عمر بهاء الدين الأميري..وقصيدة ( أب ) !
إلى كلّ من ضيّع أولاده وتركهم , إلى كلّ قساة القلوب , إلى كلّ أبٍ فض غليظ , ليقرأ هذه القصيدة المؤثرة المعبرة .. .لن أتكلم فالقصيدة تتحدثُ عن أورع المشاعر وأنبلها ...
ياه ... أيها الأميري ما أرقَ قلبك وأعذبَ لسانك :
أين الضجيج العذب والشغـبُ****أين التدارس شابـه اللعـب؟
أيـن الطفولـة فـي توقدهـا****أين الدمى في الأرض والكتب؟
أين التشاكس دونمـا غـرض****أين التشاكـي مالـه سبـب؟
أين التباكي والتضاحـك فـي****وقت معا ، والحزن والطرب؟
أين التسابق فـي مجاورتـي****شغفا إذا أكلـوا وإن شربـوا؟
يتزاحمـون علـى مجالستـي****والقرب مني حيثمـا انقلبـوا؟
يتوجهـون بسـوق فطرتهـم ****نحوي إذا رهبوا وإن رغبـوا
فنشيدهم: (بابـا) إذا فرحـوا****ووعيدهم: (بابا) إذا غضبـوا
وهتافهم: (بابـا) إذا ابتعـدوا****ونجيهم: (بابـا) إذا اقتربـوا
بالأمس كانـوا مـلء منزلنـا****واليوم، ويح اليوم قـد ذهبـوا
وكأنما الصمت الذي هبطـت ****أثقاله فـي الـدار إذ غربـوا
إغفـاءة المحمـوم هدأتـهـا****فيهـا يشيـع الهـم والتعـب
ذهبوا ، أجل ذهبوا ،ومسكنهم****في القلب ، ما شطوا وما قربوا
إنـي أراهـم أينمـا التفتـت ****نفسي وقد سكنوا ، وقد وثبـوا
وأحس فـي خلـدي تلاعبهـم ****في الدار ليس ينالهـم نصـب
وبريق أعينهـم ، إذا ظفـروا****ودمـوع حرقتهـم إذا غلبـوا
في كـل ركـن منهـم أثـر****وبكـل زاويـة لهـم صخـب
في النافذات زجاجها حطمـوا****في الحائط المدهون قد ثقبـوا
في الباب قد كسروا مزالجـه ****وعليه قد رسموا وقـد كتبـوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا****في علبة الحلوى التـي نهبـوا
في الشطر من تفاحة قضمـوا****في فضلة الماء التـي سكبـوا
إني أراهـم حيثمـا اتجهـت****عيني كأسراب القطا سربـوا
بالأمس في (قرنايـل) نزلـوا****واليوم قـد ضمتهـم (حلـب)
دمعـي الـذي كتمتـه جلـدا****لمـا تباكـوا عندمـا ركبـوا
حتى إذا ساروا وقـد نزعـوا****من أضلعي قلبـا بهـم يجـب
ألفيتـي كالطـفـل عاطـفـة****فـإذا بـه كالغيـث ينسكـب
قد يعجب العذال مـن رجـل ****يبكي ، ولو لم أبكي فالعجـب
هيهات ما كـل البكـا خـور****إني وبي عـزم الرجـال.. أبُ
تحياتي ..
__________________
***إنَّ الصعوبات هي تحدّ خلاق لأنه يستحث الرّد عليها ***
آخر من قام بالتعديل رجل الثلج; بتاريخ 21-10-2007 الساعة 09:57 PM.
|