , قال : ( والثالثة مثله لكن مع الإصرار) فالتعداد ليس إصرارا هنا وإنما الإصرار حال المذنب مع الذنب .


واعلم أن الإصرار على حديث النفس هو كالإصرار على المعصية تماما , إن لم يصر غفر له , وإن أصر لم يغفر له وهذا كله بمشيئة الله تعالى .

رابعا :
لكي لا تذهب بك نفسك عن الحق بعيدا , أو تشغل القارئ بسفسطات كعادتك , فإليك ( بعضا ) من كلام أئمة العلماء , نوّعت جمعه بين المتقدمين والمتأخرين عن المؤاخذة بـ( كل ) حديث نفس مصرّ عليه :

1- الإمام مسلم :
وضع بابا عنوانه:
" باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر "
وهذا العنوان ذاته يردّ كلامك الباطل وهو أن حديث النفس كله يغفر مالم يعمل بما حدث نفسه

2- قال النووي في شرحه لمسلم :
" فأما الهم الذى لا يكتب فهي الخواطر التى لا توطن النفس عليها ولا يصحبها عقد ولا نية وعزم ...... وقد تظاهرت نصوص الشرع بالمؤاخذة بعزم القلب المستقر ومن ذلك قوله تعالى ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم الآية وقوله تعالى اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن إثم "
3- قال الإمام السيوطي في " شرح سنن ابن ماجة " :
" وأما العزم فالمحققون على انه يواخذ به وخالف بعضهم ... "

4- قال المناوي في الفيض :
" فلا مؤاخذة بحديث النفس ما لم يبلغ حد الجزم وإلا أوخذ به حتى لو عزم على ترك واجب أو فعل محرم ولو بعد سنين أثم حالا "

5- قال العطار في حاشيته على شرح الجلال لجمع الجوامع :
" فَعُلِمَ أن ما يجري في النفس على خمس مراتب :
الأولى : الهاجس , وهو أول ما يُلْقَى فِيها .....والخامسة : الْعَزْمُ , وهو الجزم بقصد الفعل , ويقع به المؤاخذة والثواب , لحديث الصحيحين : { إذا التقى المسلمان بسيفيهما ..... } "

6- قال القاري في مرقاة المفاتيح :
" قال صاحب الروضة في شرح صحيح البخاري المذهب الصحيح المختار الذي عليه الجمهوران أفعال القلوب إذا استقرت يؤاخذ بها فقوله إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها محمول على ما إذا لم تستقر ذلك معفو بلا شك لأنه لا يمكن الإنفكاك عنه بخلاف الاستقرار"

وقال :
" ثم نقل صاحب الأزهار عن الأحياء ما حاصله أن لأعمال القلب أربع مراتب الأول الخاطر ..... والرابع تصميم العزم على الإلتفات وجزم النية فيه ونسميه عزما بالقلب ......وأما الرابع وهو العزم والهم بالفعل فإنه يؤاخذ به وعليه تنزل الآيات التي دلت على مؤاخذة أعمال القلوب إلا أنه إن ترك خوفا من الله تعالى كتبت له حسنة لأن همه سيئة وامتناعه عنها مجاهدة مع نفسه فتكون حسنة تزيد عليها وإن تركها لعائق أوقاتها ذلك لعدم الحصول كتبت عليه سيئة للعزم والهمة الجازمة والدليل القاطع على ذلك قول رسول الله في الحديث الصحيح المتفق على صحته { إذا التقى المسلمان بسيفيهما .... } "


7- قال محمد بن عثيمين في جواب لسؤال ورده ( شرح منظومة القواعد والأصول ) :
" أولا: إن حديث النفس لا يشتمل على هم ولا على عزيمة، وإنما يحدث نفسه هل يفعل أو لا يفعل؟ لكن لم يهم، فهذا معفو عنه؛ لأن الشيطان دائما يلقي في قلب الإنسان ما يحدث به نفسه ......وأما الهم فإنه مرتبة فوق التحديث، يعني يحدث النفس ثم يهم ويعزم، هذا هو الذي يعاقب عليه ما لم يدع المحرم الذي هم به لله، فإن ترك المحرم الذي هم به لله فإن الله تعالى يكتبه حسنة كاملة؛ لأنه تركها -أي المعصية التي هم بها- خوفا من الله وإخلاصا لله؛ فكتبت حسنة كاملة، فيجب الفرق بين الحديث وبين الهم...... "

8- وقال محمد عطية سالم في شرح بلوغ المرام :
" (.... ومن هم بسيئة فلم
يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة )، فهنا الهم العزم
والرغبة، لكن هذا الهم بالحسنة أو بالسيئة والرجوع عنها ليس بالعزم
القاطع، بخلاف ما جاء في الهم القاطع الذي لا يمنعه عنه إلا ما هو
فوق قدرته "

9- قال محمد أنور شاه في فيض الباري :
" فالخاطِر اسمٌ لما يخطر ببالك، ولا يكون له استقرار في الباطن , فان استقرَّ شيئًا يقال له: الهاجس ، وإن استقر ولم يخرج، ولكن لم يترجح أحدُ جانبي الفعل أو الترك عندك ، يقال له: حديث النفس ، فإن تَرجَّح، وتَرَدَّدت فيه النفس فَهَمٌّ , وإن أَجْمَعَتْ عليه فعزم . ثم إن الثلاثة الأُوَل عَفْوٌ في طَرَفي الطاعة والمعصية، فلا ثواب عليها ولا عقاب ، أما الهُّم فهو عَفْوٌ في جانب المعصية، ومُعتبرٌ في جهة الطاعة.
بقِي العَزْم، فإنه مُعتبر في الجهتين , ومَن ظن أنه عَفْوٌ لهذا الحديث فقد غَلِط."

وقال في ( العرف الشذي )من كلام طويل نفيس:
" لا إثم ما لم يصمم .... "

هل فهمت الآن كلامي على محمله الذي ( أردت به ) ؟
وهل لديك اعتراض الآن ؟ أم أنك تراه الحق ؟
أنتظر إجابتك .

وإني وقد أبديت لك معنى كلامي , وفسرته بكلامي السابق الذي لا يخفاك
أقولها لك ولكل قارئ كريم , إن كنتم فهمتم كلامي على غير قصدي فمعذرة إليكم فقد كنت اختصرت اكتفاء بسابق أحاديثي هنا , وأن كلامي يشرح بعضه بعضا
فإن كان كلامي دل على غير ما قلت به الآن من شرحه فإني أعتذر وأسيتغفر الله منه , فالحق أحق أن يتّبع .
وحسبي أنني والله الذي لا إله غيره لم أرد غير هذا المعنى الذي شرحته الآن والذي هو معنى كلامي عموما عن الإصرار

وختاما :
فليس الأمر عندي عسفا وتكلفا كما تصنع , فالقول بالمؤاخذة مع الإصرا ر قول الجمهور , وقلت قول الجمهور لأن ( بعض ) العلماء نسب للشافعي أنه لا يرى المؤاخذة ! بينما كلام الشافعي بظني لا يذهب إلى ما فهموا عنه .
أما القول بأن الصغيرة مع الإصرار تنقلب كبيرة أجمع عليه كل من تحدث بالمسألة من العلماء بحمد الله , والإجماع كما تعلم لا يخرمه إن شذ عنه عالم جليل أو اثنين دون دليل معتبر .
وحديثي معك مستمر إن شاء الله تعالى حتى تعجز أو تهرب .
__________________
إذا قرأت توقيعي فقل :
لا إله إلا الله
هي خير ما يقال , وبها تكسب أجرا وتطمئن نفسا

***
في حياتي
سبرت الناس
فلقيت عند قلـّة معنى الوفاء
وقرأت في سلوك الكثيرين تعريف الدهاء
وامرأة وحدها , وحدها فقط , علّمتني معنى الثبات على المبدأ وبذل النفس له

آخر من قام بالتعديل برق1; بتاريخ 18-10-2007 الساعة 12:40 PM.
برق1 غير متصل